تلقت وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز أقوى تحذير حتى الآن بأنها سوف تضطر إلى انتهاك تعهد رئيسي في بيان حزب العمال، من خلال زيادة الضرائب، أو فرض رسوم لاستخدام الخدمات الصحية الوطنية، أو إسقاط ضمان القفل الثلاثي على معاش الدولة.
ووفق صحيفة "ذي إندبندنت"، رفعت الوزيرة المحاصَرة الضرائب بمقدار 40 مليار جنيه إسترليني في أول ميزانية لها العام الماضي، بشكل جزئي؛ لتمويل استثمارات جديدة قياسية في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، لكن صندوق النقد الدولي حذّر من أنها قد تضطر إلى انتهاك وعد انتخابي برفع ضريبة الدخل، أو ضريبة القيمة المضافة، أو مساهمات التأمين الوطني من قبل الموظفين لموازنة الدفاتر.
كما أن التحديات التي تواجهها ريفز تشمل تأثير حرب التعريفات الجمركية المستمرة التي يشنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع بقية العالم، فضلًا عن "الحيز المالي الضئيل" في مالية المملكة المتحدة، حسب الصندوق.
أولويات الإنفاق
في تقرير عن الاقتصاد البريطاني، حذّر الصندوق من أنه "ما لم تُعِد السلطات النظر في التزامها بعدم زيادة الضرائب على العمال، فسوف تكون هناك حاجة إلى مزيد من تحديد أولويات الإنفاق لمواءمة نطاق الخدمات العامة بشكل أفضل مع الموارد المتاحة".
وتابع: "يمكن استبدال القفل الثلاثي (الضمان على معاش الدولة) بسياسة ربط معاش الدولة بتكلفة المعيشة، وقد يعتمد الوصول إلى الخدمات العامة أيضًا بشكل أكبر على قدرة الفرد على الدفع، مع فرض رسوم على المستخدمين ذوي الدخل المرتفع، مثل المدفوعات المشتركة للخدمات الصحية، مع حماية الفئات الضعيفة".
أيضًا، أشار التقرير إلى أنه "قد يكون هناك مجال لتوسيع نطاق اختبار الوسائل للحصول على الفوائد".
يأتي هذا التحذير في وقت أسوأ بالنسبة للوزيرة التي تواجه بالفعل تكهنات كبيرة بأنها قد تفقد وظيفتها في حالة تعديل وزاري مع استمرار ركود الاقتصاد.
وفي الوقت الحالي، يدور جدلٌ داخل الحكومة البريطانية حول فرض ضرائب على الثروة، وهو ما لم تستبعده ريفز، حسب "ذي إندبندنت".
وتتصدر مطالبات فرض ضريبة على الثروة نائبة رئيس الوزراء أنجيلا راينر، التي أرسلت إلى وزيرة الخزانة مذكرةً تتضمن ثمانية اقتراحات خلال مراجعة الإنفاق، بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف من أن تقوم ريفز بتجميد عتبات ضريبة الدخل مرة أخرى، ما يضطر ملايين آخرين إلى دفع ضريبة الدخل ودفع المعدلات الأعلى.
ويلفت التقرير إلى أن "إضراب الأطباء بسبب المطالبة بزيادة الأجور بنسبة 29%، أثار مخاوف الحكومة هذا الأسبوع من احتمال إضرابات أخرى"، وأيضًا تتعرض ريفز لضغوط إضافية من النقابات لإيجاد أموال إضافية لحزم الأجور.
إستراتيجية ريفز
بخلاف التحذيرات، أثنى صندوق النقد الدولي على الإستراتيجية الشاملة التي انتهجتها ريفز في "خطة التغيير"، مشيرًا إلى أن "الخطط المالية للسلطات (البريطانية) تُحقق توازنًا جيدًا بين دعم النمو وضمان الاستدامة المالية، ومن المهم مواصلة هذا المسار وتحقيق خفض العجز المخطط له على مدى السنوات الخمس المقبلة".
وتابعت: "إن مهمة النمو التي تتبناها السلطات تشمل المجالات الصحيحة لرفع الإنتاجية".
وكان من المتوقع أن ينمو الاقتصاد البريطاني بنسبة 1.2% فقط بحسب التقرير، على الرغم من أن هذا المعدل لا يزال أعلى من المستويات السابقة.
وردت وزيرة الخزانة البريطانية على التقرير قائلة: "يؤكد تقرير صندوق النقد الدولي اليوم أن الخيارات التي اتخذناها ضمنت استمرار التعافي الاقتصادي في بريطانيا، وأن خططنا سوف تعالج التحديات الاقتصادية العميقة الجذور التي ورثناها في مواجهة الرياح المعاكسة العالمية".
وأضافت: "تُمكّننا قواعدنا المالية من مواجهة هذه التحديات بالاستثمار في تجديد بريطانيا.. نلتزم بمليارات الجنيهات الإسترلينية لتحسين شبكات النقل، وتوفير تمويل قياسي للمنازل بأسعار معقولة، بالإضافة إلى دعم مشروعات كبرى لدفع عجلة النمو الاقتصادي".
وتابعت ريفز: "لا يزال أمامنا المزيد من العمل، ولهذا السبب نُقلّص البيروقراطية غير الضرورية ونُطلق العنان للاستثمار لتمكين الشركات البريطانية من الازدهار وتوفير المزيد من المال للطبقة العاملة".
غير ناجحة
تشير "ذي إندبندنت" إلى أن المعارضين لسياسات حزب العمال الذي يقوده كير ستارمر استغلوا تقرير صندوق النقد الدولي باعتباره "دليلًا إضافيًا على أن استراتيجية ريفز غير ناجحة".
ونقلت الصحيفة عن وزير المالية في حكومة الظل المحافظة ميل سترايد: "هذا تأكيد آخر على أن سوء إدارة حزب العمال يعني المزيد من الزيادات الضريبية القادمة في الخريف".
وأشار سترايد إلى أن استنتاج صندوق النقد الدولي واضح: "لقد استنفدت المستشارة بالفعل الحد الأقصى لبطاقة الائتمان، وخياراتها الوحيدة هي خفض الإنفاق أو زيادة الضرائب.. أظهرت كارثة الرعاية الاجتماعية عجز حزب العمال التام عن ضبط الإنفاق.. يجب على الشركات والأسر الاستعداد لارتفاع العبء الضريبي".
أيضًا، لفت إلى تأكيد صندوق النقد الدولي أن ضريبة الوظائف التي فرضها حزب العمال تعني عددًا أقل من الوظائف، وأجورًا أقل، وأسعارًا أعلى للأسر العاملة، مضيفًا: "لا شك أن هذه الفوضى تعود إلى خيارات حزب العمال، والعمال الذين يدعي حزب العمال حمايتهم هم الذين يدفعون الثمن".