يبدو أن ألمانيا تستبعد إنهاء روسيا الحرب في أوكرانيا، التي بدأت قبل ثلاث سنوات ونصف السنة، ما دفع الحكومة في برلين برئاسة المستشار فريدريش ميرز، لمناقشة فرص إرسال جنود ألمان إلى أوكرانيا، كقوات حفظ سلام لضمان عدم استئناف القتال.
وحسب شبكة "دويتشه فيله" الألمانية، أثار ذلك المقترح جدلًا واسعًا بالدوائر السياسية في برلين، خلال الأسبوع الماضي، في وقت يرى الكثيرون أن ألمانيا لا يُمكن أن تغيب عن مثل هذه القوة، لا سيّما مع إصرار على أن لألمانيا صوتًا قويًا في النزاعات الدولية.
ويرغب المستشار الألماني في التركيز على القضية الرئيسية المتمثلة في تعزيز الجيش الأوكراني بشكل كبير لردع روسيا عن شن هجمات جديدة بعد التوصل إلى اتفاق سلام، وهو ما يتماشى مع تصريح أدلى به نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، على قناة فوكس نيوز، 20 أغسطس الجاري، بأن على أوروبا أن تأخذ "نصيب الأسد" من أي ضمانات أمنية مُحتملة.
وتصطدم فكرة إرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا لحفظ السلام برفض روسي كبير، بعد أن وصف وزير خارجية موسكو سيرجي لافروف، نشر القوات الأوروبية في أوكرانيا بأنه غير مقبول على الإطلاق.
ورغم ترحيب المستشار الألماني، يبدو جليًا أن إقدامه على تلك الخطوة لن يكون سهلًا، بعد أن حذّر الحزب الاشتراكي الديمقراطي "SPD"، الشريك في الائتلاف الحكومي، من التسرّع في اتخاذ أي خطوات، قائلًا: "بالطبع، تحتاج أوكرانيا إلى ضمان عدم تعرضها لهجوم جديد، يتطلب هذا جيشًا أوكرانيًا قويًا لكن مشاركة الجنود الألمان من عدمها ليست مطروحة حاليًا".
وفي أحدث استطلاع رأي أجرته شركة "سيفي"، عارض 51% من المشاركين مشاركة ألمانيا في مهمة سلام في أوكرانيا، بينما قال 36% فقط إنهم يعتقدون أن ذلك سيكون القرار الصائب.
وبدوره؛ أوضح وزير الخارجية يوهان فادفول، أن أي مهمة في أوكرانيا "ستُثقل كاهل" ألمانيا على الأرجح، مشيرًا إلى إنشاء لواء قتالي للجيش الألماني في ليتوانيا يُشكل ضغطًا هائلًا على الجيش.
وشكك "فادفول" في إمكانية إجراء محادثات سلام، قائلًا: "الجميع ينتظر من فلاديمير بوتين أن يكون جادًا حقًا في إجراء محادثات لإنهاء الحرب، ولا يزال الوضع في ساحة المعركة يبدو مختلفًا تمامًا".
عقب الاجتماع الذي جمع ترامب وزيلينسكي وقادة أوروبيين في واشنطن، 18 أغسطس الجاري، اتخذ ميرز موقفًا مختلفًا فيما يتعلق بعملية السلام المحتملة، قائلًا: "نحن، كجمهورية ألمانيا، لدينا اهتمام كبير ومسؤولية كبيرة بالمشاركة".
وأضاف أنه سيتعين مناقشة هذا الأمر أيضًا داخل حكومته الائتلافية، بما في ذلك مسألة ما إذا كان علينا اتخاذ قرارات تتطلب تفويضًا، وهو ما يحتاجه الجيش الألماني في كل مرة يُنشر فيها قواتًا في الخارج، ويجب أن تصوت أغلبية النواب في مجلس النواب (البوندستاج) لصالح ذلك.
يُعارض سياسيو شرق ألمانيا الخطة بشكل خاص إرسال قوات ألمانية إلى أوكرانيا، إذ تُبدي الأحزاب اليسارية واليمينية، مثل حزب اليسار الاشتراكي وحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، رفضًا قاطعًا لهذه الفكرة.
وبدورها؛ حذرت أليس فايدل، زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا، من أن ألمانيا نفسها قد تُصبح هدفًا، وطالبت قائلةً: "ألمانيا بحاجة إلى المصالحة مع روسيا بدلًا من المواجهة الدائمة".
أعرب حزب الخضر عن تشككه في نتائج قمة أوكرانيا بواشنطن، وحثّ أوروبا على بناء قوات حماية خاصة بها لتمكينها من تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا حتى دون إشراك الولايات المتحدة.
واقترح يان فان أكين، زعيم حزب اليسار، تشكيل قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة قوامها 30 إلى 40 ألف جندي كضمانة أمنية لأوكرانيا، وقال إنه من المهم أن تشارك الصين "لأن الجنود الروس لن يطلقوا النار على الجنود الصينيين".