الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

عامان من الإبادة في غزة.. نتنياهو يطيل أمد الحرب للبقاء في منصبه

  • مشاركة :
post-title
الإسرائيليون يتظاهرون يوميًا للمطالبة بالتوصل لصفقة تعيد ذويهم من غزة

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

على مدار عامين من حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على غزة، وقف نتنياهو، حائلًا دون اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع لاستعادة المحتجزين هناك، وبدلاً من ذلك، عمل على إطالة أمد الحرب، لضمان استمراره في منصبه.

ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر 2023، رفض رئيس حكومة الاحتلال الدعوات الدولية لوقف الحرب، ومضى قدمًا في إبادة القطاع الفلسطيني، بذريعة القضاء على حماس واستعادة المحتجزين، وهو الهدف الذي فشل جيش الاحتلال في تحقيقه حتى الآن.

ويتخوف نتنياهو من انهيار ائتلافه الحكومي الذي يضم عددًا من الوزراء المتطرفين، حال التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار مع الفصائل الفلسطينية في غزة لاستعادة المحتجزين في القطاع.

ومع نجاح الجهود المصرية والقطرية في التوصل لهدنة مؤقتة لعدة أيام في نوفمبر 2023، تم خلالها إبرام صفقة تبادل جزئية، أفسد رئيس حكومة الاحتلال جهود الوسطاء، التي تهدف لتمديد الهدنة، لإدراكه بأن أي مفاوضات سياسية ستؤدي في النهاية لوقف الحرب، وبالتالي سقوط ائتلافه الحكومي الذي يتمسك بإبادة الفلسطينيين وعدم الالتفات إلى حياة أي محتجز إسرائيلي في غزة.

وأصر نتنياهو على اجتياح رفح الفلسطينية المكدسة بالنازحين، في مايو 2024، رغم التحذيرات القوية من إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، من الإقدام على تلك الخطوة المحفوفة بالمخاطر.

وفي 18 مارس العام الجاري 2025، انتهكت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم اعتماده في 19 يناير، واستأنفت عدوانها على قطاع غزة.

ويعتقد أكثر من نصف الإسرائيليين أن الحرب على غزة، المستمرة منذ عامين، تطول بسبب "اعتبارات سياسية" لنتنياهو، كما كشف استطلاع سابق أجرته "القناة 12" الإسرائيلية.

وضاق الداخل الإسرائيلي ذرعًا من نتنياهو، ومحاولاته المستمرة لنسف جهود الوساطة الرامية لوقف إطلاق النار وإبرام صفقة تبادل للمحتجزين بقطاع غزة، فمن تظاهرات لا تهدأ حدتها إلى تهديدات داخل جيش الاحتلال بالاستقالة.

وطموح نتنياهو السياسي جعل عددًا من كبار الضباط داخل جيش الاحتلال يهددون بتقديم استقالتهم، إذ أكدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أن كبار الضباط الإسرائيليين يتهمون نتنياهو وحكومته بالتلاعب المستمر والتهرب من قرارات جريئة تنهي الحرب.

ونقلت الصحيفة أيضًا عن مصادر عسكرية قولها، إن محاولات نتنياهو المستمرة للتنصل من مسؤولياته واستعانته بالوزيرين المتطرفين في حكومته إيتمار بن جفير وبتسئيل سموتريتش هما السببان المباشران لتصعيد الأوضاع في غزة أو في الضفة الغربية المحتلة.

وخرجت مسيرات حاشدة لمئات الآلاف من المحتجين الإسرائيليين، طالبوا نتنياهو بالتنحي عن منصبه، وإبرام صفقة جديدة للإفراج عن المحتجزين في غزة. وخلال المسيرات، رفع المتظاهرون الإسرائيليون لافتات تطالب بسقوط نتنياهو وحل حكومة الاحتلال لفشلها في استعادة المحتجزين من غزة.

وتناولت وسائل إعلام إسرائيلية التحذيرات المتصاعدة من احتمال أن يعمد نتنياهو إلى إفشال خطة السلام الأمريكية المرتقبة عبر ما وُصف بـ"ألاعيبه المعتادة"، مدفوعًا برغبته في البقاء في الحكم، وتجنب أي تسوية قد تقيد تحركاته السياسية أو تضعف قبضته على السلطة.

ورأى محللون إسرائيليون أن التاريخ السياسي لنتنياهو يعج بمحاولات متكررة لإحباط المبادرات والصفقات، سواء مع الفلسطينيين أو بوساطات دولية، معتبرين أن "الصفقة الحالية" التي يرعاها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لن تكون استثناء ما لم تمارس عليه ضغوط حقيقية تحول دون تعطيلها.

