أدت موجة الاحتجاجات الثانية على خطة الحكومة الفرنسية لرفع سن التقاعد، اليوم في "الثلاثاء العاصف"، إلى اضطراب على مستوى البلاد نتج عنه تعطل المدارس، والنقل العام، وأزمات في توليد الكهرباء.
تأمل النقابات العمالية، التي خططت للمسيرات في جميع أرجاء فرنسا على مدار اليوم، إلى مواصلة الضغط على الحكومة، مُتمنية تكرار الإقبال الكبير الذي شوهد في تظاهرات "الخميس الأسود" يوم 19 يناير الماضي، إذ احتج أكثر من مليوني فرنسي على رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 وتسريع خطة رفع الحد الأدنى لسن استحقاق المعاش.
لا مجال للخطأ
ويُؤكد بعض الخبراء أن أي تأخير في الدعم اليوم قد يكون قاتلًا للزخم.
وأشار دومينيك أندولفاتو، أستاذ العلوم السياسية، إلى أن النقابات "رفعت سقف المطالب"، مُؤكدًا أنه "ليس هناك مجال للأخطاء"، وفقًا لـ"فرانس 24".
وصف، لوك فار، الأمين العام للاتحاد الوطني للنقابات المستقلة لموظفي الخدمة المدنية، الإصلاح بأنه "غير عادل وقاسٍ".
قالت، سيلين فيرزيليتي، المسؤولة في اتحاد "سي جي تي": "يبدو أنه سيكون هناك مزيد من المشاركين"، وفقًا لما أشارت إليه "فرانس 24".
فيما أكد رئيس نقابة "سي إف دي تي" المعتدلة، لوران بيرجي، أن "الناس يرفضون المشروع بشدة، وهذا الرأي آخذ في الانتشار"، في إشارة لنتائج استطلاعات الرأي، داعيًا البرلمانيين إلى عدم المضي قدمًا في تأجيل السن القانوني إلى 64، لأن الغالبية العظمى من الموظفين ترفضه، وفقًا لصحيفة "لو بوان" الفرنسية.
وأكد "بيرجي" أن أي نقاش لن يتم إلا بعد العودة عن قرار رفع سن التقاعد إلى 64 عامًا، مُحذرًا من أن تجاهل الحكومة للتعبئة سيكون "خطأ"، بحسب ما أشارت "تي أف 1 إنفو" الفرنسية.
مسيرات في أرجاء فرنسا
ومن المتوقع أن تنطلق 200 مظاهرة احتجاجية في أرجاء فرنسا، بما في ذلك مسيرة كبيرة في باريس، تنتهي بمظاهرة خارج البرلمان الفرنسي، إذ بدأت اللجان البرلمانية النظر في مشروع القانون المقترح أمس الاثنين، وفقًا لما أوردت "بي أف أم تي في" الفرنسية.
تعطل الدراسة واضطراب النقل والطاقة
أشارت نقابة معلمي المدارس الابتدائية، إلى إضراب نصف المعلمين عن العمل، وكذلك أولئك الذين يعملون في مصافي النفط وغيرها من الصناعات، مثل محطات البث الحكومية التي باشرت بإذاعة الموسيقى بدلًا من البرامج الإخبارية.
ومن المتوقع أن تنخفض إمدادات الطاقة الفرنسية 4.4 %، أو 2.9 جيجاوات، إذا انضم العاملون في المفاعلات النووية ومحطات الطاقة الحرارية إلى الإضراب، وفقًا لبيانات من مجموعة "إي.دي.إف".
ومنع الإضراب، وفقًا لشركة "توتال إنرجي"، شحنات المنتجات البترولية من مواقعها في فرنسا، ومع ذلك، أضافت الشركة أن محطات الوقود كانت ممتلئة بالكامل وأنه تمت تلبية احتياجات العملاء.
فيما حذر، كليمنت بون، وزير النقل، من أن الانتقالات على مدار اليوم ستكون "صعبًة، بل صعبًة للغاية"، ونصح الفرنسيين بتأجيل سفرهم والعمل من المنزل إذا كان ذلك ممكنًا.
فيما أعلنت بعض الإدارات المحلية بالفعل إغلاق الأماكن العامة مثل الملاعب الرياضية، بالإضافة أيضًا لإغلاق بعض المدارس، نتيجة لمشاركة المعلمين في الاحتجاجات.
رفض الفرنسيين
وأشارت استطلاعات الرأي، إلى أن غالبية الفرنسيين يعارضون الإصلاح، إلا أن الرئيس إيمانويل ماكرون وحكومته يخططان لدعمه بكل قوة، إذ زعم الرئيس الفرنسي يوم الاثنين أن الإصلاح "ضروري"؛ لضمان استمرارية نظام المعاشات التقاعدية.
وفقًا لوزارة العمل، فإن زيادة سن التقاعد لمدة عامين وإطالة فترة السداد، سيؤدي إلى زيادة اشتراكات التقاعد السنوية بمقدار 17 نقطة وسبعة مليارات، مما يسمح للنظام بالموازنة بحلول عام 2027.
تعنت الحكومة
أشارت الحكومة، بعد مظاهرات "الخميس الأسود"، إلى وجود مجال للتفاوض بشأن بعض الإجراءات، مثل عدد سنوات العمل اللازمة للتأهل للحصول على معاش تقاعدي كامل، والميزات الخاصة للأشخاص الذين بدأوا العمل في سن مبكرة، بالإضافة إلى مزايا للأمهات اللواتي يحصلن على إجازة لرعاية أطفالهن.
صرحت رئيسة الوزراء، إليزابيث بورن، بصورة قاطعة، يوم الأحد، إن الحد الأدنى لسن التقاعد هو 64 عامًا، وبحسب إذاعة "فرنس إنفو"، قالت رئيسة الحكومة إن مُناقشة سن التقاعد "لم يعد قابلًا للتفاوض".