الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مخرج "أحلام فرح وزهرة": التحدي يتمثل في صنع فيلم وأنت جائع وخائف

  • مشاركة :
post-title
بوستر فيلم "أحلام فرح وزهرة"

القاهرة الإخبارية - ولاء عبد الناصر

في قلب غزة المحاصرة، حيث تتقاذف الحرب أصداءها بين أزيز الطائرات وقذائف الدمار، تبرز قصة فتاتين صغيرتين تمس أوجاع المدينة وأحلامها الصغيرة من خلال الفيلم الوثائقي "أحلام فرح وزهرة"، الذي يرصد حياة فرح، التي وجدت في الرسم متنفسًا ومقاومة لقسوة الواقع، بينما تمتلك زهرة موهبة فريدة في تقليد الأصوات وسرد الحكايات، لتصبح صوتًا ينقل التراث ويعزز الانتماء الوطني.

حكاية شعب

يقول المخرج الفلسطيني مصطفى النبيه لموقع "القاهرة الإخبارية": نحن نحب الحياة ونرفض الموت، نغني للفرح والجمال، وحتى في قلب هذه الحرب الطاحنة سعيت إلى أفكار تتحرر من البكائيات، وتنتصر للألوان الزاهية القريبة من القلب، وتمنح المشاهد فسحات من الحياة وسط الركام، فلم أجد أجمل من فرح وزهرة لأروي من خلالهما حكايتنا، حكاية شعب يتشبث بالحياة، نخاطب بها العقل والقلب معًا". 

ويضيف : "نرى في الفيلم "زهرة" وهي تروي بصوتها قصة "ستي ست الحسن" التي ورثتها عن جدتها، لتعزز من خلالها الانتماء للوطن والتراث، فيما ترسم "فرح" الصور، وتشكّل بالألوان وجعها وأملها، وبين بحثهما عن قصص أخرى، تنكشف لنا تجربة الفتاتين وواقع الناس في ظل الحرب".

وتابع : "ما دفعني لصناعة هذا الفيلم هو موهبة الفتاتين وسط واقع يتهيأ فيه الموت كقدر محتوم، وإيماني بتأثير هذه الأعمال على المشاهد، محليًا وعالميًا، مقارنة بتجاربي السابقة، كما ألهمني الصديق المخرج رشيد مشهراوي، الذي شجّعني على خوض تجارب تتناول أثر الفن على المتلقي، وعلى الحياة ذاتها".

المخرج الفلسطيني مصطفى النبيه
عمل بلا أدوات

وعن التحديات التي واجهته في صناعة الفيلم، يقول المخرج الفلسطيني: "نحن نعمل بلا أدوات تقريبًا، ونتكيف مع ما يتوفر لنا من معدات بسيطة، بالكاد تكفي لتوثيق لحظة أو التقاط مشهد.. والتحدي الحقيقي ليس فقط في غياب الإمكانيات، بل في أن تصنع فيلمًا وأنت جائع، خائف، ومحاط بجمهور مقهور، بعضه ينظر لمن يحمل الكاميرا كأنه يسعى لجمع التبرعات على حساب آلام الناس ومآسيهم". 

ويضيف: "أقسى ما نواجهه ليس القصف فحسب، بل الاضطراب الداخلي، الفقد المستمر، والخوف الدائم من اتصال قد يحمل نبأ رحيل أحد الأحبة، وخلال تصوير فيلمي السابق "حمار 7 أكتوبر"، فقدنا الزميلة العزيزة، الشهيدة الفنانة آمنة السالمي، التي كانت جزءًا من هذا الحلم، وهذا الوجع".

يوضح المخرج مصطفى النبيه رسالة الفيلم قائلًا: "الإنسان في غزة ليس مجرد رقم في نشرات الأخبار، بل روح تنبض بالحياة، تحب وتبدع وتتمسك بالأمل.. أردت من خلال هذا الفيلم أن أقدّم معاناتنا بلغة بصرية فنية، تُخاطب القلب قبل العين، وتُظهر للعالم أننا، ككل شعوب الأرض، نبحث عن لحظة فرح، عن ومضة جمال، نضحك ونبكي ونحلم رغم كل ما نحياه من وجع، هذه ليست فقط حكاية فرح وزهرة، بل حكاية شعب بأكمله، لا يزال متمسكًا بالحياة رغم كل ما يُحاك ضده".

نبع لا ينضب

وعن أثر تجربة الفيلم على نظرته للواقع في غزة، يقول: "غزة نبع لا ينضب من الحياة والعطاء، لم يتغير إيماني يومًا بأن الناس هنا يملكون الكثير من الجمال، لكن هذه التجربة عمّقت هذا الإيمان أكثر، كل زاوية في غزة تحمل موهبة دفنتها المعاناة، وكل وجه فيها يخفي حلمًا مؤجلًا ينتظر من يحتضنه".

جمال تحت الركام

يؤكد المخرج الفلسطيني: "مشكلتنا لم تكن يومًا في غياب الحكايات، بل في كيفية سردها، لم نعرف كيف نخاطب العالم بلغتنا نحن، بلغتنا التي تنبض بالحقيقة والكرامة، ومع كل فيلم أُنجزه، أكتشف مزيدًا من هذا الجمال المختبئ تحت ركام الجوع والخوف، وازداد قناعة بأن أهل غزة لا يحتاجون إلا من يرى فيهم الإنسان، ويمنحهم مساحة للنجاة من الغرق الذي جردهم من أبسط تفاصيل الحياة".

الانحياز للإنسانية

وحول ما يتمناه من الجمهور بعد مشاهدة الفيلم، يوضح مصطفى النبيه: "أتمنى أن يخرج المشاهد من قاعة العرض وقد قال في داخله: لا.. لا للظلم، لا للإبادة، لا لصمت العالم، أريده أن ينحاز لإنسانيته، أن يرى غزة لا كخبر عابر، بل كوطن يُقتلع وشعب يُباد أمام أعين الجميع، كل ما نريده أن يُقال: هؤلاء الناس يستحقون الحياة.. فقط الحياة".