وضعت فرنسا كلًا من بريطانيا وألمانيا في مأزق بعد إعلانها نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ما زاد الضغط عليهما لتشديد مواقفهما تجاه إسرائيل، بحسب صحيفة "بوليتيكو".
ويدرس المسؤولون في لندن وبرلين اتخاذ إجراءات أكثر صرامة مع إسرائيل، في ظل معاناة ما يقرب من ربع السكان وتعرضهم لخطر المجاعة، وفقًا لمسؤول في برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.
وقال قادة المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا في بيان مشترك: "حان الوقت لإنهاء الحرب في غزة، ويجب تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان المدنيين، بما في ذلك الوصول إلى الماء والغذاء، دون أي تأخير إضافي".
ورفض رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشار الألماني فريدريش ميرز، حتى الآن الاعتراف بدولة فلسطين، على الرغم من أنهما يبحثان عن سبل جديدة للضغط على إسرائيل.
وتعد إحدى طرق حكومة ميرز لزيادة الضغط على إسرائيل هي إعادة تقييم مقترحات الاتحاد الأوروبي المعرقلة لتعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، التي تنص على علاقات وثيقة في التجارة ومجالات تعاون أخرى.
وقال المتحدث باسم المستشار الألماني، إنه مستعد لزيادة الضغط إذا لم يتم إحراز تقدم في قضايا مثل وقف إطلاق النار والمساعدات الإنسانية.
وفرضت المملكة المتحدة عقوبات على أعضاء في الحكومة الإسرائيلية، لكن ستارمر يواجه مطالب متزايدة، بما في ذلك من مجموعة حزبية تضم أكثر من 200 عضو في البرلمان، للانضمام إلى فرنسا في دعم الاعتراف بفلسطين.
ويشير خبراء للصحيفة إلى أن ستارمر أكثر حذرًا في ظل رغبته في الحفاظ على علاقات جيدة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يصل اسكتلندا، الجمعة المقبل، في زيارة إلى اثنين من ملاعب الجولف التابعة له.
وإلى جانب ذلك؛ أشارت برلين إلى أنها قد تكون مستعدة للمضي قدمًا في إجراءات ملموسة ضد إسرائيل لأول مرة، ويسعى ستارمر إلى جذب انتباه ترامب، يبقى السؤال "ما إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيستجيب لأي من هذه الروافع الدبلوماسية؟".
وكافح الاتحاد الأوروبي لإحداث تأثير منذ بدء الحرب الوحشية على قطاع غزة، لكن إذا قررت ألمانيا اتخاذ خطوات أكثر جرأة، فقد يؤدي ذلك إلى إطلاق أقوى إجراءات الاتحاد حتى الآن ضد إسرائيل، بحسب "بوليتيكو".
وانتقد "ميرز" بالفعل الإجراءات الإسرائيلية بعبارات شديدة اللهجة على نحو غير معتاد بالنسبة لزعيم ألماني، لكنه يواجه الآن مطالب بمواءمة خطابه مع الفعل، بما في ذلك من شريكه الأصغر في الائتلاف، الحزب الديمقراطي الاجتماعي، ودعا نائبان بارزان من الحزب الاشتراكي الديمقراطي هذا الأسبوع حكومة ميرز إلى وقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل والانضمام إلى الجهود الأوروبية لتعليق اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
وفي اجتماع عُقد ببروكسل، الأربعاء الماضي، ناقش سفراء الاتحاد الأوروبي أزمة غزة، وأكدت 4 دول من بينها ألمانيا وإيطاليا، معارضتها لاتخاذ أي إجراء بموجب اتفاقية الشراكة، هذا يعني وجود "أقلية معرقلة" قادرة على منع الموافقة على أي إجراءات عقابية في تصويت ممثلي دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل.
وأعربت نحو 10 دول، من بينها بلجيكا، وأيرلندا، وإسبانيا، ولوكسمبورج، عن تأييدها لتعليق جزئي على الأقل للاتفاقية مع إسرائيل، وفقًا لدبلوماسي من الاتحاد الأوروبي طلب عدم الكشف عن هويته.
وقال الدبلوماسي، إن قرارًا محتملًا من ألمانيا بالسماح بتعليق بعض الإجراءات بموجب اتفاقية الشراكة سيكون ضخمًا وسيرجح كفة اتخاذ إجراء.
وركّزت فرنسا جهودها على حشد الدعم للاعتراف بدولة فلسطين، يُغازل ماكرون علنًا مسألة الاعتراف منذ أشهر، لكن توقيت إعلان الخميس المقبل، بدا مفاجئًا للمؤسستين السياسية والدبلوماسية الفرنسية.
وقال دبلوماسي فرنسي رفيع المستوى: "حتى لو لم نتحدث عن الشروط، لطالما قلنا إننا نريد القيام بذلك في إطار ديناميكي جماعي مع دول أخرى تُبدي بادرة إيجابية للتقارب مع إسرائيل، حتى لو كان الأمر مُعقّدًا في الوقت الحالي، ودول أخرى ستُعلن أيضًا اعترافها بفلسطين".
وعندما سُئل عن إعلان ماكرون، وصف الرئيس الأمريكي نظيره الفرنسي بأنه "رجل طيب للغاية"، لكنه أضاف أن "ما يقوله لا يُهم" وأن "تصريحه لا يحمل أي وزن".