توصلت تركيا إلى اتفاق مع ألمانيا والمملكة المتحدة بشأن طائرات "يوروفايتر تايفون" المقاتلة، في خطوة يصفها الخبراء بأنها تفتح الباب أمام مرحلة جديدة في تحديث اسطول القوات الجوية التركية، وإشارة إلى عصر جديد في العلاقات التركية الأوروبية.
تحظى طائرات "يوروفايتر" الحربية، التي ينتجها اتحاد يضم ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا، منذ فترة طويلة اهتمام أنقرة في سعيها لتعزيز دفاعاتها الجوية، واليوم الأربعاء ، وقّعت أنقرة ولندن في إسطنبول مذكرة تفاهم بشراء تركيا طائرات "يوروفايتر" المقاتلة، وذلك بعد موافقة الحكومة الألمانية على السماح لتركيا بـ40 طائرة.
أهمية متنوعة
وفقًا لإذاعة صوت ألمانيا " دويتشه فيله"، يعتمد أسطول القوات الجوية التركية الحالي إلى حد كبير على طائرات الجيل الرابع من طراز F-16 وعدد صغير من طائرات F-4E Phantom الحديثة.
لكن بحسب الخبراء فإن هذه الطائرات، وخاصة الجيل الرابع من طائرات إف-16، بدأت تفقد قدرتها على مواكبة تقنيات الحرب الحديثة.
كانت تركيا، التي تم استبعادها من برنامج مقاتلات إف-35 الذي أجرته مع الولايات المتحدة بسبب حصولها على أنظمة الدفاع الجوي إس-400، بحاجة إلى طائرات حديثة ذات قدرات متعددة الأدوار.
ويمكن استخدام طائرة "يوروفايتر"، وهي طائرة مقاتلة متعددة الأغراض ذات مقعد واحد، في القوات الجوية والبرية والبحرية بفضل أنظمتها الإلكترونية المتطورة.
تتمتع الطائرة يوروفايتر بالقدرة على المشاركة في القتال على المدى القريب والبعيد.
وعلى عكس طائرة "تورنادو"، تقلع طائرة "يوروفايتر" في وضع الطيران العادي دون استخدام الحارق اللاحق. ويؤدي هذا إلى تقليل التلوث الضوضائي في مطارات القوات الجوية.
تستطيع طائرة "يوروفايتر" الوصول إلى سرعة تفوق سرعة الصوت دون الحاجة إلى حارق لاحق، كما يمكنها الطيران بسرعة تفوق سرعة الصوت لفترات طويلة. هذه الميزة، التي تسمى "الطيران الفائق"، لا يمتلكها حاليًا سوى عدد قليل جداً من الطائرات المقاتلة في العالم.
تجديد الأسلحة
قال خبير الدفاع بارين كايا أوغلو في تقييمه لـ"دويتشه فيله" الناطقة باللغة التركية، إن هذه الطائرات مهمة لتركيا لعدة أسباب، وصنّف هذه الأسباب تحت عنوانين رئيسيين وهما التقنية العسكرية والعلاقات الجيوسياسية.
وبحسب كايا أوغلو، فإن طائرة "يوروفايتر تايفون" هي طائرة ناجحة للغاية في مهام جو-جو وتوفر مزايا كبيرة لمستخدميها، سواء بصواريخ ميتيور وإيريس أو قدرتها الحادة على المناورة.
ويشير كايا أوغلو إلى أن اعتماد القوات المسلحة التركية على مقاتلات قديمة مضيفا أن هذه الطائرات سوف توفر "دماء جديدة".
وقال: "إن حصولنا على 40 طائرة يوروفايتر يعني أنه بإمكاننا الآن إخراج طائراتنا من طراز F-4E 2020 Terminator، من الخدمة".
وفي سياق مماثل، يشير كايا أوغلو أيضاً إلى أن الضغوط على مشروع "أوزجور" التابع للشركة التركية للصناعات الجوية والفضائية، الذي يعمل على تحديث طائرات إف-16 في مخزون القوات الجوية، سوف تخف، وسوف تكتسب هذه العملية مساحة للمضي قدماً بطريقة أكثر هدوءًا وتخطيطاً.
بُعد سياسي
يحمل التوصل إلى هذا الاتفاق مع ألمانيا والمملكة المتحدة أيضًا أهمية خاصة من حيث العلاقات السياسية والجيوسياسية والدولية.
وتحتل تركيا موقعًا حاسمًا على الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي وتواجه توترات متصاعدة في مناطق استراتيجية مثل البحر الأسود وشرق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط والقوقاز.
ويقال إن الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والتوترات بين إسرائيل وإيران، وشراء اليونان لطائرات رافال وإف-35، تجعل من الضروري لتركيا إنشاء قوة جوية رادعة، وفقًا لـ"دويتشه فيله"
ويرى كايا أوغلو أن هذا الاتفاق قيم لأنه يظهر أن الدول الأوروبية لا تزال تريد إبقاء أنقرة إلى جانبها، على الرغم من تعثر عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
يُقال إن شراء تركيا لهذه الطائرة يعني تعاونًا أوثق مع الجناح الأوروبي للناتو، ويشكّل خطوة استراتيجية من حيث التكامل مع صناعة الدفاع الأوروبية، وخاصة من خلال تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة.