في ضوء الفشل في تحقيق أهداف العدوان على قطاع غزة، تتصاعد التوترات بين قيادات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وبلغت الانتقادات الداخلية لعملية "عربات جدعون"، التي بدأت في مراحلها الأولى، ذروتها في اجتماع هيئة الأركان العامة، الخميس الماضي، كما كشفت تقارير للإعلام الإسرائيلي.
وخلال النقاش، الذي سرعان ما تحول إلى صراخ، اتهم قائد سلاح الجو الإسرائيلي، تومر بار، قائد القيادة الجنوبية، يانيف آسور، بالافتقار إلى الاحترافية في تنفيذ العمليات العسكرية، مما يُلحق الضرر بكل شيء ويزيد من عدد الضحايا من المدنيين الأبرياء. بينما ردّ آسور: "أنت، هناك في تل أبيب، منفصل عن جبهة القتال".
وتكشف المحادثة، التي نشر محتواها لأول مرة في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، عن عمق التفكك العسكري لجيش الاحتلال وقياداته في ضوء فشل العدوان على القطاع رغم كل ما فعلوه، والضغوط التي تمارسها القيادة السياسية على كبار قادة الجيش الإسرائيلي.
وتشير صحيفة "هآرتس" إلى أنه "رغم أن الجيش كان من المقرر أن يعلن في الأيام الأخيرة انتهاء العملية دون التوصل إلى شروط مواتية للمفاوضات مع حماس، فمن المتوقع أن يناقش مجلس الوزراء يوم الخميس توسيع نطاق القتال. وكان رئيس الأركان إيال زامير وقائد المنطقة الجنوبية قد تعهدا بتحقيق كافة أهداف العملية خلال شهرين، على الرغم من أن البعض في الجيش شكك في ذلك منذ البداية".
من النافذة
تنقل "هآرتس" عن ضابط كبير بجيش الاحتلال أن آسور لم يُقيّم طبيعة القتال بشكل صحيح "لقد شاهد الحرب من مقر قيادة الجيش الإسرائيلي في تل أبيب عندما كان رئيسًا لشعبة شؤون الموظفين. وفجأة، اكتشف أن الأمر ليس بالسهولة التي ظنها".
وأضاف: "ليس كل ما نتمناه يتحقق. لم يُدرك (آسور) معاناة الجنود المقاتلين في الميدان، وفجأة أدرك هو ورئيس الأركان أن الأمر أكثر تعقيدًا مما كان يظن قبل توليه المنصب".
وتابع أن قائد القيادة الجنوبية لجيش الاحتلال "اعتقد أنه إذا هاجمنا أكثر، ودمرنا أكثر، وقتلنا المزيد من الناس، فإن حماس ستستسلم. هذا لم يحدث، وهذا يُحبطه. يشعر وكأنهم تركوه وشأنه".
وفي تصريحاته، لم يمثل قائد سلاح الجو موقفه الخاص بشأن إدارة الحرب فحسب، بل مثل أيضًا موقف عدد كبير من الطيارين المقاتلين الذين سعوا إلى وقف أنشطتهم في قطاع غزة بعد الحرب مع إيران.
دون تخطيط
يقول التقرير إن الطيارين، الذين استُدعوا للخدمة عقب عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023، والذين يُواصلون العدوان على القطاع ودول المنطقة دون توقف منذ ذلك الحين، أخبروا بار أنهم يجدون صعوبة في مواصلة القتال في ظل مقتل مدنيين أبرياء في جميع أنحاء قطاع غزة، وخاصة في مناطق توزيع الغذاء.
ويُقال إن سلاح الجو الإسرائيلي غالبًا ما يُستخدم دون تخطيط عملياتي كافٍ، وليس لحماية القوات التي تتوغل في القطاع، كما كان الحال في المراحل الأولى من الحرب. كما يعتقد بعض الطيارين -مثل قائدهم- أن إدارة القيادة الجنوبية "غير مهنية وغير متكيفة مع الحملة، وأن إحدى نتائج ذلك هو مقتل العديد من المدنيين في غزة".
وتلفت "هآرتس" إلى أن تصريح آسور في اجتماع هيئة الأركان العامة لجيش الاحتلال "يُحاكي سلسلة تصريحات سابقة له، تحدث فيها بشكل غير لائق عن طياري سلاح الجو. على سبيل المثال، انتقد الطيارين الذين لم يكونوا راضين عن أسلوب إدارة القتال في غزة".
كما هاجم قائد المنطقة الجنوبية الطيارين عندما هددوا بعدم الطيران احتجاجًا على ما قالت حكومة نتنياهو إنه "إصلاح قضائي"، وادّعى أن جميع أفراد الدعم الفني في سلاح الجو "يشغلون مناصب مختلفة عن مناصبهم"، مما يُشير إلى أن الطيارين يعاملون الطاقم الفني "باستعلاء"؛ وفق الصحيفة.