كشفت مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى عن تجميد مشروع إقامة ما تسميه "المدينة الإنسانية" في مدينة رفح الفلسطينية، الذي كان مخططًا لنقل مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى منطقة معزولة كخطوة أولى لتهجيرهم من القطاع، واللجوء بدلًا من ذلك إلى حلول إعلامية مؤقتة تشمل مضاعفة المساعدات و"هدنات إنسانية" من جانب واحد، في حين يأتي هذا التراجع وسط تحديات لوجستية معقدة وضغوط دولية متزايدة، إضافة إلى آمال القيادة الإسرائيلية في التوصل لصفقة تبادل أسرى.
تجميد المشروع
أكد مصدر أمني بارز لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن "المستوى السياسي يعتقد أن صفقة تبادل للمحتجزين والأسرى ستتم، بما يتضمن انسحابات من جنوب القطاع، ولذلك تخلى عن هذا المشروع مؤقتًا"، مضيفًا: "لا يوجد قرار بالمضي قدمًا ولا توجد خطة بديلة".
وحذّر جيش الاحتلال الإسرائيلي القيادة السياسية، أبريل الماضي، من أن الإصرار على إقامة هذه المدينة قد يضر بجهود تحرير المحتجزين، في ظل المفاوضات الحساسة التي تشهدها المنطقة.
مدينة التهجير
وذكرت القناة 14 العبرية أن "الجيش الإسرائيلي أبلغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن بناء المدينة الإنسانية في رفح سيستغرق عامًا كاملًا، وهو تقدير ضاعف التوقعات الأولية وأثار استياء أعضاء الكابينت".
ويهدف المشروع إلى تجميع ونقل نحو 600 ألف فلسطيني إلى منطقة معزولة بين محوري "فيلادلفيا" و"موراج" على أنقاض مدينة رفح الفلسطينية المدمرة.
وتشير التقديرات إلى أن المشروع سيواجه تحديات لوجستية هائلة ويستنزف موارد ضخمة، بينما يواجه انتقادات دولية واسعة كونه يُنظر إليه كسياسة تهجير جماعي وعزل قسري لمئات الآلاف من سكان غزة.
أزمة المساعدات
اعترف المصدر الأمني الإسرائيلي بأن بلاده توقفت عن إدخال المساعدات، منذ مارس، لأسباب سياسية، خشية من تهديدات وزراء بتفكيك الائتلاف الحكومي.
وأوضح أن "الحقيقة لم تعد العامل الحاسم، بل طريقة عرضها وتأثيرها على الرأي العام العالمي. لقد تسببنا بضرر بالغ لصورتنا، والمشكلة أن قراراتنا تُتخذ في اللحظة الأخيرة وبشكل مرتجل".
ولمواجهة الضغط الدولي المتزايد، قررت إسرائيل مضاعفة عدد شاحنات المساعدات الإنسانية إلى 150 شاحنة يوميًا، بعد أن تعهد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بعدم السماح بدخول "حبة قمح واحدة" إلى غزة في تصريح شهير قال فيه: "اقرأوا شفتي".
فشل مراكز التوزيع
شهدت مراكز توزيع الغذاء الأربعة التي أنشأتها إسرائيل قبل شهرين، التي وصفها سموتريتش بـ"الخطوة التاريخية"، فشلًا مدويًا، كما تعرضت عشرات الشاحنات التي دخلت عبر معبر زيكيم نحو شمال القطاع للنهب في منطقة العطاطرة بعد تراجع سموتريتش عن موقفه السابق.
في المقابل، أعلنت إسرائيل، السبت الماضي، "هدنة إنسانية" من جانب واحد لا تلزم حماس بشيء، تهدف لتشجيع السكان على التنقل لجمع المساعدات.
ووصف مصدر أمني هذه الخطوة بأنها "مجرد خطوة إعلامية تهدف لإقناع العالم بعدم وجود مجاعة"، مؤكدًا أنها تُطبق فقط في المناطق الخالية من القتال ومن المتوقع أن تستمر لأسبوع على الأقل.