الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بعد اختياره بـ"لوكارنو".. الجعفري: "مع حسن في غزة" صنع نفسه بنفسه

  • مشاركة :
post-title
فيلم مع حسن في غزة

القاهرة الإخبارية - إنجي سمير

أعلنت إدارة مهرجان لوكارنو السينمائي عن اختيار فيلم "مع حسن في غزة" للمخرج الفلسطيني كمال الجعفري، ليفتتح المسابقة الدولية في النسخة الـ 78 المقرر إقامتها في الفترة من 6 إلى 16 أغسطس المقبل.

يستند الفيلم إلى لقطات فيديو أُعيد اكتشافها مؤخرًا، صُوّرت خلال رحلة إلى المنطقة قبل 24 عامًا، إذ يصف "الجعفري" أحدث أعماله بأنه "تحية لغزة وأهلها، لكل ما مُحي وعاد إليّ في هذه اللحظة المُلحّة من الوجود الفلسطيني، أو العدم، فهو فيلم عن الكارثة التي حدثت".

يتتبع فيلم "مع حسن في غزة" رحلة برية عام 2001 بين الجعفري وحسن، وهو مرشد محلي، حيث يسافران من الشمال إلى الجنوب على طول الشريط الساحلي بحثًا عن عبد الرحيم، وهو رجل التقى به المخرج عام 1989 عندما كانا يقضيان فترة عقوبتهما معًا كمراهقين في قسم الأحداث بسجن النقب الصحراوي الإسرائيلي.

في ذلك الوقت، كان الجعفري يدرس السينما في كولونيا بألمانيا، وكان يأمل في العثور على عبد الرحيم كجزء من بحثه لمشروعٍ مُخطط له حول تجربته في السجن.

الجعفري، الذي نشأ في مدينة الرملة الإسرائيلية، اتُهم من قِبل محكمة عسكرية بالانضمام إلى منظمة معادية أثناء دراسته الثانوية وبينما ناقش سجنه في فيلمه الروائي الأول "السقف" عام 2006، إلا أنه لم يستخدم لقطات غزة في النهاية، ونسيها تمامًا حتى عثر مؤخرًا على أشرطة MiniDV بالصدفة.

ويقول "الجعفري": "هذا أول فيلم لم أصنعه قط".

وتصوّر اللقطات الحياة البسيطة في غزة - الأطفال يلعبون على الشاطئ، والأسواق الخارجية الصاخبة، والمقاهي المزدحمة، والأحياء النابضة بالحياة - وقد اتخذت سياقًا جديدًا تمامًا في ضوء تدمير غزة وعشرات الآلاف من الأشخاص الذين قتلوا على يد القوات الإسرائيلية منذ أن أدت هجمات المسلحين الفلسطينيين في عام 2023 إلى اندلاع الحرب الوحشية.

يقول المخرج المقيم في برلين: "من الضروري حقًا التفكير فيما حدث لكل هؤلاء الناس عند مشاهدتهم".

ويضيف: "إنها معجزة أن أجد هذه الأشرطة، فالحياة غامضة للغاية، حيث تظهر في هذه اللحظة التي تبدو فيها معنى حقيقيًا، وكأنهم كانوا ينتظرون 24 عامًا، ليُكتشفوا في الواقع، أن هذا فيلمٌ صنع نفسه بنفسه".

وأوضح: "هناك لقطات طويلة، ولقطات كثيرة في السيارة، وكل شيء اليوم له معنى مختلف تمامًا لأننا نعلم أن غزة دُمرت ولا نعرف ما حدث لكل هؤلاء الناس، فمن نواحٍ عديدة، يعتبر حقًا توثيقًا لحياة لم تعد موجودة ولا أعرف مصير أيٍّ منهم، ولا مصير حسن".

وتابع: "ما من عائلة لم تفقد بعض أفرادها"، مشيرًا إلى أن أقاربه، أفراد عائلة والدته، المنحدرين من يافا، انتهى بهم المطاف في غزة بعد تهجيرهم عام1948.

وأضاف: "الوضع لا يُوصف، ويزداد سوءًا، كما تعلمون، خصوصًا أن المرء لا يستطيع المساعدة وبالتالي ماذا عساه أن يفعل؟".

يرى الجعفري أن الفيلم يُتيح على الأقل فرصةً لمعالجة الوضع، حيث يُرحب بشدة اختياره في قسم المسابقة الدولية في مهرجان لوكارنو، إذ يقول:" أشعر بالسعادة لعرض الفيلم في افتتاح المسابقة الدولية، فعرض فيلم كهذا أمرٌ بالغ الأهمية وهو تقريبًا الحد الأدنى الذي يُمكن فعله، أن نُشارك في هذه الحياة التي لم تعد موجودة".

يبدو أن الفيلم يُحدث تأثيرًا قويًا بين مُبرمجي المهرجانات، إذ تلقى الجعفري بالفعل تأكيداتٍ من 35 مهرجانًا دوليًا، بما في ذلك مهرجانات في أمريكا الشمالية لعرضه فيها، إذ قال:" نتلقى دعواتٍ يوميًا تقريبًا، وهذا أمرٌ رائع وهناك الكثير من الأشخاص الذين لديهم مشاعر جياشة، مما يمنحنا الكثير من الأمل، لكنه يبقى شعورًا حلوًا ومرًّا في آنٍ واحد".

ويضيف الجعفري أن عرض الفيلم "أمرٌ يصعب الاحتفال به، لذا أتطلع لعرضه والحديث عنه، لكن من الصعب جدًا الشعور بالسعادة لعرضه، خاصةً عندما تعلم أن غزة لم تعد موجودة".

وللتعبير عن هذا الشعور بالخسارة، تعاون الجعفري مع الملحن سيمون فيشر تيرنر، الذي انضم إلى المشروع في وقتٍ مبكر.

يضيف الجعفري أن موسيقى تيرنر تُجسّد ببراعة، على المستوى العاطفي، عاطفة الفيلم، وجوهر مكان وأشخاص لا وجود لهم إلا في الماضي.

يقول الجعفري: "كان يُرسل لي كل أسبوع تقريبًا مقطوعات موسيقية جديدة، لذلك لديّ أرشيف كامل من المقطوعات الموسيقية الرائعة التي أرسلها إلينا".

على الرغم من أن الجعفري لا يزال يقيم في برلين، إلا أنه رفض التمويل الألماني لمشروع "مع حسن في غزة"، واتجه بدلاً من ذلك إلى مصادر دعم فرنسية وسويسرية وكندية، بما في ذلك معهد الأفكار والخيال في جامعة كولومبيا في باريس، حيث يشارك حاليًا في الزمالة.

وقال عن ذلك: "كنتُ محظوظًا بالحصول على هذه الزمالة والعمل على هذا الفيلم، فكان المعهد نفسه داعمًا للغاية، هناك أشخاصٌ لديهم قلبٌ صائبٌ حقًا، فمن المهم جدًا أن نفهم أنه على الرغم من هذه اللحظة المروعة التي نعيشها، هناك الكثير من الناس الذين يريدون الدفاع عن الإنسانية والوقوف إلى جانب الفلسطينيين في هذه اللحظة العصيبة".

يعمل الجعفري حاليًا على تمويل مشروعه المقبل، وهو فيلم روائي طويل بعنوان "بيروت 1931"، ويأمل في تصويره في يافا العام المقبل.