الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

التشكيلي سليمان منصور: فوزي بجائزة النيل دعم للشعب الفلسطيني

  • مشاركة :
post-title
الفنان التشكيلي الفلسطيني سليمان منصور

القاهرة الإخبارية - إيمان بسطاوي

تكلفة ترميم أسوار القدس وقبة الصخرة دُفعت من خراج مصر سنوات طويلة

الفن التشكيلي يلقي دعمًا شكليًا فقط لغياب لوعي حول أهميته

الفنان التشكيلي الفلسطيني سليمان منصور لا يُعد مجرد صاحب لوحة خالدة كـ"جمل المحامل"، بل هو شاهد حي على مقاومة ممتدة، وحارس لذاكرة الفلسطينيين البصرية والوجدانية.

فوز "منصور" بـ"جائزة النيل للمبدعين العرب" لم يكن تكريمًا شخصيًا فقط، بل رسالة دعم للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ورسالة أمل لجيل جديد من الفنانين الساعين للحفاظ على الهوية ومواكبة لغة الفن المتجددة.

في حوار خاص مع موقع "القاهرة الإخبارية"، تحدّث الفنان التشكيلي الفلسطيني الكبير سليمان منصور عن فوزه بـ"جائزة النيل للمبدعين العرب" التي تمنحها مصر، كاشفًا عن قيمة هذا التكريم في هذا التوقيت الحرج، وعلاقته العميقة بدور مصر الثقافي والحضاري عبر التاريخ، كما استعاد مسيرته مع لوحته الأيقونية "جمل المحامل"، التي أصبحت رمزًا عالميًا للفن الفلسطيني، متوقفًا عند رؤيته لفلسفة "المقاومة البصرية"، وتحديات الجيل الجديد من الفنانين الفلسطينيين.

جائزة النيل

يصف منصور الجائزة بأنها شرف كبير له، مضيفًا: "بالتأكيد هذا شرف كبير لي، خاصة أنه من بلد كمصر، ذات الحضارة الأقدم في العالم، التي نعتبرها بصدق أم الدنيا. إن دور مصر الحضاري والثقافي في العالم العربي دور مركزي وأساسي".

ويؤكد أن منحه هذه الجائزة الثقافية في هذا التوقيت العصيب يُعد دعمًا مباشرًا للشعب الفلسطيني ونضاله من أجل التحرر والعيش بكرامة، مشددًا على أن هذا الدور جزء من تاريخ مصر الممتد منذ النكبة وحتى اليوم.

وكشف الفنان الفلسطيني أنه كان في الأردن للمشاركة في مهرجان جرش الثقافي عند إبلاغه بالفوز، وقال: "أول من أخبرته كان زوجتي وأهل البيت، ثم انهالت عليّ الاتصالات من الأصدقاء والصحفيين الفلسطينيين، وكذلك عدد من الفنانين الفلسطينيين الذين اعتبروا هذه الجائزة فوزًا لهم أيضًا".

علاقة الفنان بالجوائز

ورغم أهمية التكريم بالنسبة له، يؤكد "منصور" أنه لم يسعَ يومًا وراء الجوائز، قائلًا: "أنا لم أسعَ أبدًا للجوائز، رغم أن كل فنان أو مبدع يهمه تقدير الناس لعمله، فكيف إذا كان هذا التقدير من فنانين كبار ومن مركز للحضارة والثقافة كمصر؟ منحي هذه الجائزة في رأيي استمرار للدعم الثقافي والحضاري الذي قدّمه الشعب المصري ولا يزال للشعب الفلسطيني منذ مئات السنين".

الفن الفلسطيني

يعتبر "منصور" أن الفن بالنسبة لغالبية الفنانين الفلسطينيين، وخاصة بعد النكبة، هو وسيلة للنضال، موضحًا: "الفن بالنسبة لنا أداة للتحرر. نحن لا نقاوم حبًا في المقاومة، لكن لنؤمّن مستقبلًا كريمًا لنا ولأولادنا ونمارس حياتنا كما نحب على أرضنا".

