الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

برؤية ترامب.. كيف تكتب أمريكا استراتيجية أمنها القومي؟

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

ذكر مركز الأبحاث الأمريكي "أتلانتيك كاونسل" أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على وشك الانتهاء من صياغة استراتيجية الأمن القومي، في وقت يلزم فيه الكونجرس منذ ثمانينيات القرن الماضي كل إدارة رئاسية بإعداد وثيقة توضح التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة والسياسات المعتمدة لمواجهتها.

وأشار المركز إلى أنه في سبيل تقديم النصائح لفريق ترامب، جرى التواصل مع مسؤولين سابقين شاركوا في إعداد استراتيجيات الأمن القومي في إدارات جورج دبليو بوش وباراك أوباما وجو بايدن، حيث عرض هؤلاء رؤاهم بشأن أولويات الوثيقة المقبلة وطرق التعامل مع التحديات الجديدة.

أخطاء شائعة

أوصى الخبراء بأن تكون الاستراتيجية انعكاسًا لرؤية الرئيس نفسه، لا مجرد حصيلة توافق داخل الحكومة، وحذروا من خطأين أساسيين الأول هو ما يوصف بـ"شجرة عيد الميلاد"، أي إضافة جميع القضايا دون تنسيق أو انسجام، والثاني هو تلطيف النقاط الجوهرية حتى تفقد أثرها.

وأكدت الرؤى التي نقلها "أتلانتيك كاونسل" أن وجود فريق صغير لصياغة الوثيقة مع إشراف مباشر من الرئيس أو مستشار الأمن القومي يضمن وثيقة متماسكة تتجاوز تضارب مصالح الوكالات الحكومية.

وأشار المركز إلى أن إدارة ترامب الأولى أصدرت وثيقة ذات تأثير، لكنها لم تعكس بالضرورة رؤيته الخاصة، حيث بدت التعليقات الرسمية للرئيس حينها منفصلة عن محتوى الاستراتيجية.

رؤية ترامب

وتوقع المركز أن تسعى الإدارة الجديدة لترامب إلى إصدار استراتيجية تعكس رؤيته للعالم بشكل أوضح، رغم المخاوف من تعارض هذه الرؤية مع التقاليد الاستراتيجية الأمريكية خصوصا فيما يتعلق بالتحالفات والعلاقة مع الصين وروسيا.

وأوضح التقرير أن الاستراتيجية المقبلة قد تختلف كثيرا عن وثيقة 2017، وربما تتحول من التركيز على المنافسة مع القوى الكبرى إلى إعطاء الأولوية لتهديدات قريبة من الداخل الأمريكي في نصف الكرة الغربي.

وبيّن أن الرؤساء السابقين كانوا عادة يصدرون تحديثات خلال فترتهم الثانية، لكن هذه المرة ستكون الوثيقة محاولة لإعادة صياغة رؤية ترامب بعد ثماني سنوات على استراتيجيته الأولى.

تحديات الصياغة

أوضح أحد مؤلفي استراتيجية الأمن القومي في إدارة بايدن أن كتابة هذه الوثيقة تواجه ضغوطًا كبيرة من داخل الحكومة وخارجها، فالأطراف الحكومية تحاول إدراج أولوياتها عبر آلاف التعديلات، بينما تسعى السفارات الأجنبية ومراكز الفكر وجماعات المصالح لضمان ذكر مصالحها.

وبيّن "أتلانتيك كاونسل" أن هذه المدخلات قد تثري التحليل وتزيد من قابلية الاستراتيجية للتنفيذ، لكنها في الوقت نفسه تهدد بتحويل الوثيقة إلى نص مشتت الأهداف ومثقل بالمطالب الضيقة.

وأكد المركز أن جوهر الاستراتيجية يجب أن يعكس بشكل أساسي أولويات الرئيس نفسه، حتى تكون أداة فعالة لتوجيه السياسة وتوضيح ملامحها للداخل والخارج.

عناصر أساسية

أوصى التقرير بالتركيز على أربعة عناصر أساسية أولها "السبب" المتمثل في الالتزام القانوني الذي يفرضه قانون جولدووتر-نيكولز لعام 1986، و"لماذا" أي ضرورة أن توجه الوثيقة تنفيذ السياسات وتعكس مصالح الولايات المتحدة، و"لمن" أي إشراك كبار المسؤولين في النقاش مع إبقاء القرار النهائي بيد الرئيس، و"الكيفية" التي تضمن صياغة قابلة للتنفيذ ومرتبطة بقياسات محددة لتتبع التقدم.

وأشار المركز إلى أن هذه الخطوات تساعد على تحقيق التوازن بين الطموح السياسي والتنفيذ العملي، كما تمهّد الطريق للتعاون مع الكونجرس في مسألة التمويل والمراقبة.

منطق الرئيس

أكد "أتلانتيك كاونسل" أن التحدي الأكبر هو أن تُكتب الاستراتيجية بصوت الرئيس لتعكس بصدق رؤيته لدور الولايات المتحدة في العالم، فالوثيقة يجب أن تتجاوز مجرد خطاب سياسي إلى نص يواجه التساؤلات الصعبة ويوضح خيارات السياسة.

وأوضح المركز أن المطالبة بتحديد أولويات صارمة داخل الوثيقة غالبًا ما تصطدم باعتبارات سياسية ودبلوماسية، إذ قد يؤدي ذكر حليف دون آخر إلى تعقيدات غير مرغوبة.

ورغم ذلك، فإن الاستراتيجيات الجيدة تكشف ضمنيًا أولويات الرئيس من خلال القضايا التي يتم التركيز عليها، وهو ما يجعلها انعكاسًا لمنطقه السياسي.