تسعى منظمة الأمم المتحدة من خلال منسقيها لإثناء حكومة طالبان بالرجوع عن القرارات الخاصة بالفتيات والنساء بعدم السماح لهن بالالتحاق بالتعليم الجامعي والعمل في المجال الإنساني لمختلف المنظمات الدولية باستثناء قطاعي الصحة والتعليم، وهي القرارات التي اعتبرتها المنظمات الدولية مرحلة جديدة من القمع والقضاء على التقدم المحرز اتجاه النساء والفتيات في أفغانستان.
من جانبه، دعا مارتن جريفيث، منسق الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ، حكومة طالبان إلى عدم استبعاد النساء من العمل الإنساني، مشيرًا إلى الإرشادات المتوقع أن تصدرها طالبان بشأن السماح للنساء بالعمل في عمليات الإغاثة بأفغانستان، "فلننتظر لنرى ما إذا كانت تلك الإرشادات ستصدر وهل ستكون مفيدة، وما المساحة التي ستتيحها للدور الأساسي والمركزي الذي تقوم به النساء في العمل الإنساني؟".
قال عمر عبادي، مدير البرامج بمنظمة اليونيسف: إن أكثر من مليون فتاة من المفترض أن تكون في المرحلة الدراسية الثانوية حُرمت من فرص التعلم على مدى ثلاث سنوات، أولًا بسبب جائحة كوفيد-19، ثم بسبب الحظر المفروض على التحاق الفتيات بالتعليم الثانوي منذ سبتمبر.
وكانت الأمم المتحدة نظمت زيارة ضمت وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وممثلين من ممثلي الوكالات والمنظمات الدولية الأخرى إلى أفغانستان لمدة أربعة أيام، التقوا خلالها ممثلي المنظمات الإنسانية وفريق الأمم المتحدة وبعثتها السياسية المعروفة باسم يوناما، كما اجتمع الوفد مع سلطات طالبان، والتقوا تسعة من قادة طالبان من بينهم القائمون بأعمال وزراء الخارجية والاقتصاد والداخلية والنائب الأول والثاني لرئيس الوزراء.
وأوضح وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، "أعربنا عن معارضتنا للحظر (المفروض على النساء) وأبدينا الأمل في إلغائه.
ولفت مكتب الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، إلى أن انتهاء النزاع المسلح الذي استمر 20 عامًا بين حركة طالبان وقوات الأمن والدفاع الوطني الأفغانية في أغسطس 2021، واستيلاء طالبان المتزامن على البلاد، أدى إلى دخول حقبة جديدة تتميز بالتدهور الاقتصادي السريع والارتفاعات الحادة في الفقر واستبعاد شبه كامل لنصف السكان المتمثلين في النساء والفتيات من الحياة العامة.
في عام 2023، سيحتاج 28.3 مليون شخص "ثلثا سكان أفغانستان" إلى مساعدات إنسانية عاجلة من أجل البقاء على قيد الحياة مع دخول البلاد عامها الثالث على التوالي من ظروف شبيهة بالجفاف والسنة الثانية من التدهور الاقتصادي المعوق، بينما لا يزال يعاني آثار 40 عامًا من الصراع والكوارث الطبيعية المتكررة. وفق تقديرات مكتب الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة "أوتشا".
ولفت التقرير الأممي إلى أن الاحتياجات الإنسانية في عام 2023 متعددة الأبعاد: "الجفاف، تغير المناخ، وتهديدات الحماية"، لا سيما للنساء والفتيات، والأزمة الاقتصادية.
وأضاف التقرير أنه ضمن هذا الواقع، يواجه 17 مليون شخص الجوع الحاد في عام 2023، بما في ذلك 6 ملايين شخص في مستويات الطوارئ من انعدام الأمن.
وقالت أمينة محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة: "إن وجهة نظر طالبان بشأن حماية المرأة وخلق بيئة تحمي المرأة، نعتبره "قمعًا".
من جانبها، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، تخصيص اليوم الدولي للتعليم هذا العام، للاحتفاء بالفتيات والنساء الأفغانيات، ومن خلال ذلك جددت دعوتها لاستعادة حقهن الأساسي في التعليم على الفور.
وقالت أودري أزولاي، المديرة العامة لليونسكو: "لا ينبغي لأي بلد في العالم أن يمنع النساء والفتيات من الحصول على التعليم. التعليم حق إنساني عالمي ينبغي احترامه. يقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية ضمان استعادة حقوق الفتيات والنساء الأفغانيات دون تأخير. يجب أن تتوقف الحرب ضد المرأة".
ولفتت المنظمة الأممية إلى أن 80 % من الفتيات والشابات الأفغانيات أي نحو 2.5 مليون في سن الدراسة خارج المدرسة حاليًا، بسبب قرار سلطات الأمر الواقع بمنعهن من الالتحاق بالمدارس الثانوية والجامعات.
وأعلنت اليونسكو أنها ستقوم بإنشاء محطة إذاعية تقودها النساء ستنتج أكثر من 200 ساعة من المحتوى التعليمي شهريًا مخصص للفتيات والنساء، يتم بثه إلى 8 مقاطعات على الأقل في جميع أنحاء أفغانستان عام 2023.
وحذرت الوكالة الأممية من أن قرارات سلطات الأمر في أفغانستان تهدد بنسف مكاسب التنمية التي حققتها البلاد على مدى السنوات العشرين الماضية، لافتة إلى أنه من عام 2001 إلى 2021، شهدت أفغانستان زيادة قدرها 10 أضعاف في الالتحاق بجميع مستويات التعليم من نحو مليون طالب إلى 10 ملايين، بدعم من المجتمع الدولي بما في ذلك اليونسكو.
وأوضحت المنظمة في تقريرها أنه خلال هذه الفترة، ارتفع عدد الفتيات في المدارس الابتدائية من صفر تقريبًا إلى 2.5 مليون. كما زادت مشاركة المرأة في التعليم العالي نحو 20 مرة، من 5000 طالبة إلى أكثر من 100 ألف.
وتضاعفت تقريبًا معدلات معرفة القراءة والكتابة لدى النساء- من 17 % من النساء القادرات على القراءة والكتابة في عام 2001 إلى ما يقرب من 30 % لجميع الفئات العمرية مجتمعة.