سلطت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، الضوء بشكل رئيسي على الخطة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة، عقب اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الاثنين، إذ رأت أنها، وإن تُعد أعظم جهدٍ أمريكي في هذا الملف، فإنها يجب أن تُستقبل بتفاؤلٍ حذر.
شبكة "سي إن إن" وصفت تصريحات ترامب عن نتائج الخطة المتوقعة، والتي قال إنها ستحمل "أعظم أيام الحضارة"، بـ"المبالغة"، مؤكدة أن الغرض منها رفع سقف التوقعات إلى مستويات غير مسبوقة.
أزمة إنسانية وضغط دولي
وتأتي هذه المبادرة في وقت تشهد فيه غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة خلّفت آلاف الشهداء ومئات الآلاف من الجرحى. ويأمل مؤيدو الخطة أن تفتح الباب أمام معالجة أوسع للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إذا ما نُفذت بالكامل.
وعلى عكس الرؤى السابقة التي طرحها ترامب، مثل مزاعمه تحويل غزة إلى "ريفيرا الشرق الأوسط"، تبدو الخطة الجديدة أكثر واقعية، إذ تعتمد مقاربة تدريجية قد تمتد لعدة أشهر، وتقر بأن الصراع الدموي لا يمكن إنهاؤه بصفقات سريعة على طريقة "فن عقد الصفقات".
وترى "سي إن إن" أن خطة ترامب الجديدة تبدو أكثر جهود الإدارة الأمريكية جوهريةً وعمقًا وتأييدًا واسعًا لإنهاء حرب غزة حتى الآن، وإذا ما طُبقت بالكامل، فإنها نظريًا تبشر بمستقبل أفضل للفلسطينيين في القطاع، وتهيئ مساحةً لعملية وساطة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حال تم ترسيخها.
وأكدت الشبكة الأمريكية أن الخطة الحالية أكثر واقعية ونهجها التدريجي، الذي يُرجح أن يستمر لأشهر عديدة، يقر بأن صراعًا ضاريًا كهذا لا يمكن إنهاؤه بمثل هذه المقايضات السطحية، التي يتعامل معها ترامب كـ "قطب عقاري".
وترى "سي إن إن" أن ادعاء ترامب بأن حل "الأمور التي استمرت لمئات وآلاف السنين" بات قريبًا للغاية، لا ينبغي أن يُستقبل إلا بقدر من التفاؤل المتحفظ.
مضمون الخطة
وتتضمن المبادرة وقفًا فوريًا لإطلاق النار، وإفراجًا عن المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس مقابل الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، فضلًا عن انسحاب إسرائيل تدريجيًا من القطاع، ونزع سلاح حماس، وكذلك نزع الطابع العسكري عن غزة.
كما تدعو المبادرة الجديدة إلى تشكيل حكومة انتقالية تُشرف عليها هيئة دولية تُسمى "مجلس السلام" برئاسة ترامب، يضم شخصيات فلسطينية تكنوقراطية، مع انضمام رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.
وبدوره، قدّم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يواجه عزلة دولية متزايدة وضغوطًا داخلية، دعمه العلني للخطة، معتبرًا أنها تحقق أهداف إسرائيل.
سجل نتنياهو الطويل في المناورة مع الإدارات الأمريكية السابقة يثير الشكوك بشأن التزامه الفعلي، إذ يرى مراقبون أنه ربما يراهن على رفض حماس للخطة، بما يمنحه الضوء الأخضر لمواصلة العمليات العسكرية في غزة.
هل يضغط ترامب على نتنياهو؟
للمرة الأولى، بدا أن ترامب يلوّح باستخدام نفوذه على نتنياهو، إذ أجرى مكالمة بينه وبين رئيس وزراء قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثان، ودفعه إلى الاعتذار عن مقتل جندي قطري خلال غارة إسرائيلية على الدوحة لاستهداف قادة حماس. وفُسّرت هذه الخطوة من قِبل البعض كإشارة إلى استعداد ترامب للضغط على حليفه الإسرائيلي.
ورغم الدعم العربي والأوروبي الواسع للخطة، تُبدي حماس رفضًا واضحًا لبعض بنودها الأساسية، خصوصًا تسليم المحتجزين خلال 72 ساعة ونزع السلاح، وفق "سي إن إن".
وقال عضو مكتبها السياسي، غازي حمد، في مقابلة مع الشبكة الأمريكية: "إسرائيل غير جادة بالسلام"، مستشهدًا بمحاولة اغتياله وقياديين آخرين في الدوحة.
وأضاف أن الخطة تمنح نتنياهو فرصة لاستئناف الحرب بمجرد استعادة الأسرى.
ويرى محللون فلسطينيون، مثل مصطفى البرغوثي، أن الخطة مليئة بـ "الألغام"، وأبرزها غياب ضمانات تمنع إسرائيل من استئناف الحرب بعد استعادة المحتجزين، كما أن فكرة وجود مجلس دولي يُشرف على غزة، بمشاركة توني بلير، تستحضر لدى الفلسطينيين ذكريات "الاستعمار البريطاني" وتثير رفضًا واسعًا.