في إنجاز هو الأول من نوعه عربيًا، حصل المصري الدكتور خالد العناني على منصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، اليوم الاثنين، خلفًا للفرنسية أودري أزولاي.
وحقق العناني فوزًا كاسحًا في انتخابات المجلس التنفيذي لليونسكو بحصوله على 55 من أصل 57 صوتًا، كأول عربي وثاني إفريقي يعتلي عرش اليونسكو.
فمن هو المدير الجديد لمنظمة اليونسكو؟
الدكتور خالد أحمد العناني، هو عالم المصريات ووزير الآثار والسياحة الأسبق، يُعد أحد أبرز الوجوه المصرية في مجالي الآثار والسياحة، وواحدًا من القلائل الذين جمعوا بين الخبرة الأكاديمية والإدارة التنفيذية على أعلى المستويات.
وُلد العناني في محافظة الجيزة عام 1971، وتخرّج في كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان، قبل أن يحصل على درجة الدكتوراه في علم المصريات من جامعة بول فاليري مونبلييه 3 في فرنسا عام 2001، ثم درس السياحة والإرشاد في جامعة حلوان، ليصبح أحد أبرز الباحثين في التراث الإنساني القديم.
على مدى مسيرته الأكاديمية، قدّم العناني إسهامات مهمة في دراسة الحضارة المصرية القديمة، وعمل أستاذًا بجامعة حلوان، كما شغل مناصب أكاديمية وإدارية عدة، أبرزها رئاسة قسم الإرشاد السياحي، ثم وكالة الكلية لشؤون التعليم والطلاب.
لم يكن طريقه أكاديميًا فقط، فمنذ تعيينه وزيرًا للآثار في حكومة المهندس شريف إسماعيل عام 2016، تميَّز العناني بقدرته على الجمع بين الدقة العلمية والروح البراغماتية في مهامه الوزارية.
وفي حكومة الدكتور مصطفى مدبولي الأولى عام 2019، بعد إضافة وزارة السياحة إلى مهامه، أشرف العناني بنفسه على دمج وزارتي السياحة والآثار، ما أدى إلى تحقيق تآزر غير مسبوق بين وزارتين كانتا منفصلتين منذ عام 1966.
وفي عهده كوزير للسياحة، افتُتح المتحف القومي للحضارة المصرية، ونُظم موكب المومياوات الملكية الذي أذهل العالم، إلى جانب تطوير المتحف المصري بالتحرير، ومشروعات ترميم كبرى في الأقصر وسقارة.
افتتح خلال فترة ولايته الوزارية أكثر من خمسين مشروعًا لترميم المواقع والمباني والقصور الأثرية، والمباني الدينية التاريخية، بحسب الموقع الرسمي لمنظمة "اليونسكو" على شبكة الإنترنت.
تمكن من إنجاح عمل أكثر من 300 بعثة أثرية مصرية ومشتركة وأجنبية قادمة من 25 دولة، ما أدى إلى اكتشافات أثرية مهمة توسع نطاق فهمنا الجماعي للحضارة المصرية، وتزيد من معرفتنا بتاريخ الإنسانية.
كما عمل على تنفيذ مشروعات إنقاذ تهدف إلى خفض منسوب المياه الجوفية من أجل حماية العديد من المواقع الأثرية، لا سيما موقع أبو مينا، الذي أدرجته "يونسكو" على قائمة التراث العالمي المُعرض للخطر في عام 2001.
يُعد العناني رمزًا للاحترام العميق للتنوع الثقافي، والإيمان القوي بالسلام من خلال الحوار المتبادل، إذ يؤمن بفاعلية النظام متعدد الأطراف في معالجة التحديات العالمية المعاصرة.
عمل على ترميم دور العبادة لمختلف الأديان، مثل جامع الأزهر الشريف، والكنائس والأديرة القبطية، ولا سيما الواقعة على مسار "رحلة العائلة المقدسة"، والآثار اليهودية مثل معبد إلياهو هانبي في الإسكندرية.
كما أشرف على تقديم ملف "الاحتفالات المرتبطة برحلة العائلة المقدسة إلى مصر" إلى "يونسكو"، قبل أن يتم إدراجه على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.
تكريم دولي
نال العناني وسام فارس في الفنون والآداب من فرنسا عام 2015، ووسام الاستحقاق من بولندا عام 2020، ووسام الشمس المشرقة من اليابان عام 2021، تقديرًا لدوره في دعم التعاون الثقافي الدولي وحماية التراث الإنساني، وهو ما يجعل ترشحه لمنصب مدير عام "اليونسكو"، وفوزه لفترة 2025–2029، خطوة منطقية في مسيرة رجل جمع بين العلم والدبلوماسية والرؤية الحضارية.