يستعد جيش الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ مخطط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو باجتياح مدينة غزة والسيطرة عليها، وهو هدف بعيد المنال، وفق صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية.
وذكرت الصحيفة أن نتنياهو، قبيل الهجوم البري الإسرائيلي على رفح الفلسطينية عام 2024، زعم أن المدينة الواقعة جنوب غزة هي آخر معقل لحماس، وأن "النصر في متناول اليد". وبعد أكثر من عام ونصف، يزعم مجددًا أن الحرب ستقترب من نهايتها إذا سيطر جيشه على مدينة غزة شمالي القطاع، وما يصفه بأنه "آخر معقل مهم" لحماس.
وترى الصحيفة أن هزيمة حماس بشكل كامل لا تزال بعيدة المنال، رغم أن الجيش الإسرائيلي نجح في إضعاف الحركة في مختلف أنحاء القطاع.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الجمعة، أن الجيش الإسرائيلي يستعد لبدء عملية الاجتياح البري الكامل لمدينة غزة. وأوضحت صحيفة يديعوت أحرونوت أن من المقرر انتشار المئات من ناقلات الجند المدرعة والدبابات وجرافات D9 في الحقول القريبة من شمال غزة، على أن تتقدم هذه القوات المدرعة التابعة للفرقتين 98 و162 إلى داخل القطاع.
وأضافت وول ستريت جورنال أن الجيش الإسرائيلي يعلن سيطرته العملياتية على أكثر من 40% من مدينة غزة وقصف 360 هدفًا مختلفًا، بما في ذلك عدة أبراج شاهقة، إلا أن إسرائيل سبق أن حققت تقدمًا مماثلًا في بداية الحرب، قبل أن تعود حماس للظهور في أماكن أخرى.
وتُعزى طبيعة تكرار المعارك جزئيًا إلى حرب العصابات، حيث ينزح مقاتلو حماس مع السكان مع اقتراب الجيش الإسرائيلي، تاركين خلفهم مجموعات صغيرة تحاول إلحاق الضرر بالقوات، حتى لو لم تتمكن من هزيمتها.
ويرى منتقدو النهج الإسرائيلي أن جزءًا من المشكلة يكمن في رفض نتنياهو تنصيب سلطات فلسطينية بديلة في مناطق غزة التي طُردت منها حماس، مؤكدين أن ذلك كان سيحول دون عودة الحركة للسيطرة. وحتى الآن، يعارض نتنياهو عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، ويقول إنه يريد إدارة القطاع عبر سكان غير منتمين لحماس، لكنه لم يحدد من سيكون هؤلاء.
وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، أصدر الجيش الإسرائيلي تحذيرات بإخلاء نحو مليون شخص ما زالوا يعيشون هناك، مدعيًا أنه أنشأ "مناطق آمنة" جديدة للنازحين. غير أن الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة حذرت من أن هذه المناطق لن تلبي الاحتياجات الإنسانية الأساسية.
وأعرب كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين، ومن بينهم رئيس الأركان ورئيس الموساد، عن مخاوفهم من العملية، مطالبين نتنياهو بالتوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار بدلًا من توسيع الحرب. لكن نتنياهو قال إن الهجوم قد يتوقف إذا وافقت حماس على اتفاق يلبي جميع مطالب إسرائيل. وفي مقابلة مع المحلل الإسرائيلي أبو علي إكسبريس، أضاف: "إذا لم تنجح الخطة أ – الاستسلام – فستكون هناك الخطة ب – التدمير".
ولفتت الصحيفة إلى أن معظم مقاتلي حماس يعيشون تحت الأرض، حيث ما يزال نظام الأنفاق قائمًا إلى حد كبير في مدينة غزة، رغم عمليات إسرائيل هناك أواخر 2023. ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن عز الدين الحداد، أحد أبرز قادة الحركة، يختبئ داخل هذه الأنفاق مع بعض المحتجزين الإسرائيليين.
ويزعم المسؤولون الإسرائيليون أن السيطرة على مدينة غزة ستجرد حماس من أحد أهم معاقلها، ما قد يدفعها إلى الموافقة على شروط إسرائيل لإنهاء الحرب، والتي تشمل التخلي عن أي سيطرة عسكرية أو عملياتية على القطاع.
وقال كوبي مايكل، المسؤول السابق في جهاز "الشاباك": "ما دامت حماس تسيطر على مدينة غزة، فهي في نظر نفسها وفي نظر سكان غزة تسيطر على القطاع، على الأقل رمزيًا".
ويرى بعض منتقدي التكتيكات الإسرائيلية أن على الجيش أن يحذو حذو نظيره الأمريكي في العراق، الذي سعى إلى كسب ثقة السكان المدنيين وتقليص قدرة المتمردين على التجنيد.
لكن يعقوب عميدرور، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق في عهد نتنياهو، قال: "لن نكسب قلوب وعقول سكان غزة. الأمر يتعلق بتقليص قدرتهم على إلحاق الأذى بإسرائيل إلى الصفر".
أما أفنر جولوف، المدير السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي ونائب رئيس منظمة مايند إسرائيل غير الربحية، فاعتبر أن إسرائيل قادرة عسكريًا على هزيمة حماس في هذه المرحلة، لكن غياب حل سياسي لمستقبل غزة سيُعيد الحركة إلى تحدي إسرائيل بمرور الوقت. وأضاف: "من دون حل سياسي، نحن محكومون بالفشل".