بعد مرور ستة أشهر من رئاسته التي سبقتها الكثير من الوعود البراقة لحل الأزمة، لم يقترب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارته من إنهاء الحرب في غزة، بل ساءت الأزمة، خاصة على المستوى الإنساني، قياسًا بأي وقت مضى، ما أدى إلى زيادة عزلة الولايات المتحدة وإسرائيل دوليًا.
وبينما أشار ترامب، أمس الجمعة، إلى أنه حان الوقت لإسرائيل لتصعيد الحرب بشكل أكبر لـ"التخلص من حماس وإنهاء المهمة"؛ كان وزير خارجيته ماركو روبيو في إحباط واضح، خلال لقائه مجموعة من عائلات المحتجزين الإسرائيليين بعد انهيار الجولة الأخيرة من المفاوضات بخصوص غزة.
ونقل موقع "أكسيوس" الإخباري عن "روبيو" قوله لممثلي عائلات المحتجزين: "نحن بحاجة إلى إعادة التفكير بشكل جدي".
ويلفت التقرير إلى أن حملة ترامب الانتخابية، التي أكدت سابقًا أنها ستنهي الحرب وتعيد المحتجزين إلى ديارهم، تشهد الآن تصدعات في قاعدة "لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا (MAGA)" بسبب دعم استراتيجية الحرب المتطرفة التي ينتهجها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وانتشار صور الفلسطينيين الجائعين في جميع أنحاء العالم.
الضوء الأخضر
على مدى الأشهر الستة الماضية، أعطى ترامب نتنياهو حرية كاملة تقريبًا للقيام بكل ما يريده في غزة؛ من العمليات العسكرية، إلى مفاوضات المحتجزين، وصولًا إلى آلية توزيع المساعدات الإنسانية.
وفي حين يقول مسؤولون في البيت الأبيض إن ترامب "منزعج حقًا من مقتل الفلسطينيين ويريد إنهاء الحرب"، فإنه لم يمارس أي ضغط تقريبًا على نتنياهو لإنهائها في الأشهر القليلة الماضية، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين.
في معظم المكالمات والاجتماعات، قال ترامب لنتنياهو: "افعل ما يجب عليك فعله في غزة"، وفي بعض الحالات، شجّع نتنياهو على "اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه حماس"، وفقًا لمسؤول إسرائيلي.
هذه المرة، حسب "أكسيوس"، لم يكن المسؤولون الإسرائيليون متأكدين مما إذا كان حديث ترامب في أسكتلندا، أمس، حول "إنهاء المهمة" تكتيكًا تفاوضيًا أم تغييرًا حقيقيًا في مسار ترامب، وإعطاء "الضوء الأخضر" لنتنياهو لاستخدام تدابير عسكرية أكثر تطرفًا.
المصادر التي حضرت اجتماعه مع عائلات المحتجزين في وزارة الخارجية في اليوم نفسه، نقلت عن روبيو عدة مرات أن الإدارة بحاجة إلى "إعادة التفكير" في استراتيجيتها بشأن غزة و"الوصول إلى الرئيس بخيارات جديدة".
في الواقع، وعلى الرغم من أن ترامب أعطى إسرائيل القنابل التي يبلغ وزنها 2000 رطل -التي رفض بايدن إرسالها- إلى جانب العديد من الأسلحة الأخرى، وتوقف عن أي انتقاد علني لقتل المدنيين الفلسطينيين؛ لكن نتائج العمليات العسكرية الإسرائيلية على مدى الأشهر الستة الماضية لم تختلف كثيرًا عن ذي قبل.
نهج تدريجي
في يناير الماضي، وقبل أيام من تنصيبه، كان لترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، دور كبير في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مؤقت والإفراج عن عدد من المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، لكن بعدها، سمحا لنتنياهو بانتهاك هذا الاتفاق وعدم التفاوض بجدية على مرحلته التالية، واستأنفت إسرائيل الحرب من جانب واحد في مارس الماضي.
وفي اجتماع أمس الجمعة، أشار "روبيو" إلى أنه وترامب كانا لا يفضلان على الإطلاق الشكل التدريجي للاتفاق الذي تم التوصل إليه في عهد بايدن، الذي تضمن هدنات قصيرة الأمد مقابل إطلاق سراح بعض المحتجزين.
ونقل "أكسيوس" عن مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية أنه في حين أشار روبيو إلى أنه لا يعتقد أن النهج التدريجي مستدام على المدى الطويل، فإن كلًا من الرئيس ووزير الخارجية الأمريكيين أدركا أنه يجب التعامل معه بهذه الطريقة في يناير، بينما فضّل نتنياهو هذا الشكل لأسباب سياسية داخلية، حتى لا يضطر إلى الالتزام بإنهاء الحرب.
ورغم تحفظاته، أيّد ترامب الاتفاق خلال جولات المحادثات التي تلت ذلك، التي باءت جميعها بالفشل حتى الآن. فقط كان الاستثناء الوحيد لهذا الفشل عندما تجاوز ترامب نتنياهو لتأمين إطلاق سراح المواطن الأمريكي عيدان ألكسندر.
وأوضح "روبيو" في اجتماع الأمس أنه لا يزال لا يعتقد أن النهج التدريجي هو النهج الصحيح، وألمح إلى أنه "قد يكون الوقت قد حان لاستكشاف نهج أكثر شمولًا لإنهاء الحرب وتحرير جميع المحتجزين المتبقين".