كشف تحقيق أجرته شبكة "سي بي إس" الإخبارية الأمريكية، أن الصين لا تزال تشتري النفط الإيراني سرًا، وتتهرب من العقوبات الأمريكية باستخدام ما يعرف بـ"الأسطول المظلم" لنقل النفط من سفينة إلى أخرى في وسط البحر.
على مر السنين، فرضت الولايات المتحدة عقوبات صارمة على الصناعات الإيرانية، بما في ذلك محاولة إيقاف ناقلات النفط المستخدمة في نقل النفط الإيراني إلى الصين، والتي قد تساعد في تمويل برامج التطوير النووي الإيرانية.
أكبر عقوبات أمريكية على إيران
وأمس الأول الأربعاء، فرضت وزارة الخزانة عقوبات إضافية، وصفتها واشنطن بأنها الإجراء الأوسع من نوعه منذ عام 2018.
وأعلنت الحكومة الأمريكية فرض سلسلة جديدة من العقوبات على إيران، تستهدف أكثر من 50 فردًا وكيانًا، إضافة إلى أكثر من 50 سفينة يشتبه بأنها عائدة إلى أسطول تجاري يملكه نجل مسؤول كبير في طهران.
وأكد مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأمريكية في بيان أن هذه العقوبات "هي الأكبر المتصلة بإيران منذ 2018"، وتستهدف أسطولًا من ناقلات نفط وسفن حاويات يعود إلى محمد حسين شمخاني، نجل علي شمخاني المستشار المقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي.
وشملت العقوبات 115 فردًا وكيانًا وسفينة على صلة بإيران، في مؤشر على أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تكثف جهودها في حملة "الضغط الأقصى" بعد قصفها المواقع النووية الرئيسية الإيرانية في يونيو الماضي.
"الأسطول المظلم"
وذكرت "سي بي إس نيوز" إن طاقمها انطلق مؤخرًا من سنغافورة، أحد أكثر موانئ الشحن ازدحامًا في العالم، ليتوجه إلى مسافة تزيد عن 80 ميلًا بحريًا في المياه الدولية، ليرى كيف يعمل "الأسطول المظلم".
وقال تشارلي براون، الضابط السابق في البحرية الأمريكية، والذي يعمل الآن مستشارًا كبيرًا في منظمة "متحدون ضد إيران النووية" التي تقدم المشورة للحكومة الأمريكية: "ما دام هناك عرض، فسوف يكون هناك طلب على هذا النفط المخفض".
العرض هو إيران، والطلب هو الصين، وهذه العلاقة المتبادلة المنفعة، التي طالما أغضبت الولايات المتحدة، تجري قبالة سواحل ماليزيا في أرخبيل رياو، وهي منطقة بحجم مدينة نيويورك.
وقال براون، الذي كان يراقب "الأسطول المظلم" لسنوات: "هذا هو مركز انتظار الأسطول المظلم". ووصف إحدى السفن، المسماه تيفاني، بأنها "ناقلة معروفة من الأسطول المظلم، وكانت موجودة هنا دائمًا بشكل منتظم".
وحسب التحليل، تبحر الناقلات المحملة بالنفط من الخليج العربي عبر مضيق ملقا إلى أرخبيل رياو. وهناك، تنقل النفط الخام إلى سفن متجهة إلى الصين، التي تشتري 90% من نفط إيران.
وجاء في التحليل أنه أثناء رحلة طاقم "سي بي إس نيوز" حدثت 4 عمليات نقل من سفينة إلى أخرى على مرأى من الجميع.
وقال براون إنه من الواضح أن هذه الناقلات التابعة لـ "الأسطول المظلم" - والتي تم إيقاف تشغيل جميع أجهزة الإرسال والاستقبال الخاصة بها - لا تريد أن يتم التعرف عليها. وأضاف: " كلتا السفينتين لديها شبكة أو شيء من هذا القبيل، أو غطاء، منشور على المؤخرة، يغطي الاسم ورقم التعريف - إنها ممارسة خادعة واضحة".
كشف تحليل أعمق أن إحدى السفن هي سفينة "ستيلر أوراكل" المراوغة، المحملة بالنفط الإيراني. وتم إدراجها ضمن قائمة العقوبات الأمريكية في مايو.
على مقربة، كانت عملية نقل أخرى من سفينة إلى أخرى جارية، وتشمل سفينة "ألبس" - وهو ليس اسمها الحقيقي - المحملة بالنفط الإيراني، والتي أدرجت ضمن قائمة العقوبات في مايو أيضًا. وقد ضبطت السفينة المستلمة "إيون"، غير المدرجة في أي قائمة، متلبسة، لتصبح بذلك منتهكا جديدا للعقوبات.
وفقًا لتقرير صادر عن الكونجرس العام الماضي، منحت هذه التجارة ما يصل إلى 70 مليار دولار لإيران، مما دعم النظام وبرنامجه النووي.
وفرضت إدارة ترامب جولات متعددة من العقوبات على هذه التجارة هذا العام، لكن تأثيرها ضئيل. لا تعترف الصين بالعقوبات الأمريكية الأحادية الجانب على إيران، وتؤكد أن تجارتها معها مشروعة.
وبحلول نهاية اليوم، سجل طاقم" سي بي إس نيوز" 12 عملية نقل من سفينة إلى سفينة في أرخبيل رياو، وهو عدد غير مسبوق، وإشارة واضحة إلى أن إيران والصين تعملان فقط على تكثيف هذا النشاط غير المشروع، وفق الشبكة الإخبارية الأمريكية.
ويأتي أحدث إعلان للعقوبات في وقت لا تزال فيه احتمالات استئناف الدبلوماسية بين واشنطن وطهران ضعيفة بعد القصف الأمريكي للمواقع النووية الإيرانية الشهر الماضي.
وحذر ترامب، الاثنين الماضي، من أنه سيأمر بشن هجمات أمريكية جديدة إذا حاولت طهران إعادة تشغيل المواقع النووية التي سبق أن قصفتها الولايات المتحدة. وقال للصحفيين إن إيران ترسل "إشارات سيئة"، وإن "أية محاولة لإعادة نشاط برنامجها النووي ستسحق على الفور".
وعقدت الولايات المتحدة 5 جولات من المحادثات مع إيران قبل غاراتها الجوية في يونيو، والتي قال ترامب إنها "قضت" على برنامج تقول واشنطن وإسرائيل إنه يهدف إلى تطوير قنبلة نووية. من جهتها، تنفي إيران سعيها لامتلاك سلاح نووي.