الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

يدعو لحرب بين موسكو وواشنطن.. "ميدفيديف" يعود بوجه جديد

  • مشاركة :
post-title
تعليقات الرئيس الروسي الأسبق بدأت تستفز خصوم موسكو

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

كان ذات يوم رمزًا لوجه روسيا الأكثر انفتاحًا، حين وقف إلى جانب الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، متحدثًا عن الشراكة العالمية والحلول المشتركة، واليوم، لا يكاد دميتري ميدفيديف، يمرّ أسبوعٌ دون تصريح ناري، أو تهديد ضمني بالدمار الشامل.

وحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية، تُعدّ تجربة الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف، قصة تحول استثنائي، من رئاسة واثقة إلى دورٍ ظليّ يُحرّك المشاعر ويستفز الخصوم، والذي تحوّل من رأس الدولة إلى رأس الحربة في حرب الكلمات والتهديدات.

بداية التحول

حين تولى دميتري ميدفيديف رئاسة روسيا عام 2008، بدا وكأنه صفحة جديدة في السياسة الروسية؛ فكان محاميًا شابًا، بعيدًا عن الأجهزة الأمنية، يستخدم الإنترنت بمرونة، ويتحدث عن تحديث الاقتصاد ومحاربة الفساد.

في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" عام 2009، قال ميدفيديف إن روسيا بحاجة إلى "علاقات جيدة ومتطورة مع الغرب بكل ما تحمله الكلمة من معنى"، وفي لقائه الشهير مع أوباما، أكد أن "حل العديد من مشاكل العالم يعتمد على الإرادة المشتركة للولايات المتحدة وروسيا".

وبعد أن غادر منصب الرئاسة في عام 2012، مفسحًا الطريق لفلاديمير بوتين، عاد ميدفيديف ليشغل منصب رئيس الوزراء، ومع مرور الوقت، بدأ خطابه يتغير تدريجيًا. ففي العام ذاته، قال للبرلمان الروسي: "يقولون عني إنني ليبرالي، أقول بصراحة لم تكن لديّ قناعات ليبرالية قط".

هذا التحول بلغ ذروته بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، حين بات ميدفيديف يُصدر تصريحات حادة، مليئة بالسخرية والعدوانية، ويدلي بتهديدات صريحة باستخدام الأسلحة النووية.

تصريحات نارية

في الأسبوع الماضي، وعبر حسابه على تيليغرام الذي يتابعه 1.7 مليون مشترك، شبّه ميدفيديف الوضع العالمي بسيناريو مسلسل الرعب الأمريكي "الموتى السائرون"، محذرًا من قدرة روسيا النووية، في ردٍ على تهديدات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بفرض عقوبات جديدة.

ترامب، من جهته، أمر بتحريك غواصتين نوويتين إلى "المناطق المناسبة"، في مناوشة كلامية أعادت أجواء الحرب الباردة.

ولم يأتِ التغير في خطاب ميدفيديف فجأة، فمع الوقت، بدا كأنه يسعى لاستعادة ثقة النخب المتشددة داخل حزب "روسيا المتحدة"، ومع تزايد عزلة روسيا الدولية، بات ميدفيديف من أشدّ منتقدي الغرب.

وفي مايو الماضي، قال ردًا على تصريحات ترامب: "لا أعرف سوى أمرٍ واحد سيئ للغاية: الحرب العالمية الثالثة، آمل أن يفهم ترامب هذا!".

وفي عام 2022، وصف معاقبة روسيا، الدولة النووية، بأنه "فكرة سخيفة وربما تشكّل تهديدًا لوجود البشرية".

ملفات فساد

حين كان رئيسًا، صرّح ميدفيديف لشبكة "سي إن إن" بأن مستوى الفساد في بلاده "غير مقبول بتاتًا"، لكن لاحقًا، كشفت مؤسسة مكافحة الفساد التابعة لأليكسي نافالني عن ممتلكاته الفاخرة، من يخوت إلى قصور وكروم عنب.

وصف فريق ميدفيديف هذا التحقيق بـ"الانفجار الدعائي"، لكن الفيديو الذي نشرته المؤسسة حصد أكثر من 14 مليون مشاهدة، وتبعته احتجاجات شعبية استهدفته بشكل مباشر.

ويشير معهد دراسة الحرب إلى أن ميدفيديف يُستخدم كأداة لنشر الخطاب التحريضي والتصعيدي، بهدف زرع الخوف والارتباك في الأوساط الغربية، ويؤكد أن تصريحاته جزء من استراتيجية معلوماتية منسّقة من الكرملين.

ورغم غرابة بعض تصريحاته، يرى المحللون أن له دورًا محسوبًا ضمن ماكينة الرسائل الروسية.

هجمات مستمرة

لم يتردد ميدفيديف في توجيه الإهانات الشخصية لزعماء العالم، سخر من الرئيس الأمريكي جو بايدن بوصفه "جو النعسان"، وهاجم المستشار الألماني قائلًا: "فكّر مرتين، أيها النازي"، بسبب موقفه من جسر القرم.

كما وصف قادة أوكرانيا بأنهم "صراصير تتكاثر في جرة"، ونشر صورة تجمع بين ترامب وزيلينسكي كمجرد دُمى متحركة، مطالبًا بـ"تدمير نظام النازيين الجدد في كييف".

بعد 16 عامًا من ذلك المؤتمر الصحفي الهادئ مع أوباما، يقف ميدفيديف الآن على الضفة الأخرى من السياسة الدولية؛ لاعب ظلّ يُطلق النار الكلامية حيث لا تصل أيدي الدولة.