الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

حزب "فوكس" يستغل الكارثة.. الحرائق تؤجج الصراع السياسي في إسبانيا

  • مشاركة :
post-title
حرائق الغابات تستعر في إسبانيا

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تواجه إسبانيا أسوأ موسم حرائق منذ ثلاثة عقود، إذ التهمت النيران ما يقارب 400 ألف هكتار من الأراضي، وفقًا لنظام معلومات حرائق الغابات الأوروبي، وسط تصاعد حدة المواجهة السياسية بين الأحزاب الرئيسية، في وقت نجح فيه حزب "فوكس" اليميني المتطرف في استثمار هذه الأزمة الطبيعية؛ لتعزيز مواقعه الانتخابية وتقديم نفسه كبديل للنظام السياسي "الفاشل".

معركة سياسية محتدمة

أثارت الاستجابة الحكومية للحرائق صراعًا حادًا بين حكومة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز الاشتراكية وحزب الشعب المحافظ المعارض، كما تكشف صحيفة "بوليتيكو".

ورغم أن الاشتراكيين يسيطرون على الوزارات والوكالات الفيدرالية، إلا أن حزب الشعب يحكم المناطق الثلاث الأكثر تضررًا وهي جاليسيا وكاستيا ليون وإكستريمادورا.

وانتقد وزير النقل أوسكار بوينتي رئيس منطقة كاستيا ليون ألفونسو فيرنانديس مانويكو، واصفًا إياه بـ"العار" لكونه في إجازة عندما بدأت الحرائق تدمر منطقته.

وفي رد فعل غاضب، اتهم حزب الشعب فيرجينيا باركونيس، رئيسة وكالة الحماية المدنية الحكومية، بأنها "مشعلة حرائق" و"مثيرة شغب"، حسبما أشارت مصادر سياسية إسبانية للصحيفة.

استراتيجية "فوكس"

وسط تبادل الاتهامات والشتائم بين الحزبين الوسطيين، برز حزب "فوكس" اليميني المتطرف، ثالث أكبر الأحزاب في البرلمان، كأكبر المستفيدين من هذه الأزمة.

وقدم الحزب الحرائق كنتيجة مباشرة لنظام سياسي منهار أخلاقيًا، إذ صرح زعيمه سانتياجو أباسكال خلال ذروة الحرائق في منتصف أغسطس قائلًا: "كل شيء يحترق باستثناء الشيء الوحيد الذي يجب أن يحترق: نظام فاسد يتآمر ضد الشعب الإسباني".

وتوضح "بوليتيكو" أن "فوكس" يتبنى خطابًا مناقضًا تمامًا لموقف الحكومة، فبينما يؤكد سانشيز أن الحرائق متجذرة في التغير المناخي ويدعو إلى اتفاق عابر للأحزاب لمواجهة "حالة الطوارئ المناخية"، يستخدم الحزب اليميني الحرائق للترويج لفكره القائم على إنكار التغير المناخي، واصفًا سياسات الحكومة بـ"الإرهاب المناخي".

اتهامات متبادلة

يلقي "فوكس" باللوم على السياسات الخضراء والالتزام بأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة في عدم الاهتمام بالمناطق الريفية المعرضة للخطر.

ويزعم الحزب أن تركيب البنية التحتية للطاقة المتجددة على الأراضي الريفية بدلًا من ممارسة الزراعة التقليدية يزيد من احتمالية نشوب الحرائق، كما يطالب بمركزة الحكومة لجعل مدريد المسؤولة الوحيدة عن تنسيق مكافحة الحرائق.

ووصل التصعيد إلى حد ترويج نظريات المؤامرة، إذ ادعى هيرمان تيرتش، عضو حزب "فوكس"، أن الحكومة المركزية أشعلت الحرائق عمدًا كوسيلة لإلهاء الرأي العام عن مشاكلها، بينما كتب المتحدث باسم الحزب خورخي بوكسادي في موقع "أوكديارو" اليميني: "النظام الثنائي جرد إسبانيا... وتحترق غابات لا نهاية لها بينما يتجادل حزب الشعب والاشتراكيون حول المسؤولية والقواعد والميزانيات".

تحول ديموجرافي

يؤكد باكو كاماس، رئيس قسم الرأي العام في إسبانيا لشركة الاستطلاعات "إبسوس"، أن "هناك جدوى في تلك الخطابة للجناح اليميني المتطرف، حيث تصوير الحكومة على أنها غير شرعية وغير قادرة، وأن جميع مشاكل البلاد لها نفس السبب الجذري وهو الحكومة". وتساعد قدرة "فوكس" على إبعاد نفسه عن الأحزاب التقليدية وخلافاتها في توسيع جاذبيته.

ويشهد الحزب تحولًا ديموجرافيًا مهمًا، إذ يوضح كاماس: "في السابق، كان فوكس حزبًا للطبقات الوسطى والعليا، لكن مؤخرًا يكسب دعمًا بين الفئات ذات الدخل المنخفض، وينجح في تأمين الدعم في المناطق الريفية قليلة الكثافة السكانية والبلدات الصغيرة".

ويبدو أن الحزب ينتزع الناخبين من حزب الشعب أكثر من الاشتراكيين، خاصة بين العمال الريفيين المتضررين مباشرة من الحرائق.

سلسلة أزمات

لا تُعتبر الحرائق الأزمة الوحيدة التي يستغلها "فوكس"، إذ شهدت إسبانيا سلسلة من الكوارث الطبيعية والأزمات التي وظفها الحزب لدعم خطابه.

ففي أكتوبر 2024، قتلت فيضانات مفاجئة في شرق إسبانيا أكثر من 220 شخصًا، مما أدى إلى صراع وصل حتى بروكسل عندما حاول المحافظون منع تعيين الوزيرة الاشتراكية السابقة تيريسا ريبيرا كمفوضة أوروبية.

وفي أبريل، تسبب انقطاع للكهرباء لم يُفسر سببه بالكامل في ترك البلاد بلا كهرباء لعدة ساعات.

ويصر أباسكال على ربط جميع هذه الأزمات ببعضها البعض، قائلًا: "لا يهم إن كان بركانًا أو وباءً أو غزوًا للمهاجرين أو فيضانًا أو انقطاعًا للكهرباء أو الآن حرائق، فالدولة منهارة ومحتلة من قبل مافيا فاسدة في خدمة بيدرو سانشيز".

وتُظهر استطلاعات الرأي في يوليو حصول "فوكس" على 19% مقابل 27% لكل من الحزبين الرائدين، مما يشير إلى تقلص الفجوة بينهم بشكل ملحوظ، وفقًا لوكالة البحوث الوطنية الإسبانية.