تستعد فرنسا لإضرابات كبيرة في قطاع النقل، إذ من المقرر أن يصطدم البلد بموجة من الإضرابات والاحتجاجات الجماعية للمرة الثانية خلال شهر، اليوم في مظاهرات "الثلاثاء العاصف"؛ احتجاجًا على الإصلاح المُزمع لرفع سن التقاعد.
قال مصدر في الشرطة لوكالة "فرانس برس"، إنه من المتوقع أن يشارك حوالي مليون شخص في موجة التظاهرات بجميع أنحاء البلاد؛ احتجاجًا على خطط رفع سن التقاعد من 62 إلى 64.
شهدت فرنسا يوم 19 يناير "الخميس الأسود"، موجة كبيرة من التظاهرات بمشاركة حوالي 1.1 مليون شخص في الاحتجاجات، وفقًا لما أظهرت بيانات الشرطة الفرنسية، والتي تُعد الأكبر منذ الجولة الأخيرة لإصلاح نظام التقاعد أثناء رئاسة نيكولا ساركوزي في 2010.
مسيرات في أرجاء فرنسا
ومن المتوقع أن يكون هناك 200 مظاهرة احتجاجية في أرجاء فرنسا، بما في ذلك مسيرة كبيرة في باريس، تنتهي بمظاهرة خارج البرلمان الفرنسي، حيث ستبدأ اللجان البرلمانية النظر في مشروع القانون المقترح يوم الاثنين المُقبل، وفقًا لما أوردت "بي أف أم تي في" الفرنسية.
شلل قطاعي النقل والتعليم
وإلى جانب مسيرات الاحتجاج، قررت النقابات إضرابًا ضخمًا عن العمل اليوم الثلاثاء، لذا من المتوقع أن تصاب عدة قطاعات حيوية في فرنسا بالشلل، وبالأخص عمال قطاعي النقل والتعليم وقطاع الطاقة، حيث سيضطر العديد من الفرنسيين إلى استخدام وسائل نقل بديلة أو العمل من المنزل أو أخذ إجازة لرعاية أطفالهم في سن المدرسة، بسبب مشاركة عدد كبير من العاملين في هذه القطاعات بالإضرابات، وفقًا لوكالة "فرانس برس".
قالت شركة النقل في العاصمة RATP إن معظم خدمات مترو الأنفاق والسكك الحديدية في الضواحي في باريس، ستفرض قيودًا شديدة ومهددة بالشلل الجزئي، وفقًا لما أفادت "بي أف أم تي في" الفرنسية.
قالت شركة السكك الحديدية الوطنية SNCF إن السفر بين المدن سيتعطل أيضًا، حيث يعمل قطار واحد فقط من كل ثلاثة قطارات عالية السرعة.
أفادت نقابة المعلمين الرئيسية Snuipp-FSUإن حوالي نصف معلمي الحضانة والمدارس الابتدائية سيشاركون في موجة الإضرابات.
من المتوقع حدوث اضطراب طفيف فقط في خدمات القطارات الدولية، بما في ذلك خدمات قطارات شركات "يوروستار"، فيما حذر، كليمنت بون، وزير النقل من أن الانتقالات يوم الثلاثاء ستكون "صعبة، بل صعبة للغاية"، ونصح الفرنسيين بتأجيل سفرهم والعمل من المنزل إذا كان ذلك ممكنًا.
النقل الجوي أفضل حالًا
سيكون السفر الجوي أقل تأثرًا، حيث قالت شركة الطيران الوطنية "إير فرانس"، إنها ستُلغي واحدة من كل 10 رحلات قصيرة ومتوسطة المدى، لكن الرحلات الطويلة لن تتأثر.
أظهر استطلاع جديد أجرته مجموعة استطلاع الرأي يوم أمس الاثنين أن61% من الفرنسيين يؤيدون حركة الاحتجاج، مما يمثل زيادة ثلاث نقاط مئوية عن استطلاع أجري في 12 يناير الماضي، وفقًا لـ"فرانس 24".
سن التقاعد
تمثل الجزء الأكثر إثارة للجدل في مشروع الإصلاح، نقطة رفع الحد الأدنى لسن التقاعد، إذ إن التغييرات تهدف أيضًا إلى زيادة عدد السنوات التي يتعين على الأشخاص فيها تقديم مساهمات قبل أن يتمكنوا من الحصول على معاش تقاعدي كامل.
كان قد وضع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إصلاح المعاشات التقاعدية في صميم حملته لإعادة انتخابه العام الماضي.
الحكومة والمناورة
وأشارت الحكومة إلى أنه قد يكون هناك مجال للمناورة بشأن بعض الإجراءات المقترحة على المشروع، لكن رئيسة الوزراء، إليزابيث بورن، قالت إن نقطة رفع سن التقاعد "غير قابلة للتفاوض"، وفقًا لـ"فرانس إنفو".
كانت قد بدأت أمس الاثنين لجان البرلمان الفرنسي دراسة مشروع القانون، إذ يواجه ماكرون وحلفاؤه أيضًا معركة شاقة من أجل تمرير الإصلاح.
وفي المقابل قدمت المعارضة اليسارية أكثر من 7000 مقترح لتعديل مشروع القانون في محاولة لإبطاء مسارها عبر البرلمان.
تُجدر الإشارة إلى أن فرنسا لديها حاليًا أقل سن للتقاعد في الاقتصادات الأوروبية الكبرى.