الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

يرفضون الخدمة العسكرية.. "الحريديم" يشعلون إسرائيل

  • مشاركة :
post-title
احتجحاجات الحريديم في إسرائيل ضد التجنيد

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

يشهد الداخل الإسرائيلي حاليًا انقسامًا شديدًا حول تجنيد اليهود المتشددين "الحريديم"، الذين خرجوا في احتجاجات بالقدس المحتلة، ضد القرار الحكومي في هذا الصدد، وأشعلوا النيران في حاويات النفايات، واشتبكوا مع رجال الشرطة.

وذكرت صحيفة" نيويورك تايمز" الأمريكية، أن إسرائيل تشهد حربًا داخلية حول المشاركة في الحرب (على قطاع غزة)، في إشارة إلى أزمة تجنيد الحريديم المتفاقمة، ونقلت الصحيفة عن حاييم بامبرجر، البالغ من العمر 23 عامًا، أنه يدرس التوراة، وهذه هي طريقته للدفاع عن إسرائيل، وليس من خلال الخدمة العسكرية، وأضاف أنه تم تجنيده، لكنه يتجاهل إشعاره ويخاطر بالسجن.

ورغم أن الشرطة العسكرية الإسرائيلية تلقي القبض على المتهربين من الخدمة العسكرية من اليهود المتشددين لم يعتقل منهم حتى الآن سوى عدد قليل، وفقًا لتقارير إخبارية إسرائيلية متعددة، ولكن في 14 أغسطس، احتج مئات اليهود المتشددين واشتبكوا مع الشرطة خارج سجن، وأفاد موقع "واي نت" الإخباري العبري، باحتجاز 7 منهم.

وفي الوقت الراهن، ومع تصاعد الغضب بين اليهود المتشددين، يمتنع الجيش الإسرائيلي عن تنفيذ اعتقالات جماعية.

وتجدر الإشارة إلى أن الخدمة العسكرية إلزامية لمعظم اليهود الإسرائيليين، رجالًا ونساء، ولطالما استاء باقي السكان اليهود من إعفاء المتدينين المتشددين، المعروفين بالعبرية باسم "الحريديم".

لكن الحرب التي قاربت عامين على غزة حولت " تجنيد الحريديم" إلى أزمة سياسية تعمق الانقسامات في المجتمع الإسرائيلي وتعرض ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الهش للخطر، وفق "نيويورك تايمز".

في الشهر الماضي، انسحب حزبان متشددان أساسيان لأغلبية نتنياهو في البرلمان من الحكومة بعد الفشل في أن تقر تشريعًا يعفي المتدينين المتشددين من التجنيد، وقد تؤدي هذه الخطوة إلى انهيار ائتلاف رئيس الوزراء وإجراء انتخابات مبكرة، على الرغم من أن نتنياهو نجا من تهديدات سياسية أسوأ بكثير.

وقالت نيخومي يافي، أستاذة السياسات العامة في جامعة تل أبيب وهي من المتدينين المتشددين: "دفعت الحرب كل شيء إلى أقصى حد"، وأضافت أن الإسرائيليين العلمانيين يتساءلون: "لماذا يموت أطفالنا وأطفالكم يجلسون فقط يشربون القهوة ويتعلمون؟".

أشارت "يافي" إلى استطلاعات رأي أجرتها، وأظهرت أن 25% من الرجال الحريديم سينضمون إلى الجيش إذا لم ينبذوا من قبل مجتمعاتهم بسبب ذلك، كما هو الحال مع الكثيرين، وأن 25% آخرين سينضمون إليه مع بعض التشجيع.

وأضافت أن المواقف بدأت تلين داخل الطوائف الأرثوذكسية المتشددة الأقل تطرفًا، على الرغم من أن العديد من الحاخامات يقاومون التغيير، وقالت: "يشعر الحاخامات بفقدان السيطرة".

يعود إعفاء الحريديم من التجنيد إلى بدايات إسرائيل عام 1948، عندما منح ديفيد بن جوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، الإعفاء لطلاب المدارس الدينية (اليشيفا) البالغ عددهم 400 طالب في البلاد آنذاك، إذ تصوَّر بن جوريون دراسة التوراة -التي اعتقدوا أنها ستحمي إسرائيل من أعدائها- كجزء من إحياء الدراسات الدينية اليهودية المفقودة في المحرقة.

