مر 25 عامًا على رحيل الممثل المصري مصطفى متولي، وهو رقم يبدو من الصعب تصديقه بالنسبة لجمهور السينما، وأيضًا متابعي الدراما التلفزيونية، خصوصًا في فترة التسعينيات من القرن الماضي، والذين ارتبطوا بأحد نجوم الأدوار المساعدة والمتخصص في أدوار الشر، ورغم أنه لم يصعد يومًا إلى أدوار البطولة المطلقة، فإنه يظل واحدًا من أبرز نجوم التمثيل في مصر.
رحل مصطفى متولي عن عالمنا في مثل هذا اليوم 5 أغسطس، بعدما قدم العديد من الأعمال الفنية من خلال الأدوار المساعدة.
متولي المولود في محافظة كفر الشيخ تعلق بالتمثيل منذ صغره، وشارك في بعض العروض المسرحية بفريق التمثيل بالمدرسة، قبل أن ينتقل إلى القاهرة ويصقل موهبته بالدراسة.
وبعد تخرجه في المعهد العالي للفنون المسرحية، شارك في أعمال سينمائية شهيرة في فترة السبعينيات لكن بأدوار بسيطة للغاية، أقرب إلى "الكومبارس"، حتى إنه لم يكن للشخصية التي يجسدها اسم.
من بين هذه الأعمال التي تمثل اللقاء الأول بين مصطفى متولي وحلمه بالتمثيل والشهرة، كان فيلم "خلي بالك من زوزو"، حيث شاهد في موقع التصوير نجومًا بحجم سعاد حسني وحسين فهمي وتحية كاريوكا، كما جسد دور أحد المعتقلين في فيلم "الكرنك" بطولة سعاد حسني أيضًا ونور الشريف، وشارك في دور ضابط في فيلم "دائرة الانتقام".
بدأ نجم مصطفى متولي في السطوع مع مطلع الثمانينيات، إذ بات يظهر في أدوار ذات مساحة تمثيلية أكبر، وأصبح لشخصياته التي يجسدها أسماء في السيناريو، ومنها فيلم "ضربة شمس" مع نور الشريف مجسدًا شخصية "جلال"، ومسلسل "أمير الشعراء.. أحمد شوقي" مؤديًا شخصية "أبو الفتوح".
"من الذكاء أن تعمل وتثبت نفسك، وليس أن تنتظر دور البطولة"، هذا التصريح للفنان الراحل تكرر في أكثر من لقاء إعلامي، ويؤكد من خلاله إيمانه بأنه يمتهن التمثيل ولا يشغله البطولة المطلقة، وربما كانت أدواره البارزة مع رفيق دربه وصهره عادل إمام تعويضًا كبيرًا عن عدم توليه مثل هذه النوعية من الأدوار.
علاقة مصطفى متولي وعادل إمام لم تكن مجرد نسب أو تعاون فني، بل تحولت إلى شراكة طويلة الأمد انعكست على مسيرتهما معًا.
بدأت هذه العلاقة بدور بديل للفنان سعيد طرابيك في أحد عروض مسرحية "شاهد ماشفش حاجة" في صيف عام 1980، حيث جسد دور وكيل النيابة لارتباط طرابيك بتصوير أحد الأعمال في الخارج.
بدأت العلاقة الفنية بين عادل إمام ومصطفى متولي تزداد قربًا بعدما شارك معه في فيلم "عنتر شايل سيفه" عام 1983 بدور الفلاح صابر الذي يدافع عن أرضه، وتوطدت العلاقة بين الرفيقين بزواج الفنان الراحل من شقيقة "الزعيم".
وبأداء غير مفتعل تميز بالبساطة، قدم مع عادل إمام عددًا كبيرًا من الأعمال، والمفارقة أنه جسد في معظمها أدوارًا شريرة، ومنها "سلام يا صاحبي"، "اللعب مع الكبار"، "جزيرة الشيطان"، "حنفي الأبهة"، "بخيت وعديلة"، لكنه قدم أيضًا أدوارًا لشخصيات مسالمة في أفلام "الإرهابي" و"المنسي".
كما شارك معه في مسرحيات "الواد سيد الشغال"، "الزعيم"، و"بودي جارد" التي كانت آخر أعماله، واستمر في عرضها حتى يوم وفاته.
محفوظ سردينة
الدور الأبرز في مسيرة مصطفى متولي في الدراما التلفزيونية، كان شخصية محفوظ سردينة في مسلسل "لن أعيش في جلباب أبي" الصادر عام 1995، إذ كانت الشخصية غنية بالتحولات، تبدأ كشاب متسلط حاد الطباع وتنتهي بصديق وفي لعبدالغفور البرعي الذي جسد دوره نور الشريف.
هذا الدور، الذي كتبه مصطفى محرم وأخرجه أحمد توفيق، أثبت موهبة متولي في تقديم الشخصيات المركبة والواقعية، وهو ما جعله باقيًا في ذاكرة الأجيال حتى اليوم.
كما شارك في عدد كبير من المسلسلات مثل "رأفت الهجان"، "أم كلثوم"، "أوبرا عايدة"، "عمر بن عبد العزيز"، و"الثعلب"، وكان يملك حسًا كوميديًا خفيفًا ظهر في بعض أعماله مثل "بكيزة وزغلول".
الشرير الذي أقنع جمهور السينما بأدواره الجادة، شاء القدر أن يغادر الحياة في 5 أغسطس 2000، قبل أن يمتع جمهور المسرح، إذ فارق الحياة فجأة بعد ساعات قليلة من تقديم أحد عروض "بودي جارد".