الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

رش البعوض بالمُسيَّرات.. الصين تكافح "شيكونجونيا" بأدوات "كوفيد"

  • مشاركة :
post-title
عامل يرش مبيدًا حشريًا في مجمع سكني بهونج كونج

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

ارتفعت أعمدة الدخان من نوافذ المنازل والمعابد القديمة في تينجتشونج، بينما كان فريق من العاملين في مجال الرش يبحثون عن البعوض في القرية الواقعة في جنوب الصين.

ومنذ أوائل الشهر الماضي، شنَّت السلطات الصينية حربًا على البعوض في محاولة للقضاء على تفشي فيروس "شيكونجونيا" المتزايد في مقاطعة جوانجدونج، وهو مرض تنقله الحشرات.

وحسب صحيفة" فايننشال تايمز" البريطانية، نجحت الحملة -التي استُخدِمت فيها طائرات بدون طيار وحتى مخلوقات مفترسة أخرى- في حشد الجهاز الصحي في الصين بطريقة لم نشهدها منذ عمليات الإغلاق الجماعي بسبب جائحة كوفيد-19.

كان وو، عامل مكافحة آفات في الستينيات من عمره، يساعد زميله في ضخ الأبخرة في مسكن مهجور في تينجتشونج، وقال إن فريقه يمر بالقرية مرتين يوميًا، وأضاف عن عدوه الحشري: "من الأفضل القضاء عليها جميعًا".

وقال ليو، أحد سكان تينجتشونج، والذي يعتقد أنه كان من بين أولى حالات شيكونجونيا التي سجلتها السلطات الصحية، إن الحكومة تأخذ تفشي المرض "على محمل الجد"، وأضاف: " قبل هذا الفيروس، كنت أشعر بقلق شديد من لدغات البعوض يوميًا.. الآن، لم يعد هناك بعوضة واحدة".

أبلغ المسؤولون في مقاطعة جوانجدونج عن أكثر من 7000 حالة إصابة بالفيروس، منذ الشهر الماضي، ويتركز تفشي المرض في فوشان، وهي مركز صناعي يقطنه 9 ملايين نسمة، لكن السلطات رصدت حالات في أماكن بعيدة مثل هونج كونج وماكاو، كما أفادت وسائل الإعلام الرسمية بعدد غير محدد من الحالات في مقاطعة هونان المجاورة.

رغم أن حمى شيكونجونيا قد تسبب أعراضًا مؤلمة، إلا أنها نادرًا ما تكون قاتلة، ولم تبلغ السلطات الصينية عن أي وفيات نتيجة تفشي المرض الحالي. ومع ذلك سارعت إلى اتخاذ إجراءات احتواء المرض.

وبالإضافة إلى إجراء عمليات التبخير المنتظمة ودخول المنازل للتحقق من وجود مياه راكدة يمكن أن تتكاثر فيها الحشرات، بدأ المسؤولون في جوانجدونج في تتبع مواقع التكاثر باستخدام طائرات بدون طيار، وفي بعض المناطق، إدخال أنواع من أسماك الشبوط ويرقات البعوض العملاق الذي يأكل البعوض الحامل، وفقًا لوسائل الإعلام المحلية.

أثارت بعض جوانب الحملة ذكريات غير سارة عن جهود السيطرة على جائحة كوفيد-19، وأصدر مسؤولو فوشان تعليمات للصيدليات بتسجيل أسماء الزبائن الذين يشترون أدوية لعلاج أعراض شيكونجونيا، مثل الطفح الجلدي وآلام المفاصل والحمى.

وفي الوقت نفسه، أصدرت مدينتان في مقاطعة فوجيان المجاورة تذكيرات للزائرين من فوشان بالخضوع لمراقبة ذاتية لمدة 14 يومًا، وفقا لوسائل الإعلام الرسمية، على الرغم من أن الإشعارات الأصلية يبدو أنها حُذِفت منذ ذلك الحين.

وفي منطقة واحدة على الأقل متأثرة بالفيروس، يسجل الأطباء تفاصيل الأفراد المصابين لدى لجنة الحزب الشيوعي المحلية، التي تنقلهم بعد ذلك إلى أجنحة "الحجر الصحي" الخاصة في المستشفيات، حيث يتم فصل المرضى بشبكات الشاش، وفقًا لأحد العاملين في مجال الصحة الذي طلب عدم الكشف عن هويته.

وأضافوا أن السكان يمكنهم مغادرة المستشفى بمجرد التأكد من عدم إصابتهم بالعدوى من خلال اختبار الحمض النووي.

رغم أن حمى شيكونجونيا لا تنتقل مباشرة من إنسان إلى آخر، إلا أن المرض يمكن أن ينتشر عندما تلدغ البعوضة التي عضَّت شخصًا مصابًا شخصًا آخر.

كما عرضت السلطات المحلية أيضًا اختبارات الحمض النووي المجانية في مناطق فوشان، والتي يتم إجراؤها أحيانًا من قبل العاملين الصحيين تحت ملاجئ خارجية مؤقتة تذكرنا بمواقع أخذ عينات جماعية من كوفيد.

وفي اجتماع عُقِد الأسبوع الماضي، دعا حاكم المقاطعة وانج وي تشونج المسؤولين إلى تشجيع السكان على إشعال لفائف البعوض، وتركيب شبكات الشاش، واستخدام رذاذ الحشرات كجزء من "حملة صحية وطنية" لمنع انتشار الفيروس.

وقال: "يجب على جميع الأماكن والإدارات في المقاطعة أن تفوز بقوة في معركة منع الوباء والسيطرة عليه، ومعركة منعه ومعركة القضاء عليه".

ويرى جوزيف تسانج، خبير الأمراض المعدية في هونج كونج، أن اجتهاد الصين يأتي في وقت أدى فيه تغير المناخ إلى زيادة مخاطر الأمراض التي ينقلها البعوض مثل شيكونجونيا وحمى الضنك من خلال زيادة حالات هطول الأمطار الغزيرة والأعاصير.

وقال عن الحملة في فوشان: "يتعين عليهم تغطية مساحة واسعة، لذا فإن الحد من تكاثر البعوض يستغرق وقتًا.. الحكومة المركزية لا ترغب حقًا في تكرار هذه المشكلة هذا العام".

في تينجتشونج، تذكر لافتات حمراء وصفراء تحمل شعارات تذكر السكان بمخاطر المياه الراكدة والبعوض، وقال ليو -الذي تعافى تمامًا- إن الوعي بهذا المرض آخذ في الازدياد. 

وأضاف: "قبل هذا العام، كنا نطلق عليه اسم حمى الضنك، ولكن هذا العام فقط أدركوا أنه ليس حمى الضنك بل شيء مشابه.. آمل أن تتمكن الحكومة من مواصلة تنفيذ كل هذه التدابير، والاستمرار في إبادة البعوض بشكل متكرر، حتى لا نضطر إلى التعامل مع المشكلات التي يسببها".