ودعا رئيس حزب "الديمقراطيين" الإسرائيلي المعارض يائير جولان، في تصريحات نقلتها "القناة 13 " العبرية، إلى عدم الإفراط في التوقعات، قائلاً إن حكومة نتنياهو رفضت مرارًا فرص إبرام صفقات سابقة، مذكّرا بأن الاتفاق الأخير "فرض على الحكومة فرضًا"، ما يتطلب وضع سقف واقعي للتطلعات بشأن تنفيذه.

وأضاف جولان أن وتيرة التنفيذ لن تكون كما يتخيل البعض، رغم الضغط الأمريكي الذي قد يسفر عن نتائج لاحقًا، لكنه شدد على ضرورة التعامل بحذر مع نوايا نتنياهو الذي لطالما عرقل الاتفاقات حين شعر بأنها قد تنتقص من مكانته السياسية.

بدورها، أيدت عضو الكنيست عن حزب "يوجد مستقبل" المعارض كارين الحرار هذه الرؤية، مشيرة إلى أن نتنياهو "لم يرد يومًا تلك الصفقات ولم يسع إليها، بل تجاهلها عمدًا"، على حد وصفها. وأكدت أن هذا الموقف لا يعبر عنها وحدها بل يتقاسمه أعضاء سابقون في المجلس الوزاري المصغر الذين شهدوا سلوكه في محطات تفاوضية سابقة.

أما القائد السابق للفريق الشمالي نوعام تيبون، فاستعاد واقعة تعود إلى أكتوبر 2023 حين وصلت رسالة من قطر تفيد باستعداد حركة حماس لإطلاق النساء والأطفال والمسنين، مقابل الإفراج عن معتقلين قاصرين، إلا أن نتنياهو رفض مناقشة العرض.

وأوضح تيبون أن بعض المحتجزين ومنهم شيري وكفير وأريئيل، كانوا على قيد الحياة في تلك الفترة، لكنهم لقوا حتفهم لاحقًا، معتبرًا أن رفض نتنياهو المتكرر لتلك المبادرات أدى إلى "دفع حياة الناس ثمنًا"، في إشارة إلى فشل محاولات سابقة لإتمام صفقات تبادل.

من جانبها، شددت عبير جولدشتاين، وهي قريبة قتيلين في هجوم 7 أكتوبر، على أن 43 محتجزًا كانوا على قيد الحياة وقت أسرهم، لكنهم لقوا حتفهم بسبب "الضغط العسكري الإسرائيلي المباشر أو غير المباشر"، بحسب قولها، مؤكدة أن لجنة التحقيق الرسمية المرتقبة يجب أن تتناول كذلك "قضية إحباط الصفقات".

أما المستشار الإعلامي السابق لنتنياهو، أفيف بوشينسكي، فقد أقر بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية غالبًا ما يتصرف بدافع من رغبته في الاستئثار بالإنجازات، قائلاً إن نتنياهو ظهر للإعلام؛ ليؤكد أنه هو من قرر "القتال خلافًا لرأي الجيش"، وأنه ضغط ونجح في مسعى لإعادة نسب أي نجاح إليه شخصيًا.

وأضاف بوشينسكي أن نتنياهو يحاول ترويج رواية تُنسب إليه الفضل في طرح صفقة لإعادة جميع المحتجزين "منذ اللحظة الأولى"، لكنه في الواقع سعى مرارًا لطمس تلك الجهود أو تأخيرها؛ كي لا تحسب لغيره.

وفي مداخلة لاحقة، عاد يائير جولان ليؤكد أن فرص التوصل إلى صفقات تبادل تكررت في مارس ومايو 2024 لكن نتنياهو أحبطها مذكّرًا بمحاولة وصفها بـ"الواضحة تمامًا" عندما سعى عبر صحيفة "بيلد" الألمانية، إلى تقويض مبادرة كانت قيد النقاش آنذاك.

وأضاف جولان أن نتنياهو انتهك لاحقًا الاتفاق المبرم في مارس 2025، الأمر الذي وصفه بـ"اعتداء على الوحدة الإسرائيلية وعلى الأمن القومي"، مشددًا على أن التخلي عن المحتجزين "جريمة سياسية وأخلاقية" ينبغي ألا تمر دون محاسبة.

الوزير الإسرائيلي السابق يئزهار شاي، الذي فقد ابنه في هجوم 7 أكتوبر، قدم بدوره قراءة أكثر عمقًا لشخصية نتنياهو، موضحًا أنه يرى نفسه "حامي إسرائيل" ويعتقد أن بقاءه في الحكم مصلحة وطنية عليا، لذلك يسعى لتكريس وجوده بأي وسيلة.

وأشار "شاي" إلى أن نتنياهو لم يسع يومًا إلى اتفاق سياسي في غزة، بل سمح له بالتحرك بحرية دون انضباط؛ ما أدى إلى نتائج "كارثية" على حياة الجنود والمحتجزين، محذّرًا من أن استمرار هذا النهج قد يفضي إلى انتكاسات جديدة ما لم يظل الرئيس الأمريكي يقظًا لما وصفها بـ"ألاعيب نتنياهو المعتادة".