بعد الهزيمة الثقيلة التي مُني بها الحزب الليبرالي الديمقراطي في انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة في يوليو الماضي، أعلن رئيس الوزراء الياباني شيجيرو إيشيبا استقالته من منصبه. فقد أدت خسارة الأغلبية البرلمانية إلى تقويض قدرته على توحيد صفوف الحزب والحفاظ على استقرار الحكومة، ما دفعه إلى التخلي عن القيادة بعد أقل من عام على توليه السلطة في أكتوبر الماضي.
وسيبدأ الحزب الليبرالي الديمقراطي خلال الفترة المقبلة الاستعداد لانتخابات رئاسته، التي ستحدد هوية زعيمه الجديد، وبالتالي المرشح الأوفر حظًا لتولي منصب رئيس الوزراء. إلا أن فقدان الحزب وحلفاءه للأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ قد يفتح الباب نظريًا أمام إمكانية وصول المعارضة إلى السلطة، وإن كان ذلك احتمالًا ضعيفًا.
أبرز المرشحين المحتملين
داخل الحزب الحاكم، يبرز عدد من الأسماء:
ساناي تاكاييتشي، وزيرة سابقة شغلت مناصب بارزة، بينها وزارة الشؤون الداخلية ووزارة الأمن الاقتصادي في اليابان. وتُعرف بمواقفها المحافظة، ودعواتها لتعديل الدستور السلمي بعد الحرب، فضلًا عن زياراتها المتكررة لمعبد ياسوكوني المثير للجدل. إذا فازت، ستكون أول امرأة تتولى منصب رئاسة الوزراء في اليابان.
شينجيرو كويزومي، وزير الزراعة الحالي ونجل رئيس الوزراء الأسبق جونيتشيرو كويزومي، الذي يعتبر أصغر المرشحين سنًا ويتمتع بصورة "المُصلح" القادر على استعادة ثقة الرأي العام في الحزب. ورغم خبرته المحدودة في المجال الاقتصادي، فإن خلفيته العائلية وسجله كوزير للبيئة والزراعة يمنحانه حضورًا سياسيًا قويًا.
يوشيمسا هاياشي، الأمين العام لمجلس الوزراء منذ 2023، ويُلقب بـ "رجل الإطفاء السياسي" نظرًا لتوليه مناصب حساسة في أوقات الأزمات، بينها وزارات الدفاع والخارجية والزراعة. ويتميز بخلفيته الأكاديمية والعلاقات الدولية، إذ درس في جامعة هارفارد وعمل سابقًا في الولايات المتحدة.
المعارضة على الخط
أما المعارضة فتستعد لاستغلال ضعف الحزب الحاكم. ويبرز في هذا السياق يوشيهيكو نودا، زعيم الحزب الديمقراطي الدستوري وأحد رؤساء الوزراء السابقين (2011-2012). اكتسب سمعة "الصقر المالي" بعد رفعه ضريبة الاستهلاك لمواجهة الديون العامة، لكنه مؤخرًا دعا إلى تخفيض الضرائب على المواد الغذائية وتخفيف سياسات البنك المركزي التوسعية.
يوئيتشيرو تامكي، زعيم الحزب الديمقراطي الشعبي وأحد أبرز الوجوه الصاعدة في المشهد السياسي الياباني، يدعو إلى تخفيف الأعباء الضريبية على الأسر، وزيادة الإنفاق الدفاعي، وتشديد الرقابة على شراء الأجانب للأراضي اليابانية. كما يطرح مقاربة متوازنة تجاه سياسات البنك المركزي.
مرحلة حاسمة
وتأتي استقالة إيشيبا في وقت يشهد فيه الاقتصاد الياباني ضغوطًا كبيرة من التضخم وضعف الأجور، إلى جانب تحديات جيوسياسية متصاعدة في شرق آسيا. ويُتوقع أن تكون هوية الزعيم الجديد للحزب الحاكم حاسمة في تحديد اتجاه السياسات المقبلة، سواء على مستوى الإصلاحات الاقتصادية الداخلية أو على صعيد العلاقات الدولية.