الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

من رماد الحرب.. مغنية سودانية تعيد صوت الفن إلى شوارع أم درمان

  • مشاركة :
post-title
الفنانة السودانية تسابيح الأمين

القاهرة الإخبارية - ولاء عبد الناصر

في بلد أنهكه الحرب وتبعثرت فيه الأحلام، اختارت الفنانة السودانية تسابيح الأمين، المعروفة فنياً باسم "بيحا"، أن تعيد الحياة من حيث توقّف كل شيء. عادت لتغني، لا من أجل الشهرة، بل لتقول: "لا يزال في السودان متسع للحب، وللصوت، وللفن".

تختصر "بيحا" دوافع عودتها الجريئة إلى أم درمان، رغم الخراب المحيط، بقولها: "الناس لا يزالون يريدون سماع الأغاني… متعطشون للفرح"، بحسب وكالة "رويترز". 

بداية الرحلة

عندما اندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، اضطرت تسابيح الأمين، كغيرها من ملايين السودانيين، إلى مغادرة وطنها. حملت صوتها وأحلامها، وتوجهت إلى كمبالا، عاصمة أوغندا، حيث قضت عامًا من الترقب والانتظار.

لكن شيئًا ما في داخلها ظل مشدودًا إلى السودان، وتحديدًا إلى مدينتها أم درمان، التي شهدت بداياتها الفنية خلال سنوات دراستها الجامعية عام 2012، وكانت موطنًا لأغانيها وأحلامها.

العودة وسط الركام

في أغسطس الماضي، اتخذت تسابيح قرارًا مصيريًا بالعودة إلى وطنها، دون انتظار تحسن الأوضاع أو توفّر الأمان الكامل، عازمة على أن تكون "صوتًا في وسط الصمت، وأملًا في زمن الخوف".

لكنها واجهت تحديًا كبيرًا عند عودتها: فقد تفرّق معظم الموسيقيين والأصدقاء الفنانين بسبب الحرب. وحول ذلك تقول لتلفزيون "رويترز": "كل الأصدقاء الفنانين الذين كنا نعمل معهم تفرّقوا بفعل الحرب. فاضطررت إلى نشر منشور على فيسبوك أسأل فيه: أين الموسيقيون في أم درمان؟".

وفي وقت قياسي، تجاوب معها موسيقيون شباب، وشكّلت فرقة جديدة في غضون أيام، ما مثّل بداية لاستعادة نبض الفن في المدينة.

الفنانة السودانية تسابيح الأمين
أصعب من الحرب

لم تكن العودة سهلة، فحتى التدريبات الموسيقية (البروفات) كانت معركة بحد ذاتها. الطرق الموحلة، انقطاع الكهرباء، ندرة الأدوات، والخوف المستمر، كلها عوامل جعلت من كل بروفة إنجازًا بطوليًا. تقول "بيحا": "عندما نجد مكانًا نقدر أن نقيم فيه بروفة، نشعر بأنها أعظم نعمة".

الحياة تعود

بعد أيام قليلة من التمارين، أحيت تسابيح أول حفل موسيقي لها بعد العودة، في أحد مقاهي أم درمان. لم يكن المكان فاخرًا، ولم تكن الإضاءة مثالية، لكن الجمهور كان حاضرًا بروحه وحنينه واشتياقه إلى صوت يشبه وطنه.

غنّت "بيحا" أغنيات تراثية سودانية، وأدخلت الحاضرين في حالة وجدانية امتزجت فيها الدموع بالضحك، والحنين بالأمل، والخراب بالموسيقى.

صوت المقاومة

في بلد تصفه الأمم المتحدة بأنه يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم، مع اتساع رقعة المجاعة وغياب الأمن، تبدو عودة فنانة مثل تسابيح الأمين أكثر من مجرد خبر فني. فهي فعل مقاومة، ورفض للاستسلام، وتأكيد أن الفن ليس ترفًا، بل وسيلة للبقاء.

وتختتم حديثها قائلة: "كان لا بد من وضع بصمتي وغنائي وسط الحرب والدمار.. الناس فقدت الأمل، لكننا لو اجتمعنا وتذكرنا الأيام الجميلة، ممكن نبدأ من جديد".