الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

نشوة وتشكك.. رد فعل أوروبا على تصريحات ترامب المؤيدة لأوكرانيا

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

جاء رد الفعل الأوروبي على التصريح الأكثر تأييدًا لأوكرانيا، الذي أدلي به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مزيجًا من النشوة والتشكك، وفق مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.

وذكرت المجلة أن ترامب فاجأ المسؤولين الأوروبيين بتصريحه الأكثر تأييدًا لأوكرانيا حتى الآن، وهو تأكيد جريء على أن كييف لا تستطيع فقط كسب حربها ضد روسيا، بل أيضًا استعادة كل شبر من الأراضي التي فقدتها.

وقالت المجلة إن منشور ترامب على "تروث سوشيال"، الذي نُشر مباشرة عقب لقاء الرئيس الأمريكي بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، كان لافتًا لسببين، الأول أنه ناقض تأكيداته السابقة بأن أوكرانيا لا يمكنها أبدًا أن تأمل في الانتصار على عدوها الأكبر. والثاني أنه خالف الرؤية السابقة لإدارته لكيفية إنهاء حرب أوكرانيا، أي بتسوية تفاوضية تتنازل فيها كييف عن أراضٍ لروسيا.

وأضافت أن مسؤولي الاتحاد الأوروبي الذين حاولوا فهم هذا التحول الواضح كانوا محاصرين بين النشوة والتشكك، مشيرين إلى أن ترامب يغير موقفه بشكل متكرر، وقد يفعل ذلك مرة أخرى بعد مكالمة مقنعة مع زعيم آخر، وهو الواقع الذي جعل من الصعب بشكل متزايد على القادة صياغة استجابة للحرب المستمرة والاستفزازات الأخيرة من موسكو في المجال الجوي الأوروبي بعيدا عن أوكرانيا.

ومع ذلك، كان رد الفعل الفوري للوفد فرحًا معتدلًا بنبرة الرئيس الأمريكي الجديدة اللاذعة. وقال مسؤول أوروبي في نيويورك مازحًا: "إنه الأصعب حتى الآن"، في إشارة إلى طبيعة موقف ترامب المؤيد لأوكرانيا، وأضاف: "لكنه دائمًا ما يكون على بُعد مكالمة هاتفية واحدة من بوتين ليفعل شيئا غير رائع".

قدّم "ترامب" بعض الرؤى حول كيفية تحول تفكيره خلال لقاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أعرب خلاله عن خيبة أمله من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقال الرئيس الأمريكي: "كنت أعتقد أن هذه ستكون أسهل حرب يمكن إيقافها بفضل علاقتي ببوتين، لكن للأسف لم تحدث هذه العلاقة أي فرق".

كرر "ترامب" النبرة نفسها في خطابه الرسمي أمام الجمعية العامة للأمم، أمس الثلاثاء، قائلًا إن "فشل بوتين في كسب حربه ضد أوكرانيا لا يحسّن صورة روسيا". وكرر ذلك لاحقًا بإجابته بـ "نعم" عندما سئل عما إذا كان ينبغي لدول حلف شمال الأطلسي" الناتو" إسقاط الطائرات الروسية التي تنتهك مجالها الجوي، وهو ما أصبح متكررًا بشكل متزايد.

قال ماكرون: "أرحب بالتعليقات التي أدلى بها رئيس الولايات المتحدة قبل ساعات قليلة، التي أكدت على الضعف التدريجي للاقتصاد الروسي. وأرحب برؤية الرئيس الأمريكي بقدرة أوكرانيا ليس فقط على الصمود، بل أيضًا على فرض احترام حقوقها".

بالنسبة للأوروبيين، الذين قضوا شهورًا في محاولة إقناع ترامب بأن بوتين يتحمل المسؤولية الكاملة عن الحرب، فإن التغيير الواضح في الرأي جاء أيضًا بمثابة تبرير لجهودهم الخاصة.

في حديثها للصحفيين خارج مبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، رحّبت كبيرة الدبلوماسيين الأوروبيين، كايا كالاس، بمنشور ترامب، واعتبرته دليلًا على تغيير في موقفه. وقالت: "لقد أدلى بتصريح قوي للغاية لم نسمعه من قبل، وهذا يظهر بوضوح توافقنا في الرأي".

وقد يشجع هذا المنشور أيضًا رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي تعرضت لانتقادات في الأشهر الأخيرة بسبب تساهلها مع ترامب، وتحديدًا لموافقتها على اتفاقية تجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تم وصفها على نطاق واسع بأنها "إهانة" لبروكسل.

يبدو الآن أن نهجها قد يؤتي ثماره، على الأقل فيما يتعلق بأوكرانيا. في لقائها مع ترامب قبل ساعات قليلة من نشره منشوره على "سوشيال تروث"، تمسكت فون دير لاين بموقفها، قائلة: "ترامب محق تمامًا" بشأن ضرورة انسحاب أوروبا من الطاقة الروسية. وتعهدت قائلة: "نحن بصدد ذلك".

كما شهدت علاقة فون دير لاين بترامب تطورًا ملحوظًا منذ توليه منصبه، وفقًا لمسؤول في الاتحاد الأوروبي. وتجري رئيسة المفوضية الأوروبية الآن اتصالات هاتفية متكررة مع الرئيس الأمريكي، مستغلة هذه الاتصالات لتنبيهه، من بين أمور أخرى، إلى هجوم روسيا على بعثة الاتحاد الأوروبي في أوكرانيا، بالإضافة إلى قضية أطفال أوكرانيا المختطفين من قبل روسيا.

أجرى ترامب محادثة "عميقة للغاية" مع فون دير لاين بشأن الجولة الأخيرة من العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا، أمس الثلاثاء، حيث أبدى الرئيس الأمريكي اهتماما خاصا بالتدابير التي تستهدف الأصول الصينية.

ووسط المفاجأة والبهجة الأولية، أعرب العديد من مسؤولي ودبلوماسي الاتحاد الأوروبي عن شكوكهم العميقة في أن منشور ترامب قد لا يكون سوى محاولة لاستفزاز بوتين، وهي محاولة لن تحدث أي تغيير حقيقي في السياسة الأمريكية.

وتعلق "بوليتيكو" قائلة: "في الواقع، بعد أشهر من محاولات إقناع ترامب بفرض رسوم جمركية أو عقوبات على الاقتصاد الروسي، يتضاءل الأمل في أي موافقة أمريكية في أوروبا. والثقة في كلمات ترامب -مهما بدت مشجعة- ضئيلة للغاية".

ونقلت المجلة عن أحد حلفاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: "لحُسن الحظ، ما يقوله ترامب في يوم ليس ما يقوله في اليوم الذي يليه".