ذكر تقرير لوكالة "أسوشيتد برس" أن مستشفى ناصر في غزة تحول إلى "فخ مميت" لعمال الإنقاذ والصحفيين عندما استهدفته القوات الإسرائيلية الأسبوع الماضي، في هجوم أسفر عن استشهاد 22 شخصًا، بينهم خمسة صحفيين، في هجوم أثار غضبًا عالميًا.
ويثير التقرير الذي نشرته أسوشيتد برس تساؤلات جدية حول مبررات إسرائيل للهجوم وطريقة تنفيذه.
وتعهدت إسرائيل بالتحقيق في "الثغرات" في فهمها للهجوم، الذي أسفر عن استشهاد 22 شخصًا في سلسلة من الضربات بالدبابات، بما في ذلك خمسة صحفيين، من بينهم مريم داجا، التي عملت مع وكالة "أسوشيتد برس" ومنظمات إخبارية أخرى.
ويستند التقرير إلى معلومات من مسؤولين عسكريين إسرائيليين حاليين وسابقين، ومسؤولين آخرين ومحللي أسلحة، وروايات من نحو 20 شخصًا كانوا في المستشفى أو بالقرب منه وقت الغارات.
قطعة قماش وراء الهجوم
قصفت القوات العسكرية مستشفى معروفًا بأنه نقطة تجمع للصحفيين، واعتقدت أن كاميرا فيديو موضوعة هناك كانت تُستخدم من قِبل حماس لمراقبة القوات الإسرائيلية القريبة، إذ كانت مغطاة بمنشفة، بالإضافة إلى معلومات استخباراتية أخرى غير محددة، وفقًا لمسؤول عسكري.
تشير أدلة "أسوشيتد برس" إلى أن الكاميرا المذكورة كانت في الواقع ملكًا الصحفي حسام المصري، صحفي فيديو يعمل لدى رويترز، قتل في الغارة الأولى، وكان يحرص على تغطية معداته بقطعة قماش بيضاء لحمايتها من أشعة الشمس الحارقة والغبار.
تُظهر صور التقطت في منتصف أغسطس، الصحفي حسام المصري على نفس الدرج الذي قُصف، بجوار كاميرته، ولفّ عليها قطعة قماش بيضاء.
صرّح خمسة صحفيين لوكالة "أسوشيتد برس" بأنه كان يستخدم قطعة القماش هذه كثيرًا، وفي الأسابيع التي سبقت الغارات، كان المصري يبثّ مباشرةً وبشكل شبه يومي من الدرج، وفقًا لصحفيين آخرين عملوا هناك ومسؤولين في المستشفى.
وقال شهود عيان إن طائرة بدون طيار كانت تراقب الموقع بشكل متكرر، بما في ذلك قبل نحو 40 دقيقة من الهجوم.
رفض جيش الاحتلال الإسرائيلي التعليق عندما سُئل عمّا إذا كان قد أصاب الشخص الخطأ، ولم يقدم أي دليل على ادعاءاته.
وأكدت إسرائيل أن أيًا من الصحفيين الضحايا لم يكن هدفًا مقصودًا، وأن أيًا منهم لم يكن مرتبطاً بحماس.
ضربة مزدوجة
قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي نفس الدرج بعد دقائق من تجمع العاملين في المجال الطبي والطوارئ والصحفيين هناك لمساعدة ضحايا الضربة الأولى.
أثار ذلك اتهامات بـ"الضربة المزدوجة"، وهو نوع من الهجمات يهدف إلى قتل من ينقذون المصابين، وهو ما تعتبره جماعات حقوق الإنسان جريمة حرب محتملة.
وأظهر تحليل لوكالة "أسوشيتد برس" لمقاطع الفيديو وقوع ما لا يقل عن أربعة انفجارات، اثنان خلال الضربة الأولى واثنان خلال الثانية، في كل مرة دون سابق إنذار.
ولم يقدم جيش الاحتلال أي تفسير لسبب تنفيذه جولة ثانية من الغارات.
استخدام الأسلحة ثقيلة
وأيضًا، حللت وكالة أسوشيتد برس مقاطع فيديو للهجوم ووجدت أن إسرائيل أطلقت قذائف دبابات شديدة الانفجار في الضربات، وهو ما أكده الجيش الإسرائيلي بعد تحقيقه الأولي.
وقال إسرائيل زيف، الجنرال المتقاعد الذي قاد في السابق مديرية العمليات في الجيش الإسرائيلي، إن هناك خيارات أقل فتكًا وأكثر دقة من نيران الدبابات.
صرح مسؤول مطلع على الهجوم بأنه لم يكن من المفترض استخدام الدبابة، لكنه لم يتمكن من تحديد الخطة الأصلية، وتحدث المسؤول للوكالة شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة التحقيق الجاري.
كان لواء جولاني، وهو نفس اللواء الذي نفذ هذه الهجمات، متورطًا في إطلاق النار على قافلة إسعاف في جنوب غزة في مارس، والذي أسفر عن استشهاد 15 مسعفًا فلسطينيًا، وكشف تحقيق أولي أجرته القوات الإسرائيلية في ذلك الهجوم عن سلسلة من "الإخفاقات المهنية"، وأُقيل نائب قائده.
وأعلنت إسرائيل أسماء ستة رجال، زعمت أنهم مسلحون قتلوا في الهجوم.
لم تُقدّم إسرائيل أي دليل، ولم يظهر اسم أحد الرجال في قائمتها، وهو عمر كامل شحادة أبو تيم، في قائمة المستشفى للضحايا التي حصلت عليها وكالة أسوشيتد برس. وأفاد الأطباء وموظفو المشرحة بأنه لم يُقتل أي شخص بهذا الاسم، وعلى عكس الخمسة الآخرين، لم تُقدّم إسرائيل صورةً له.
كان شخص آخر، يُدعى جمعة النجار، عاملًا صحيًا يعمل في مستشفى ناصر، وفقًا لسجل الجثث في المشرحة، وكان آخر، يُدعى عماد الشاعر، سائقًا لدى فرق الإسعاف الأولي التابعة للدفاع المدني في غزة.
وتظهر الأسماء الثلاثة الأخرى في قائمة الضحايا، لكن لم تتوفر تفاصيل أخرى عنهم على الفور.
وزعمت إسرائيل سابقًا أن بعض المسعفين كانوا مسلحين.
وبناء على تحليل اللقطات المصورة في وقت الهجوم، والتحدث إلى العديد من شهود العيان، لا يوجد دليل على أن أي شخص قُتل في الغارات كان مسلحًا.