الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تداعيات رسوم ترامب.. اتفاق واشنطن وأوروبا يربك سوق الدواء الأمريكية

  • مشاركة :
post-title
من المتوقع أن تدخل الرسوم على الأدوية القادمة من أوروبا حيز التنفيذ الشهر المقبل

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

ستفرض اتفاقية التجارة التي تم التوصل إليها بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أمس الأول (الأحد)، رسومًا جمركية بنسبة 15% على الأدوية المستوردة من أوروبا، ما يضيف مليارات الدولارات إلى نفقات صناعة الأدوية، وقد يؤدي إلى ارتفاع أسعار بعض الأدوية، وقد يترجم ذلك إلى ارتفاع التكاليف المباشرة وأقساط التأمين الصحي للأمريكيين، وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول في البيت الأبيض ومسؤولين كبار في المفوضية الأوروبية أن نسبة الـ15% نهائية، ولن تتأثر بالرسوم الجمركية المتعلقة بالأمن القومي، التي من المتوقع أن يفرضها ترامب على الأدوية المصنّعة في أماكن أخرى من العالم.

وترى الصحيفة أن هذه النتيجة تُعد بمثابة انتصار لصناعة الأدوية، التي كانت تخشى من فرض رسوم جمركية باهظة على الأدوية الأوروبية لأسباب تتعلق بالأمن القومي. وصرح مسؤولون بأنه من المتوقع أن تدخل مجموعتا الرسوم الجمركية على الأدوية حيّز التنفيذ في وقت واحد، في وقت ما من الشهر المقبل.

تعتمد صناعة الأدوية على سلسلة توريد عالمية معقدة، إذ يتم إنتاج معظم الأدوية في دول متعددة، حيث تتولى مصانع حول العالم مراحل مختلفة من العملية. وتُعد أوروبا أهم جزء في الشبكة العالمية التي تنتج الأدوية ذات العلامات التجارية، تلك التي تتمتع بحماية براءات الاختراع، والتي عادةً ما تكون أسعارها مرتفعة وهوامش ربحها ضخمة.

تُعد المنتجات الصيدلانية المصدر الأول لصادرات أوروبا إلى الولايات المتحدة، وأعرب مسؤولون أوروبيون في الأشهر الأخيرة عن قلقهم من أن الرسوم الجمركية على الأدوية قد تدفع شركات الأدوية إلى التراجع عن استثماراتها، على حساب الوظائف والمصانع وإيرادات الضرائب.

أصبحت أيرلندا تحديدًا مركزًا لتصنيع الأدوية، ويعود ذلك جزئيًا إلى أن ممارسة الأعمال التجارية هناك تساعد شركات الأدوية على خفض فواتيرها الضريبية الإجمالية، وتمتلك جميع شركات الأدوية الكبرى تقريبًا مصانع هناك. في العام الماضي، أرسلت أيرلندا إلى الولايات المتحدة منتجات دوائية بقيمة 50 مليار دولار، معظمها من إنتاج شركات أدوية متعددة الجنسيات.

تصنّع أوروبا المكونات الفعّالة لـ43% من الأدوية ذات العلامات التجارية المُستهلكة في الولايات المتحدة، وفقًا لمنظمة "فارماكوبيا الأمريكية" غير الربحية، التي تتابع سلسلة توريد الأدوية، ولا تنتج أي منطقة أخرى حصة أكبر من هذه النسبة.

كما تنتج أوروبا المكونات الفعّالة لنحو 18% من الأدوية العامة التي يتم تناولها في الولايات المتحدة، والتي تتمتع بأسعار أقل وتشكل الغالبية العظمى من الوصفات الطبية للأمريكيين.

صرّحت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بأن بعض الأدوية الجنيسة (أدوية بديلة للأدوية ذات العلامات التجارية، تحتوي على المادة الفعالة نفسها وتعمل بالطريقة نفسها، لكنها تكون أقل تكلفة) المصنّعة في أوروبا ستُعفى من التعريفة الجمركية الجديدة.

وأثار التهديد بفرض رسوم جمركية على الأدوية الجنيسة، ذات الهوامش الربحية الضئيلة، مخاوف من تفاقم النقص، وأكد خبراء يتابعون سلاسل توريد الأدوية أنهم لا يخشون من نقص الأدوية ذات العلامات التجارية المُنتجة في أوروبا، نظرًا لهوامش الربح المرتفعة.

ستتحمل شركات الأدوية التي تستورد منتجاتها أو مكوناتها النهائية إلى الولايات المتحدة الرسوم الجمركية الجديدة، ومن المتوقع أن يحاول الكثيرون تحميل بعض التكاليف - على الأقل - على أصحاب العمل والبرامج الحكومية، مثل برنامج الرعاية الصحية (ميديكير)، التي تغطي معظم تكلفة الأدوية الموصوفة للأمريكيين.

ويواجه المرضى الذين يُلزمهم تأمينهم بدفع مبلغ مستقطع أو نسبة مئوية من سعر الدواء تكاليف إضافية أعلى لبعض الأدوية، ومع ذلك، في بعض الحالات، قد تثني الاتفاقيات التعاقدية والتهديد بعقوبات مالية باهظة الشركات المصنّعة عن رفع الأسعار بشكل حاد.

منذ أشهر، يعد ترامب بفرض رسوم جمركية عقابية على الأدوية المستوردة، وقال إن هدفه هو إعادة المزيد من التصنيع إلى الولايات المتحدة. وفي أبريل، فتحت إدارة ترامب تحقيقًا بشأن ما إذا كانت واردات الأدوية ومكوناتها تُهدد الأمن القومي الأمريكي. وأجرى ترامب التحقيق بموجب المادة 232، وهي المادة التي استخدمها لتبرير فرض الرسوم الجمركية على السيارات وغيرها من الصناعات.

مع إعفاء الأدوية الأوروبية من رسوم المادة 232 الجمركية، تهدد هذه الرسوم الآن منطقتين من أهم مناطق الإنتاج العالمية لصناعة الأدوية: الهند والصين، اللتين تركزان على الأدوية الجنيسة وتتفاوض الهند على اتفاقية تجارية من شأنها معالجة صناعة الأدوية الجنيسة العملاقة لديها، وتجنب الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية تتعلق بالأمن القومي.