لكن مع نمو عدد السكان الأرثوذكس المتشددين تم توسيع نطاق السياسة، ما أثار ردود فعل عنيفة وتحديات قانونية على مدى سنوات عديدة. ولم يساعد في ذلك أن الطوائف الأرثوذكسية المتطرفة كانت معادية للصهيونية ولا تعترف بدولة إسرائيل لأنها -كما يقولون- أسسها يهود علمانيون، وليس لغرض إلهي.

في يونيو 2024، قضت المحكمة العليا الإسرائيلية في قرار تاريخي بأنه بدون قانون رسمي لا يوجد أساس قانوني للإعفاء، وأمرت الجيش بالبدء في تجنيد الرجال الأرثوذكس المتشددين.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يحتاج بشكل عاجل إلى 12,000 مجند جديد لقوة منهكة بسبب غزة، حيث قُتِل أكثر من 450 جنديًا إسرائيليًا في القطاع، وتتزايد حالات الانتحار، ويقل عدد جنود الاحتياط الإسرائيليين، وهم الجزء الأكبر من المقاتلين، الذين يتقدمون للخدمة، بينما أمضى الكثيرون منهم أكثر من 400 يوم في الخدمة منذ بدء الحرب.

ويتساءل آخرون عن أهداف الحكومة في عدوان أودى بحياة أكثر من 60,000 شخص في غزة، وأعلنت مجموعة من الخبراء الذين يراقبون الأمن الغذائي أن مدينة غزة والمناطق المحيطة بها تعاني من المجاعة، وهو وضع أثار إدانة عالمية، ورفض جهاز الأمن الإسرائيلي الذي يشرف على توصيل المساعدات إلى القطاع هذه النتيجة.

ويمضي نتنياهو -على خلاف مع كبار الجنرالات- قدمًا الآن في خططه للسيطرة على مدينة غزة، وأعلن الجيش الإسرائيلي في 20 أغسطس أنه سيتم استدعاء 60 ألف جندي احتياطي جديد للخدمة، وسيتم تمديد أوامر 20 ألفًا منهم، ليصل إجمالي عدد جنود الاحتياط للخدمة على جميع الجبهات في إسرائيل إلى نحو 120 ألف جندي، وفقًا لمسؤول عسكري كبير.

ويقول الجيش الإسرائيلي إن 80 ألف رجل من اليهود المتشددين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا مؤهلون للخدمة، وأن جميعهم تقريبًا أرسلت إليهم إشعارات تجنيد خلال العام الماضي. وحتى الآن لم يلتحق بالخدمة سوى 2940 شخصًا، على الرغم من وجود وقت كافٍ للآخرين للتسجيل قبل سلسلة من المواعيد النهائية.

ولن يكون معظم هؤلاء الـ 2940 مستعدين لخوض الحرب الآن، لكنهم سيتمكنون من ذلك بعد 6 أشهر من التدريب الذي يجريه الجيش الإسرائيلي.

ولا يزال عدد "الحريديم" المطلوبين للتجنيد، بعيد عن هدف الجيش الإسرائيلي البالغ 4800 مجند من اليهود المتشددين لهذا العام، "وأبعد من احتياجات الجيش" كما قال العميد شاي طيب، المسؤول عن الأفراد العسكريين، للجنة في الكنيست في 12 أغسطس.

ارتفع عدد "الحريديم" في إسرائيل بشكل كبير إلى نحو مليون شخص اليوم -أي ما يقرب من 13% من السكان- من 40 ألفًا في عام 1948، وبحلول عام 2024، كان نحو 22% من الأطفال في سن السادسة من الحريديم، وبحلول عام 2035، من المتوقع أن تصل أعدادهم إلى 30%.

وينظر إلى أي إعفاء لهم على أنه غير مستدام، إذ قال موتي بابتشيك، المستشار السياسي القوي لأحد الأحزاب المتدينة المتشددة التي غادرت الحكومة، في مقابلة: "ربما تكون الظروف قد تغيرت والأوقات قد تغيرت.. لكن الاتفاق الأساسي بين المتدينين المتشددين ودولة إسرائيل لا يزال كما هو".

لكن هيلل هيرش، وهو حاخام أرثوذكسي متشدد بارز، قال لمجموعة صغيرة من زملائه بشكل قاطع، إن معظم طلاب المدارس الدينية الحريدية لا يرغبون في الخدمة العسكرية.