بينما تسبب الإضراب العام الذي شهدته فرنسا قبل ساعات، في شل الحركة بالبلاد إلى درجة كبيرة، يرى محللون أنه مجرد البداية لموجات أوسع من الاحتجاجات المهددة لاستقرار الحكومة الفرنسية.
احتجاجات فرنسا التي تشير التقديرات الرسمية بالبلاد إلى مشاركة أكثر من مليون وربع المليون مواطن بها، هي ثاني إضراب عام في فرنسا خلال 12 يومًا.
يقول الدكتور فرانسوا بن حمد، أستاذ الاقتصاد من مونبليه، في مداخلة مع برنامج "هذا المساء" على شاشة قناة "القاهرة الإخبارية"، إن هناك نجاحًا كبيرًا للحركة الاحتجاجية في فرنسا اليوم، والتي قامت بها كل النقابات العمالية ضد قانون رفع سن التقاعد. مؤكدًا أن هذه الموجة من الإضرابات لها شعبية ويدعمها أكثر من 61% من الفرنسيين بحسب استطلاعات الرأي.
ويرى فرانسوا أن الاحتجاجات في طريقها للتوسع، والتأجج حال عدم تلبية الحكومة الفرنسية لمطالب المحتجين، مضيفا:" هذه الأزمة يمكن أن تعمل على حل الحكومة، وبالتالي الحل الوحيد هو الحوار بين الحكومة والمتظاهرين، حتى لا تتحول من أزمة اجتماعية إلى أزمة سياسية".
وقال إن السياسة النقدية الفرنسية تلزمها أمام الاتحاد الأوروبي باتخاذ خطوات اقتصادية تجاه الدين العام الفرنسي، والذي وصل إلى 3 تريليونات يورو بنسبة 115% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أنه لا ينبغي تخطيه 60% بالنسبة للاتفاقات الموقعة للانضمام إلى عملة اليورو.
من جانبه قال علي زريق، عضو حزب الجمهوريين، والمحلل السياسي في ذات الشأن، إن الاحتجاجات يمكن أن تتحول إلى أزمة سياسية، خاصة في ظل إحساس الشعب الفرنسي بأن الدولة تنتزع منه حقوقه الاجتماعية.
وأضاف أن سياسة الرئيس الفرنسي ماكرون، تميل إلى السياسات اليمينية، ويسير على النهج الذي قام به الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي.
وأوضح "زريق" أن فرنسا بها ما يقرب من 30 مليونًا ممن يشكلون قطاع العاملين، منهم ما لا يقل عن 2.25 مليون عاطل عن العمل.
وتابع أن سوق العمل الفرنسي كان يدخله سنويًا 200 ألف موظف جديد في السابق، أما اليوم يدخل إلى سوق العمل 20 ألف موظف فقط، وهذا يوضح الأزمة التي تضرب سوق العمل الفرنسي.
وقال علي المرعبي، الكاتب الصحفي من باريس، إن التوجه الحكومي الفرنسي غير صائب، لافتًا إلى أن الإضرابات الأخيرة شهدت حالة من التنظيم، ولم يتخللها أي أعمال شغب.
وأضاف: "هناك تخوف من حدوث شغب أو أعمال عنف من قبل أصحاب السترات الصفراء، في تلك التظاهرات مستقبلًا وبالتالي على الحكومة الفرنسية إيجاد مخرج من تلك الأزمة عن طريق إجراء حوار مع النقابات العمالية".
وأوضح أن فرنسا في طريقها إلى أزمة سياسية بمحاولة فرض هذا القانون وهو ما سيجر البلاد إلى حل البرلمان أو إجراء انتخابات مبكرة بخلاف إمكانية حدوث عنف في الشارع، وهو ما سيؤدي إلى انفلات أمني غير مسبوق.
وتابع "المرعبي" أن الخروج من هذا المأزق يكمن في إصلاح نظام الضرائب الفرنسي، حيث يمكن تحقيق العائدات التي يريدها الرئيس الفرنسي ماكرون من قانون سن التقاعد من خلال إصلاح نظام الضرائب.