الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

معركة "البطون الفارغة".. الغزيون يواجهون رحلة أهوال للبقاء أحياء

  • مشاركة :
post-title
حصار المساعدات في غزة

القاهرة الإخبارية - أحمد أنور

حوَّل جيش الاحتلال الإسرائيلي ساحات توزيع المواد الغذائية، إلى رقعة لإطلاق النار على سكان غزة الساعين لالتقاط الأنفاس، والتقوَّت بما لا يسد رمقًا ولا يصلب ظهرًا، فقط ما يبقيهم ليوم آخر شاق، غير أن الأهالي المحاصرين لم يكن أمامهم غير خوض رحلة أهوال جديدة.

أصبحت نقاط توزيع الطعام عمليًا صالات إطلاق نار، بعد أن أخبر الجنود الإسرائيليون مراسلي صحيفة "هاآرتس" العبرية، أنهم تلقوا أوامر بفتح النار على الفلسطينيين بالذخيرة الحية كوسيلة للسيطرة على الحشود.

حصار المساعدات في غزة

 استخدام الذخيرة الحية 

ونقلت الصحيفة عن أحد الجنود وصفه للمناطق بأنها "حقل قتل"، واقترح البعض أن استخدام الذخيرة الحية لتفريق الحشود في شمال غزة، خوفًا من أن يسارعوا إلى شاحنات المساعدات التابعة للأمم المتحدة، كان سياسة العميد يهودا فاش، قائد الفرقة 252 التي تعمل في شمال غزة، أكثر من سياسة القيادة العسكرية أو الحكومة الإسرائيلية.

انتهك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وقف إطلاق النار الأخير في حرب غزة في 18 مارس الماضي بشن غارات جوية أسفرت عن استشهاد أكثر من 400 فلسطيني في 36 ساعة، وذكرت التقارير أن 183 منهم أطفال.

كما فرض حصارًا كاملًا في 2 مارس، ولم يسمح بدخول أي مساعدات إلى القطاع من مارس حتى أواخر مايو، وأبعدت إسرائيل المؤسسات الدولية ذات الخبرة في توزيع المساعدات الإنسانية، بعد أن اعتمدت على مؤسسة غزة الإنسانية بالتعاون مع أمريكا، وهي منظمة غير ربحية مسجلة في ولاية ديلاوير وممولة بمبلغ 30 مليون دولار من إدارة ترامب.

ووصفت مؤسسة غزة الإنسانية نفسها بأنها تسعى -من بين أهداف أخرى- إلى " تسهيل رؤية الرئيس ترامب لقطاع غزة"، التي من بينها تسهيل الإبعاد القسري لجميع الفلسطينيين من المنطقة وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".

حصار المساعدات في غزة
4 مراكز فقط للمساعدات

تدعم بعض الشركات الربحية مؤسسة غزة الإنسانية، بما في ذلك شركة ماكنالي كابيتال، وهي شركة استثمار خاص في شيكاغو، ويدير المؤسسة جوني مور الابن، وهو مؤيد لإسرائيل، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".

بدأت المؤسسة عملياتها في 26 مايو الماضي من جنوب غزة، بالقرب من رفح الفلسطينية، ومنذ ذلك الحين، شغَّلت أربعة مراكز رئيسية لتوزيع المساعدات، مقارنةً بأكثر من 400 مركز كانت تديرها الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة التقليدية الأخر.

حصار المساعدات في غزة
أيام كاملة دون طعام

وتقدر الأمم المتحدة أن ثلث أكثر من مليوني فلسطيني في غزة يقضون أيامًا دون تناول الطعام، وتشير تقارير موثوقة إلى أن الرضع وكبار السن يموتون من سوء التغذية والجفاف.

ووفقًا لتقرير صادر عن مجموعة من المنظمات غير الربحية الدولية، مات أكثر من 100 شخص من الجوع، بما في ذلك 80 طفلًا.

ووقّعت أكثر من 100 وكالة إغاثة رسالةً تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال المزيد من الغذاء والماء والأدوية وغيرها من الإمدادات إلى غزة فورًا.

حياة صعبة

في غزة، لا يكاد أحد ينأى بنفسه عن عواقب الجوع المباشرة أو غير المباشرة، ومع ذلك فإن الفئات الأكثر ضعفًا -الأطفال وكبار السن- الذين لا تستطيع أجسادهم تحمّل فترات طويلة من عدم التغذية، هم الأكثر عرضة للخطر، بحسب مجلة "+972".

عبدالله أبو جليلة، 82 عامًا، ويعيش في خيمة مؤقتة في حي السرايا وسط مدينة غزة، يتشارك هذا المأوى الضيق مع زوجته و12 من أبنائه وأحفاده، بعدما دُمِّر منزلاه في مخيم جباليا للاجئين جراء غارات جوية إسرائيلية في أكتوبر 2024.

ويقول أبو جليلة: "انسكب الحساء على الناس بسبب التدافع، لم أحصل إلا على حصة واحدة، مجرد مرق مائي، لكنني أعطيته لصبي في العاشرة من عمره كان يبكي لأنه لم يحصل على شيء، ولم أتخيل يومًا أن أعيش هذا القدر من الجوع والمرض والتعب في حياتي".

عبد الله أبو جليلة
الموت جوعا

تعاني سارة معروف (53 عامًا) من جوع شديد وإرهاق وهبوط حاد في سكر الدم، تعيش في خيمة مؤقتة مع أبنائها الأربعة وعائلاتهم في شارع عمر المختار وسط مدينة غزة، بعد أن دمرت غارات جوية إسرائيلية منزلهم في بيت لاهيا، شمالي غزة، في ديسمبر 2024.

مثل العديد من العائلات النازحة، أُجبروا على الإخلاء مرارًا وتكرارًا بأوامر إسرائيلية، لكن "معروف" تقول إن كفاحهم الأكثر إلحاحًا وإصرارًا طوال معظم فترة الحرب كان تأمين وجبتهم التالية.

قالت سارة، وهي تستذكر أيام ما قبل الحرب: "كنت أوزع الخضروات على الجيران والأقارب، حتى أنني كنت أعطي المال للمحتاجين.. أما الآن، فأتوسل إلى الغرباء بأي شيء.. قطعة طعام، أو مجرد بضعة شواكل لأشتري بها طعامًا".

سارة معروف

نزحت وصال معروف، 34 عامًا، مع تسعة من أفراد عائلتها، بمن فيهم زوجها وابنتها الصغيرة، إلى خيمة ضيقة مساحتها 16 مترًا مربعًا داخل ملعب اليرموك وسط مدينة غزة.

قبل شهرين، عندما كان سعر كيلو الدقيق 40 شيكلًا، كنا نشتري قطعتين من الخبز لكل فرد منا، أي ما مجموعه 18 قطعة يوميًا، وقالت: "إذا استطعنا إيجاد الدقيق، فسيكلفنا 200 شيكل".

وتابعت :"أحيانًا، لا أستطيع شراء سوى 100 جرام، تكفي بالكاد لصنع قطعة خبز واحدة لابنتي ميرا، البالغة من العمر ست سنوات.. تبكي معظم اليوم، وكثيرًا ما تسألني إن كان بإمكاني صنع المزيد، وهي لا تعلم أنني ووالدها نعطيها حصصنا، ولم يتبقَّ شيء".