شارك وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج الدكتور بدر عبدالعاطي، اليوم الاثنين، في الدورة الاستثنائية لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لبحث العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وذلك بمقر المنظمة بمدينة جدة.
وأشار "عبدالعاطي"، في كلمته إلى استمرار إسرائيل في انتهاكاتها السافرة والممنهجة وارتكابها الجرائم والإبادة الجماعية ضد شعب أعزل، واستهانتها بكل القوانين والأعراف الدولية من خلال مواصلة وتوسيع عدوانها على قطاع غزة، واستخدام التجويع والحصار وعرقلة عمل المؤسسات الأممية للنيل من صمود وبسالة الشعب الفلسطيني في غزة ودفعه للقبول بخيار التهجير تمهيداً لتصفية القضية الفلسطينية، وهو ما ترفضه مصر بشكل قاطع.
واستعرض جهود مصر لدعم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث ساهمت بما يقرب من 70% من تلك المساعدات منذ بداية الأزمة بإجمالي 550 ألف طن، واستقبلت الآلاف من المصابين الفلسطينيين ومرافقيهم لتلقي الرعاية الصحية بالمستشفيات المصرية.
وشدد على ضرورة تسهيل الجانب الإسرائيلي دخول المساعدات بشكل فوري من خلال جميع المعابر دون أية عوائق أو قيود، حيث يحتاج القطاع لما لا يقل عن 700 شاحنة يوميًا لتلبية الاحتياجات المتزايدة لسكان القطاع، وفي ظل وجود أكثر من 5000 شاحنة محملة بالمساعدات على الجانب المصري، إلا أن دخولها يواجه العديد من العراقيل من الجانب الإسرائيلي، بما يحول دون تدفقها للقطاع.
إدانة توسيع العمليات
وأعرب وزير الخارجية المصري عن إدانة بلاده بأشد العبارات لتوسيع إسرائيل للعمليات العسكرية في غزة، محملًا إياها المسؤولية الكاملة عن استمرار الحرب والتجاهل المتعمد لمحاولات الوسطاء للتوصل لتهدئة، وآخرها المقترح الذي حظي بموافقة حركة حماس، الذي من شأنه أن يفضي لصفقة لإطلاق سراح الرهائن والأسرى ووقف إطلاق النار وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وفعّال للتعامل مع الكارثة الإنسانية في غزة.
ودعا المجتمع الدولي لتحمّل مسؤولياته القانونية والإنسانية لبذل جميع الجهود الدبلوماسية والسياسية لوقف هذه السياسات وممارسة كل أشكال الضغط على إسرائيل وإلزامها بقبول الصفقة المطروحة حاليًا بناء على مُقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف.
انتهاكات في الضفة الغربية
وتطرق وزير الخارجية إلى مواصلة إسرائيل انتهاكاتها في الضفة الغربية المُحتلة في إطار مخططاتها لوأد أي أفق لإقامة الدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وإعلان الحكومة الإسرائيلية اعتزامها بناء 3400 وحدة سكنية بمنطقة "E1" بالضفة في خرق فاضح لاتفاقيات جنيف الأربع، وبما يستهدف فصل شمال الضفة عن جنوبها وإجهاض أي فرصة لإقامة دولة قابلة للحياة، إضافة إلى محاولات تغيير الوضع القانوني والديموغرافي والجغرافي للأراضي الفلسطينية المُحتلة بما يمثل انتهاكًا جديدًا وصارخًا للقرارات الأممية والقانون الدولي.
وأكد رفض مصر جملةً وتفصيلًا التصريحات الإسرائيلية الأخيرة فيما يتعلق بأوهام ما يسمي "إسرائيل الكبرى" التي لا تعكس سوى غطرسة القوة ولن تقبل بها مصر أو تسمح بتنفيذها، مشددًا على أن مثل تلك الأفكار لن تفضي سوى لتأجيج الصراع وتوسيع رقعته والقضاء على أفق التعايش السلمي بين الشعوب في المنطقة.
كما أكد الأولوية التي تحظى بها القضية الفلسطينية في السياسة الخارجية المصرية، مشددًا على مواصلة مصر جهودها في دعم مساعي الشعب الفلسطيني للحصول على حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
ولفت إلى ترحيب مصر بما تم الإعلان عنه أخيرًا من جانب بعض الدول بشأن الاعتراف المرتقب بالدولة الفلسطينية، معتبرًا إياها خطوة فارقة طال انتظارها في مسار إحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير.
ودعا وزير الخارجية المصري، الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين، للمبادرة بذلك باعتباره حقًا غير قابل للتصرف، وتأكيدًا لالتزام المجتمع الدولي بالتوصل لحل دائم وعادل يعزّز فرص السلام ويضع حدًا للمعاناة الطويلة للشعب الفلسطيني.
ونوّه عبدالعاطي بما أكده الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خلال كلمته للشعب المصري في 27 يوليو الماضي، أن موقف مصر واضح فيما يخص رفض التهجير، وأنها لا يمكن أن تشارك في هذا الظلم التاريخي، الذي سيؤدي لتفريغ حل الدولتين وعدم إقامة دولة فلسطينية، فضلًا عن تأكيد تضامن مصر الكامل مع الشعب الفلسطيني الشقيق ونبذ أية سياسات أو أفكار أو خطوات تستهدف خلق ظروف تدفع أصحاب الأرض إلى الرحيل عن أراضيهم في ظل تردي الأوضاع المعيشية بالقطاع من جراء السياسات الإسرائيلية غير المقبولة والمرفوضة.
ونوه بما ذكره "السيسي"، حول أن إسرائيل، حتى لو تمكنت من تطبيع علاقاتها مع جميع دول المنطقة، فإن ذلك لن يحقق لها الأمن والسلام طالما لم تستجب للتطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني.