يتفاقم الوضع الإنساني في قطاع غزة بشكل كارثي، حيث تعاني المستشفيات من نقص حاد في الوقود وتكاد فرص إنقاذ المصابين تنعدم، في الوقت نفسه أكدت مصادر طبية ارتفاع عدد شهداء التجويع، ومعظمهم من الأطفال.
وتتزامن هذه التطورات مع استهداف ممنهج للطواقم الطبية وسيارات الإسعاف، ما يعوق جهود الإغاثة في ظل حصار إسرائيلي مشدد.
ظروف مستحيلة وقرارات طبية قاسية
من جهته، صرح الدكتور إبراهيم شريف العشي، طبيب متطوع في عيادة غزة التضامنية، لـ"القاهرة الإخبارية" بأن الوضع في مستشفيات غزة بلغ حدًا لا يُحتمل، مشيرًا إلى أن القطاع الطبي يعمل في ظروف "أشبه بالمستحيلة"، بعد خروج عدد كبير من المستشفيات عن الخدمة، لا سيما في شمال القطاع.
وأضاف "العشي" أن "الاحتلال دمّر العديد من المستشفيات، مثل المستشفى الإندونيسي ومستشفى كمال عدوان"، ولم يتبقَ سوى "عدد محدود من المنشآت الصحية التي تعمل بقدرات شبه معطلة، وتعتمد بالكامل على مولدات كهربائية مهددة بالتوقف في أي لحظة بسبب نفاد الوقود".
وأوضح أن الكوادر الطبية تُجبر في كثير من الحالات على اتخاذ "قرارات صعبة تحت ضغط الحاجة"، وقال: "نمارس ما يسمى بطب الحروب، ونفاضل بين المصابين.. من يُحتمل إنقاذه يُعالج، ومن فرصته معدومة نُضطر لتركه.. أُجريت حالات بتر لأطراف مصابين دون وجود مخدر، لأن البنج شبه منعدم في القطاع".
مناطق خارج التغطية
وعن وضع الطواقم الطبية، قال "العشي" إن "الأطباء والممرضين باتوا أنفسهم هدفًا للغارات"، موضحًا أن عددًا كبيرًا من الأطباء "استُشهدوا أو أُصيبوا أو تم اعتقالهم خلال الحرب".
وأكد: "نعمل بأقصى طاقة ممكنة رغم الجوع والتعب، حتى الطعام لم يعد متوفرًا كما كان.. المستشفيات تحوّلت إلى أماكن نزوح، والكوادر تعمل في ظروف نفسية وجسدية شديدة القسوة، ونحن لا نُستثنى من القصف والاستهداف".
وفي ختام حديثه، وجّه الطبيب المتطوع نداءً عاجلًا إلى المجتمع الدولي، قائلًا: "نناشد العالم أن يضع الرعاية الصحية في غزة على رأس أولوياته.. الوضع تجاوز حدود الكارثة، وغزة أصبحت منطقة منكوبة بكل ما تحمله الكلمة من معنى".
من جهته، أوضح مدير جمعية الإغاثة الطبية في غزة محمد أبو عفش، لـ"القاهرة الإخبارية" أن "الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف تُستهدف بشكل مباشر ومتكرر أثناء محاولاتها إنقاذ المصابين، خاصة في المناطق المتضررة".
وأشار إلى أن هذا الاستهداف يتم بشكل ممنهج، حيث يُقصف الموقع مرة أولى، ثم مرة ثانية بعد وصول المسعفين، ما أدى إلى سقوط العديد من الشهداء في صفوف الطواقم الطبية.
وأضاف "أبو عفش" أن "هناك مئات الحوادث التي استُهدفت فيها سيارات الإسعاف والدفاع المدني، وآخرها في منطقة الكرامة شمالي غزة، حيث تم استهداف 3 سيارات إسعاف كانت تنقل الجرحى، ما أسفر عن استشهاد طواقمها بالكامل".
وأكد أن "مناطق كاملة في غزة لا تستطيع الطواقم الطبية الوصول إليها بسبب شدة العمليات العسكرية، خاصة في الأحياء الشرقية مثل الشجاعية والتفاح، حيث يفتقر المحاصرون إلى أي مساعدات طبية أو إنسانية".
المجاعة تتفاقم
ارتفع عدد شهداء التجويع في قطاع غزة إلى 122 شهيدًا، عقب تسجيل 9 شهداء خلال الـ24 ساعة الماضية، وفقًا لمصادر طبية اليوم، ومن بين هؤلاء الشهداء، بلغ عدد الأطفال 83 طفلًا، بعد الإعلان صباحًا عن استشهاد طفل بسبب المجاعة وسوء التغذية في القطاع.
وتصل في كل لحظة حالات سوء تغذية ومجاعة إلى المستشفيات في غزة، حيث يعاني 900 ألف طفل في غزة من الجوع، و70 ألفًا منهم دخلوا مرحلة سوء التغذية.
وكانت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) حذرت من أن سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة قد تضاعف بين مارس ويونيو، نتيجة للحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة.