ليلة حافلة بالمفاجآت عاشها صنّاع الدراما التلفزيونية مع إعلان جوائز إيمي لعام 2025، كشف عن صعود أسماء جديدة وأرقام قياسية تتحقق للمرة الأولى، وإنجازات شخصية لنجوم عرفوا الطريق إلى التتويج، كما لم تخلو الليلة من دعم النجوم للقضية الفلسطينية، التي باتت تفرض نفسها بقوة على مختلف الأحداث والفعاليات الفنية الكبرى، كما كان الحفل بمثابة مرآة عاكسة للتوترات التي تعيشها أمريكا اليوم، وجزءًا من مشهد سياسي وثقافي أوسع.
المسلسل البريطاني Adolescence "مراهق العائلة" خطف الأضواء بـ6 جوائز دفعة واحدة، بينها أفضل مسلسل محدود، ليؤكد حضور الإنتاج الأوروبي في الساحة الأمريكية. اللافت أن أوين كوبر أصبح أصغر ممثل يحقق فوزًا في أي فئة تمثيل، وهو ما فتح باب الحديث عن جيل جديد من النجوم الشباب القادرين على منافسة المخضرمين، حسبما ذكرت صحيفة "هوليوود ريبورتر".
أما مسلسل The Studio "الاستوديو" فجعل من سيث روجن نجم الأمسية، بعدما حصد 4 جوائز شملت أفضل مسلسل كوميدي وأفضل ممثل، بجانب الإخراج والكتابة بالشراكة مع إيفان جولدبرج. هذا الفوز عزز مكانة روجن كأحد المبدعين القلائل القادرين على الجمع بين التمثيل وصناعة الكوميديا من خلف الكاميرا.
في فئة الدراما، فاجأ The Pitt "مستشفى بيتسبرج" الجميع بانتزاع لقب أفضل مسلسل، متفوقًا على منافسين بارزين، فيما حقق نواه وايلي جائزة أفضل ممثل درامي. المفاجأة الكبرى كانت فوز كاثرين لاناسا كأفضل ممثلة مساعدة، متخطية نجمات The White Lotus "اللوتس الأبيض" ومنهم كاري كون وإيمي لو وود.
إنجازات وطابع إنساني
ولم تخل الليلة من رمزية خاصة، إذ حصل ترامل تيلمان على جائزة أفضل ممثل مساعد في دراما عن Severance، ليصبح أول ممثل ذو بشرة سوداء يحقق هذا الإنجاز. ونالت زميلته بريت لوير جائزة أفضل ممثلة درامية، ليؤكد العمل مكانته كأحد أكثر الإنتاجات تأثيرًا في السنوات الأخيرة.
بينما شهدت المسلسلات الكوميدية تتويج النجمة جان سمارت من جديد عن Hacks، مع فوز شريكتها هانا إينبايندر بجائزة الممثلة المساعدة، في إشارة إلى أن العمل لا يزال يحتفظ بقوته بعد عدة مواسم.
الطابع الإنساني كان حاضرًا أيضًا، إذ نال ستيفن كولبير تصفيقًا مدويًا عند تتويج The Late Show كأفضل برنامج حواري، رغم إيقافه من قبل CBS قبل شهرين فقط. وكأن الجائزة جاءت كوداع رسمي لبرنامج صنع بصمة سياسية وساخرة فريدة.
فلسطين حاضرة دائمًا
جاء حفل توزيع جوائز إيمي هذه المرة محملًا بسياقات سياسية واجتماعية جعلت من الأمسية، إحدى الفعاليات الفنية الكبرى التي تشهد دعم نجومها للقضية الفلسطينية. فبينما كان من المتوقع حسب تقارير إعلامية أن ينعكس اغتيال الناشط المحافظ تشارلي كيرك -الذي هز الولايات المتحدة قبل أيام- على كلمات النجوم، إلا أن معظم الحاضرين في مسرح بيكوك بلوس أنجلوس تجنبوا الخوض في القضية.
فيما حرصت هانا إينبايندر، نجمة Hacks الفائزة بجائزة أفضل ممثلة مساعدة في عمل كوميدي، على أن تختتم كلمتها عقب التتويج بعبارة هجومية ضد وكالة الهجرة الأمريكية ودعوة إلى حرية فلسطين قائلة "حرروا فلسطين". أما زميلتها ميجان ستالتر دعمت الموقف على السجادة الحمراء بحقيبة مكتوب عليها "وقف إطلاق النار".
رسائل حب
في المقابل، فضّل آخرون توجيه رسائل إنسانية عامة تحت عبارات عن الحب، ويمكن قراءتها على ضوء الأحداث. جان سمارت، الفائزة بجائزة أفضل ممثلة كوميدية عن Hacks، اكتفت بالقول "كونوا لطفاء مع بعضكم البعض". أما ستيفن كولبير، الذي حصد لأول مرة جائزة أفضل برنامج حواري عن The Late Show، فاستحضر لحظة تأسيس برنامجه قبل 10 سنوات، قائلًا إنه أراد أن يكون "برنامجًا عن الحب"، مؤكدًا أن التجربة تحولت مع الوقت إلى برنامج عن الخسارة المرتبطة بالحب، وأنه لم يحب بلاده كما يحبها اليوم، وختم بتحية مؤثرة "لتبقى أمريكا قوية وشجاعة.
الرسائل الإنسانية حضرت أيضًا مع ماري ستينبرجن التي تسلمت مع زوجها تيد دانسون جائزة بوب هوب الإنسانية، إذ أكدت أن الحياة مزيج من الحب والخوف، داعية إلى مواجهة الخوف عبر الأعمال الخيرية التي تعيد التوازن نحو الحب. وفي الاتجاه نفسه، شدد كريس أبرجو، رئيس مجلس إدارة أكاديمية التلفزيون، على دور الشاشة الصغيرة في توحيد الناس وسط الانقسامات، قائلًا إن الحياد لم يعد خيارًا وإن على صنّاع التلفزيون أن يكونوا أصواتًا للربط والتعاطف.