أصبح رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون، أمام تحدٍ هائل لمنع انزلاق الكونجرس نحو الفوضى السياسية، بعد مقتل الناشط المحافظ الشاب تشارلي كيرك بالرصاص في ولاية يوتا، والذي أشعل موجة غضب حزبية عارمة تهدد بتدمير الاستقرار الداخلي للمؤسسة التشريعية الأمريكية.
فوضى في الكونجرس
لم تتجاوز المدة الزمنية ساعتين منذ إعلان مقتل كيرك، حتى بادر جونسون بالدعوة لوقفة صمت تكريمًا لروح الناشط الشاب، لكن هذه المبادرة انقلبت بسرعة إلى مشهد من الفوضى والصراخ داخل قاعة المجلس، إذ إنه وفقًا لصحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، اضطر جونسون لطرق مطرقته بقوة في محاولة يائسة لاستعادة النظام، بينما تصاعدت الأصوات الغاضبة من كلا جانبي الممر السياسي.
منذ تلك اللحظة المشحونة، يخوض جونسون معركة شاقة لمنع انجرار المجلس نحو دوامة من الاتهامات الحزبية المتبادلة.
وقد برز كأقوى صوت جمهوري منتخب يدعو للهدوء، محذرًا المشرعين والمواطنين الأمريكيين من تصعيد التوترات سواء في الفضاء الإلكتروني أو على أرض الواقع.
استراتيجية جونسون
وسط هذه الأجواء المشحونة، تبنى جونسون أسلوبًا يحاكي ما اتبعه رؤساء المجلس في السابق، غير أن هذا التوجه يصطدم بواقع سياسي منقسم بشدة يسود أروقة الكونجرس اليوم، وصرح رئيس مجلس النواب للصحفيين "ما سأفعله هو ما فعلته دائمًا"، مؤكدًا التزامه بـ"تهدئة الأجواء وتشجيع الأعضاء على التصرف بكرامة مناصبهم ومعاملة بعضهم البعض بكرامة واحترام".
يدرك جونسون أنه يقف على مفترق طرق صعب، فهو من جهة يقود المجلس بأكمله دون تمييز بين جمهوريين وديمقراطيين، ومن جهة أخرى يتحمل عبء حماية 435 نائبًا من التهديدات المحتملة.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، تحدث عن قلق متزايد يساور نوابًا من الحزبين بشأن أمانهم الشخصي مع اشتداد حدة التوترات السياسية.
أزمة أمنية متفاقمة
الوضع الأمني المتدهور ليس وليد اللحظة، إذ سبق لجونسون أن أشار الأسبوع الماضي، خلال كلمة ألقاها أمام اجتماع رؤساء الهيئات التشريعية لدول مجموعة السبع، إلى ارتفاع ملحوظ في التهديدات الموجهة ضد أعضاء الكونجرس. واستجابة لهذا التطور الخطير، أعلن جونسون عن تسريع مراجعة التمويل المعزز لحماية المشرعين، وهو برنامج تجريبي مقرر انتهاؤه نهاية الشهر الحالي.
"الناس هنا خائفون حتى الموت"، هكذا وصف النائب الديمقراطي جاريد موسكوفيتز من ولاية فلوريدا الأجواء السائدة، مضيفًا أن "كثيرين منهم لن يعترفوا بذلك علنًا، لكنهم يهرعون لرئيس المجلس طلبًا للحماية".
هذا الخوف دفع الجمهوريين للنظر في زيادة المخصصات الأمنية ضمن مشروع قانون التمويل المؤقت للحكومة.
غضب جمهوري
لكن التحدي الأكبر الذي يواجهه جونسون لا يقتصر على توفير الحماية الجسدية، بل يمتد إلى السيطرة على غضب أعضاء حزبه الذين أسرعوا لتوجيه أصابع الاتهام للديمقراطيين، إذ إن النائبة الجمهورية آنا بولينا لونا من فلوريدا انفجرت غضبًا خلال الفوضى التي أعقبت وقفة الصمت، صارخة في وجه الديمقراطيين: "أنتم تسببتم في هذا"، قبل أن تنهال عليهم بوابل من السباب، وفقًا لما رصدته "بوليتيكو".
لم يكتف الغضب الجمهوري بأروقة المجلس، بل تسرب إلى شبكات التواصل الاجتماعي، فنشر النائب ديريك فان أوردن من ولاية ويسكونسن تغريدة عبر منصة "أكس" يعلن فيها أن "المعركة بدأت"، مشبهًا معارضيه بمليشيات النازية في القرن الماضي.
وفي السياق ذاته، أطلق النائب كلاي هيجينز من لويزيانا وعيدًا مبطنًا بالعنف ضد "من ابتهجوا لمقتل تشارلي كيرك"، واصفًا إياهم بألفاظ بذيئة.
في المقابل، اتخذ جونسون، الذي وصف كيرك بأنه "صديق جيد"، مسارًا خطابيًا مختلفًا تمامًا، إذ ظهر على شبكة "سي إن إن" المعادية تقليديًا للجمهوريين، إضافة إلى مقابلة على شبكة "فوكس نيوز" الموالية، حيث قلل من شأن الأزمة داخل القاعة واصفًا إياها بأنها "انعكاس لانفعالات اللحظة"، داعيًا أعضاء حزبه وغيرهم لتهدئة الأجواء.
هذا الموقف المعتدل يأتي رغم إدراك جونسون أنه شخصيًا مستهدف، تمامًا كما حدث مع سلفه الديمقراطي نانسي بيلوسي، التي تأثرت شخصيًا بالعنف السياسي عندما تعرض زوجها بول بيلوسي لهجوم وحشي في منزلهما بسان فرانسيسكو عام 2022.