الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تحدٍ مباشر للصين.. صفقة بحرية تاريخية بين اليابان وأستراليا

  • مشاركة :
post-title
صفقة بحرية تاريخية بين اليابان وأستراليا

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

وسط تصاعد التنافس العسكري في منطقة المحيط الهادئ، أبرمت اليابان وأستراليا صفقة دفاعية كبرى بقيمة 6.5 مليار دولار؛ لشراء 11 فرقاطة متطورة من طراز "موجامي"، في خطوة من شأنها تعزيز القدرات البحرية لأستراليا وتحويل اليابان إلى لاعب رئيسي في سوق تصدير السلاح.

وحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية، فإن الصفقة تأتي في إطار التعاون بين حلفاء واشنطن، والتي تحمل دلالات استراتيجية تتجاوز الجانب التسليحي، وتمثل تحديًا مباشرًا للصين وتأكيدًا على التحالفات الدفاعية المتنامية في المنطقة.

تفاصيل الصفقة

أعلنت وزارة الدفاع الأسترالية الأسبوع الماضي عن شراء 11 فرقاطة من طراز "موجامي" من اليابان، بقدرات قتالية سطحية متطورة، يصفها محللون بأنها تضاهي، أو تتفوق في بعض الجوانب، على ما تمتلكه الصين أو حتى الولايات المتحدة في المياه الإقليمية.

واعتبر وزير الصناعة الدفاعية الأسترالي بات كونروي الصفقة "خطوة نحو توفير بحرية أكبر وأكثر فتكًا"، مؤكدًا أن الفرقاطات ستعزز ثقة الحلفاء وتردع الخصوم.

يأتي هذا بينما تتصاعد التوترات مع الصين، خاصة بعد قيام قوة مهام بحرية صينية بجولة حول أستراليا وإجراء تدريبات بالذخيرة الحية قبالة سواحلها مطلع العام، ما أجبر العشرات من الطائرات المدنية على تغيير مساراتها.

تقنيات متقدمة

بحسب وزارة الدفاع الأسترالية، ستكون الفرقاطات من نسخة محدثة أكبر من تلك التي تستخدمها قوة الدفاع الذاتي البحرية اليابانية، ما يمنحها قوة نيران أكبر ومدى تشغيلي يصل إلى 11,500 ميل بحري دون التزود بالوقود.

ووصف وزير الدفاع الياباني جين ناكاتاني الصفقة، وفق هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية، بأنها "خطوة كبيرة" لتعزيز التعاون الأمني بين طوكيو وكانبيرا.

السفن، التي تصنعها شركة "ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة"، ستزود بـ 32 خلية إطلاق عمودية من طراز Mk 41، قادرة على إطلاق صواريخ أرض-جو وصواريخ مضادة للسفن. هذه القدرة تمكن الفرقاطات من إطلاق 128 صاروخًا دفاعيًا، وهو ما يفوق أربع مرات ما تستطيع السفن السطحية الأسترالية إطلاقه حاليًا.

كما يمكن لهذه الخلايا حمل صواريخ كروز "توماهوك" بمدى يصل إلى 1000 ميل، ما يوسع نطاق الأهداف المحتملة، بالإضافة إلى إمكانية استخدامها لصواريخ مضادة للغواصات بعيدة المدى.

كفاءة وقوة ردع

تتميز فرقاطات "موجامي" بطاقم صغير لا يتجاوز 90 فردًا، مقارنة بـ 170 فردًا في فرقاطات "أنزاك" الأسترالية الحالية، ما يعكس حداثة التصميم ويلائم الدول التي تواجه تحديات في التجنيد العسكري.

وأشار نائب رئيس الوزراء الأسترالي ريتشارد مارليس إلى أن الفرقاطات الجديدة أكبر حجمًا وأكثر قدرة على العمل بفرق تشغيلية أصغر.

ويرى المحللون أن "موجامي" تتفوق على الفرقاطات المنافسة في المنطقة، بما في ذلك بعض الطرازات الصينية. إذ وصفها أليسيو باتالانو من "كينجز كوليدج لندن" بأنها مزيج من التخفي، والكفاءة في الطاقم، وتعدد المهام، مقابل سعر تنافسي.

أشاد كارل شوستر، القائد السابق في البحرية الأمريكية، بقدراتها في الدفاع الجوي مقارنة بالفرقاطة الصينية طراز 054B، فيما أكد سيدهارث كوشال من المعهد الملكي للخدمات المتحدة أن أنظمة السونار اليابانية قد تمنحها ميزة حاسمة في القتال البحري.

صناعة يابانية صاعدة

لطالما منعت اليابان تصدير الأسلحة بعد الحرب العالمية الثانية، لكن سياساتها تغيرت في السنوات الأخيرة. فالفلبين كانت من أوائل المستفيدين، إذ حصلت على رادارات مراقبة جوية يابانية، كما باعت طوكيو صواريخ "باتريوت" الاعتراضية للولايات المتحدة العام الماضي لتعويض ما أرسلته واشنطن إلى أوكرانيا.

صفقة الفرقاطات الأسترالية، التي ستُبنى أول ثلاث منها في اليابان والبقية في أستراليا، تعد أكبر وأهم من هذه الصفقات، وتمثل تحديًا لصناعة السلاح اليابانية في توسيع صادراتها.

عودة شركة ميتسوبيشي

يرى محللون أن الصفقة تعكس تقدمًا في صناعة بناء السفن لدى حلفاء واشنطن مقارنة بالولايات المتحدة نفسها، إذ لا تمتلك البحرية الأمريكية أي فرقاطات منذ عام 2015، ومشروعها الحالي لبناء فرقاطات "كونستليشن" متأخر ثلاث سنوات عن الجدول الزمني.

واعتبر شوستر أن "موجامي" تتفوق على هذه الفئة الأمريكية، فيما أشار باتالانو إلى أن الولايات المتحدة ليست في موقع الابتكار مقارنة بدول مثل إيطاليا، فرنسا، بريطانيا، كوريا الجنوبية، واليابان.

أكدت حكومة رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز أن الصفقة جزء من استثمار دفاعي أوسع يوفر 10 آلاف فرصة عمل، في إطار تعاون دفاعي يشمل اتفاقية "أوكوس" مع الولايات المتحدة وبريطانيا للحصول على غواصات نووية. ومن المقرر توقيع العقود بحلول العام المقبل، مع دخول أول فرقاطة الخدمة في 2029.

تمثل الصفقة عودة قوية لشركة "ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة" إلى سوق السفن الحربية، حيث كانت رائدة في بناء البحرية الإمبراطورية اليابانية قبيل الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك البوارج الأسطورية "ياماتو" و"موساشي". هذه السفن العملاقة، التي كانت قمة التكنولوجيا في زمنها، انتهى بها المطاف غارقة بفعل ضربات الطيران الأمريكي خلال الحرب.