يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يمهّد الطريق من أجل التخلي عن الهدف الأهم في الحرب المدمرة التي شنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على قطاع غزة منذ أكثر من عام ونصف العام، والمتمثل في إعادة المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية.
ومنذ 7 أكتوبر 2023 وحتى الآن، فشل جيش الاحتلال الإسرائيلي في تحقيق هدفي الحرب اللذين أعلنت عنهما الحكومة الإسرائيلية، والمتمثلين في استعادة المحتجزين بالقوة، والقضاء على حركة حماس ونزع سلاحها، وقد نفذوا من أجل ذلك أبشع المجازر بحق الفلسطينيين، وصلت إلى حد الإبادة الجماعية.
الفلسطينيون وأهالي المحتجزين
واستخدم الاحتلال، بهدف الضغط على حماس، سلاح التجويع ضد الفلسطينيين، وأجبر ما يقرب من مليوني فلسطيني على النزوح مرارًا وتكرارًا، ولكن أغلب المحاولات باءت بالفشل، وبدلًا من ذلك تعرض القطاع للخراب والدمار، واستُشهد وأُصيب أكثر من 200 ألف فلسطيني، أغلبهم من الأطفال والنساء.
ولكن خلال الأيام الماضية، تصاعد الأمل لدى الفلسطينيين في غزة وأهالي المحتجزين في تل أبيب، عندما انخرطت إسرائيل وحماس في محادثات غير مباشرة، أعقبها رسائل تفاؤل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تشير إلى قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يُمهّد لإنهاء الحرب.
انسحاب واتهامات
وفي الوقت الذي كانت فيه فرق التفاوض تستعد للتوصل إلى صفقة وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس تمتد لـ60 يومًا، فوجئ الجميع بقيام ويتكوف، مبعوث ترامب ونتنياهو، بسحب فرق التفاوض من الدوحة، بحجة أن حركة حماس لا تريد التوصل إلى اتفاق وتتعنت في مطالبها.
ولكن على العكس من ذلك، نفت حماس ذلك وأبدت استغرابها من تلك الاتهامات، وأعلنت حرصها على استكمال المفاوضات والانخراط فيها بما يساهم في تذليل العقبات والتوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار، حتى إن ردها الأخير لاقى ترحيبًا من الوسطاء بسبب موقفها البنّاء والإيجابي.
تهديد وملاحقة
من جانبه، حاول الرئيس الأمريكي تبرير انسحاب فرق التفاوض وعدم التوصل إلى اتفاق، واتهم حماس بأنها لا تريد التوصل إلى اتفاق، ويجب القضاء عليها، وهدد بملاحقة قادتها في كل مكان، مؤكدًا أن حماس لم تعد تمتلك أوراقًا تفاوضية مع بقاء عدد محدود من المحتجزين الإسرائيليين لديها.
وذهب دونالد ترامب لأبعد من ذلك، لأول مرة منذ انطلاق الحرب وتوليه ملف الصراع من سلفه بايدن، بحسب شبكة "فوكس نيوز"، وأكد أنه طالما لدى حماس 20 محتجزًا، فهم لديهم حماية، وتستخدمهم كدروع بشرية، زاعمًا أنهم يتخذون موقفًا صارمًا، لذلك هناك خطط مختلفة ناقشها مع نتنياهو.
وقال ترامب نصًا: "نحن نعرف أماكن بعض المحتجزين، ولكن إسرائيل لا تريد الدخول إلى هناك خوفًا من تعرّض المحتجزين للقتل، والبعض يقول إن هذا هو الثمن الذي يجب دفعه، لكن لا أحب أن أقول ذلك"، وهي المرة الأولى التي يشير فيها الرئيس الأمريكي إلى ذلك الأمر.
محور موراج
وكانت الخطوط العريضة المتفق عليها بين الطرفين تتمثل في إطلاق سراح نصف المحتجزين، الأحياء والأموات، خلال أيام وقف القتال، ووفقًا للصفقة، يُفرج عن 10 أحياء، 8 منهم في اليوم الأول، واثنان في اليوم الخمسين، إلى جانب 18 جثة يتم الإفراج عنها على ثلاث مراحل إضافية، بحسب الصحف العبرية.
ولكن النقطة الخلافية بين الطرفين، تعود إلى إصرار الجانب الإسرائيلي على بقاء قواته على محور موراج، الذي يفصل خان يونس عن رفح الفلسطينية؛ مما يسمح لقواتها بالعودة سريعًا عقب انتهاء الوقت المحدد للهدنة، وهو ما ترفضه حماس وتطالب بانسحاب كامل لجيش الاحتلال حتى محور فيلادلفيا.