الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

كل شيء يقتل في القطاع.. حلم الدواء والغذاء صار سرابا في غزة

  • مشاركة :
post-title
معاناة المرضى جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تحولت الأمراض المزمنة البسيطة مثل السكري ومشكلات الغدة الدرقية إلى أحكام إعدام بطيئة تحت الحصار الإسرائيلي الخانق على قطاع غزة، في حين تحاول وسائل إعلام غربية مثل "نيويورك تايمز" و"نيويورك بوست" التقليل من شأن المجاعة، بالإشارة إلى "حالات مرضية مسبقة"، كشف موقع "ذا إنترسيبت" الأمريكي مع تسعة فلسطينيين مرضى حقيقة مختلفة، وهي أن الجوع والمرض يتفاعلان معًا ليخلقا معاناة مضاعفة قاتلة.

مرضى السكري

يبحث "ضياء" البالغ من العمر 16 عامًا يوميًا عن قارورة أنسولين في صيدليات غزة الفارغة، ويخبر "ذا إنترسيبت": "أتحدث من مكان يكون فيه الغد غير مؤكد".

انقطاع الكهرباء لساعات وأيام يهدد بإفساد ما يتمكن من تأمينه من أنسولين، فيضطر لحقن جرعات أقل من المطلوب، "مع العلم أن هذا يدمرني ببطء".

ويشير "ضياء" إلى أنه عندما ينخفض السكر لديه، لا يجد ما يأكله، لا مكعبات سكر، ولا تمر، ولا حتى خبز، وعندما يرتفع، يعجز عن إنزاله دون شرائط فحص السكر المفقودة، ويتعرف على الخطر فقط من خلال الأعراض المفاجئة، وهي الدوخة، والتعرق الغزير، وعدم وضوح الرؤية، أو الانهيار الكامل.

ويواجه "صبري ونظمية"، الزوجان السبعينيان من مواليد عام النكبة، كارثة جديدة في مخيم الشاطئ للاجئين، إذ يقول "صبري" بصوت ضعيف ويدين ترتجفان: "أصبنا بالسكري بعد الستين، لكن كان لدينا دواء ونستطيع الأكل، الآن لا نملك شيئًا".

أما "نظمية" فتنهار مرارًا من انخفاض السكر الخطير، حيث "تفقد الوعي، ونسرع بها للمستشفى الميداني، لكنهم يراقبونها فقط، لا أنسولين، لا أقراص، لا شرائط فحص".

كلاهما من مرضى السكري من النوع الثاني، يحتاجان لأدوية يومية مثل الميتفورمين والجليبنكلاميد أو الأنسولين.

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يمكن أن يؤدي السكري غير المعالج لدى كبار السن إلى مضاعفات خطيرة تشمل نقص السكر في الدم والوفاة.

داخل الخيام، ترتفع درجات الحرارة فوق 35 مئوية نهارًا، ما يزيد الجفاف وخلل توازن السكر.

الغدة الدرقية.. عبء قاتل

تصارع "بشرى" البالغة من العمر 58 عامًا مرض الغدة الدرقية غير المعالج، الذي يسبب تذبذبًا عنيفًا في وزنها، وتخبر "ذا إنترسيبت": "أجد صعوبة بالغة في النهوض من السرير أو حتى القيام بأبسط المهام اليومية". الإرهاق يلاحقها بلا رحمة، مع نوبات غضب شديدة.

حتى عندما يتوفر الدواء، فإن سعره يفوق قدرتها المالية بكثير.. "أضطر للسفر مسافات طويلة للوصول إلى مركز طبي حيث يعطونني نصف شريط دواء فقط يكفي أسبوعين بالكاد".

يشير "ذا إنترسيت" إلى أن مرضى الغدة الدرقية يحتاجون لتغذية خاصة، مثل السمك والبيض لتعويض النقص في الجسم، لكن "كل ما نحصل عليه تقريبًا هو الأطعمة المعلبة والمحفوظة التي لا تلبي هذه الاحتياجات".

في شهرين فقط، فقدت "بشرى" 15 كيلوجرامًا، وتقول: "النزوح والجوع والمعاناة المستمرة أثرت بشدة على جسدي، كل يوم أشعر بضعف أكبر، وأملي في الشفاء يتلاشى ببطء".

الأمراض الجلدية والقلب.. معاناة مضاعفة

تعيش رانيا التي تبلغ من العمر 49 عامًا، مع الأكزيما التي تتغير مع الفصول، إذ تختلف أعراض الشتاء عن الصيف، حيث جلدها يحمر ويحك، وأحياناً يتقشر ويتشقق، كما أن التلوث البكتيري في البيئة المحيطة يجعل جلدها يفرز سوائل، ما يجبرها على الحفاظ على نظافة صارمة باستمرار.

تحتاج "رانيا" إلى أدوية محددة مثل مضادات الحساسية، ومضادات الهيستامين، وكريم ديرموفيت، والكريمات المرطبة، إضافة لمكملات فيتامين د، وتقول: "من الصعب جدًا العثور على ما أحتاجه والحفاظ على النظافة التي تتطلبها حالتي"، خاصة الشامبو والصابون الخاص.

وأضافت أن الشمس القاسية والحر والهواء الملوث والرمال المتطايرة تجبرها على ارتداء ملابس تغطي الجسم كاملًا، لكن هذه الطبقة الواقية تحبس الحرارة والرطوبة وتُزيد الأكزيما سوءًا.

كذلك "هبة بركة" التي تبلغ من العمر 37 عامًا من دير البلح، تعاني من الرجفان الأذيني منذ 2016، إذ كانت قبل الحرب تذهب للمستشفى عند تسارع ضربات قلبها وتتلقى العلاج الوريدي والمراقبة المكثفة، والآن تقول: "لا يوجد عناية مركزة، لا قسم طوارئ، لا جرعة كاملة من أي شيء".

توصف لـ"هبة" أدوية لتنظيم ضربات القلب، لكنها تحصل على نصف الجرعة فقط، إن حالفها الحظ "أكسر الحبوب وأدخرها للأيام الأسوأ، وعندما تبدأ الرفرفة، آخذ أكثر من النصف جرعة محاولة إيقافها".

وتشير مريضة القلب إلى أن الجوع يزيد كل شيء سوءًا، فالطعام نادر وتأكل مرة واحدة يوميًا، إن وُجد طعام "عندما لا آكل بما يكفي، يتصرف قلبي بشكل أسوأ، حتى عندما آخذ الحبة، جسدي لا يستجيب بالطريقة نفسها، أشعر بدوخة وكأنني أتلاشى"، كما أن سوء التغذية يضعف قدرة جسدها على امتصاص الدواء، والجفاف والإرهاق يثيران نوبات أكثر.