جمل المحامل

من أبرز محطات مسيرة منصور الفنية لوحته الشهيرة "جمل المحامل"، التي أصبحت رمزًا متجذرًا في الوعي العربي والفلسطيني.

ويقول عن "جمل المحامل": "اللوحة تعبّر عن تمسك الإنسان الفلسطيني بقضيته، خاصة وهو مهاجر. العجوز في اللوحة بزيه الفلسطيني يذكّر الناس بجد أو أب أو عم، بينما القدس وقبة الصخرة تبقيان حاضرتين في وجدان ومشاعر الجميع".

ويضيف: "تكلفة ترميم أسوار القدس وترميم قبة الصخرة تم دفعها من خراج مصر لعدة سنوات، وهذا يعكس عمق العلاقة التاريخية".

ويستعيد الفنان لحظة ولادة اللوحة عام 1973 وتأثره بمشهد حوّله إلى لوحة نابضة بالحياة، قائلًا: "تأثرت بمشهد الحمّالين، الذين كانت مهنتهم شائعة داخل البلدة القديمة لنقل البضائع والأثاث من مكان لآخر، بعد أن رسمت اللوحة شعرت أنني أنجزت عملًا جميلًا ومؤثرًا، لكن لم أحلم أبدًا بأنها ستصبح لوحة أيقونية كما أصبحت لاحقًا".

ويتابع: "عرضت اللوحة في المعرض الجماعي الأول لتجمع فناني الأرض المحتلة عام 1975، هناك عرض عليّ مكتب طباعة ونشر أن يحوّلها إلى بوستر، وافقت وسلمتهم النسخة ولم أرها بعد ذلك، في عام 1976 طُلب منا المشاركة بمعرض في لندن، وكانت اللوحة قد أصبحت مشهورة، فشعر الجميع بضرورة وجودها. أعدت رسمها من جديد، وخلال المعرض اشتراها السفير الليبي وطلب مني أن أكتب أنها إهداء للعقيد القذافي بمناسبة عيد ميلاده. واليوم النسخة موجودة في متحف دلول في بيروت".

مقاومة بصرية أم وجدانية؟

وحول توصيف فنه بأنه "مقاومة بصرية"، أوضح منصور:"ربما يمكن وصفها بأنها مقاومة وجدانية. أما مصطلح المقاومة البصرية فهو فلسفي معقد للغاية، القضية الفلسطينية لم تتغير منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وحتى اليوم؛ فهي صراع على الوجود والأرض والمساواة والتحرر. الأدوات نفسها التي نقاوم بها منذ عقود، وتعتمد على الرموز، كل جيل من أجيال الحركة الفنية الفلسطينية استعمل هذه الرموز بأسلوبه الخاص وربما أضاف إليها".

دور مجتمعي

يرى الفنان التشكيلي الفلسطيني أن عمله المجتمعي في تطوير الحركة الفنية الفلسطينية لا يقل أهمية عن إنجازاته الفنية، قائلًا: "الموهبة الفنية يمكن تطويرها بالممارسة والدراسة، لكن ما تفعله بهذه الموهبة في نهاية المطاف هو الأهم. بالنسبة لي كرّستها لخدمة القضية الفلسطينية وتطوير الحركة الفنية في الأرض المحتلة، انطلاقًا من انتمائي العميق لثقافة الشعب الفلسطيني وصدق قضيته وعدالتها".

تحديات الجيل الجديد

توقف "منصور" عند التحديات التي تواجه الحركة الفنية الفلسطينية الشابة اليوم، قائلًا: "من أهم التحديات التأثيرات الفنية العالمية التي بدأت تظهر بعد عام 1994 مع تطور الإنترنت، على الفنانين الشباب الانتباه من الوقوع في فخ التكرار، وضرورة ابتكار رموز ولغة فنية خاصة بهم، إضافة إلى التعامل بحذر ووعي مع أدوات العصر الفنية مثل الفيديو، التصوير، والرسوم المتحركة وغيرها. لغة الفن تتغير مع تغير أدواته ووسائله، والتعامل مع هذه المتغيرات ليس أمرًا سهلًا".