الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

حماس تغير قواعد اللعبة.. أشباح الركام تؤرق إسرائيل في غزة

  • مشاركة :
post-title
إسرائيل تواجه حرب عصابات في غزة

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

من بين ركام شمال قطاع غزة، تبرز مشاهد مفاجئة تُثبت أن حركة حماس الفلسطينية، رغم كل ما أصابها من إنهاك، لم تُهزَم بعد، ففي هجوم خاطف مُخطط بعناية نجحت كتائب القسام التابعة للحركة في توجيه ضربة قاتلة لقوات إسرائيلية كانت تظن نفسها في مأمن.

ووفق ما وثّقته شبكة "سي إن إن" الأمريكية، فإن الهجوم يعكس تحولًا استراتيجيًا من قِبل الحركة الفلسطينية من جيش شبه نظامي إلى تكتيكات حرب العصابات تستخدم العبوات الناسفة، والخلايا الصغيرة، وما تبقى من شبكة الأنفاق، لتشكّل حرب استنزاف طويلة وموجعة للجيش الإسرائيلي.

كمين بيت حانون

وقع الهجوم الأبرز في بلدة بيت حانون، شمال شرق غزة، عندما انفجرت ثلاث عبوات ناسفة مزروعة بعناية، مستهدفة وحدة "نيتسح يهودا" التابعة للجيش الإسرائيلي.

الهجوم الذي نُفّذَ عن بُعد، تلاه وابل من نيران الأسلحة من خلية تابعة لحماس كانت ترصد التحرك، وأسفر عن مقتل 5 جنود وإصابة 14 آخرين، بينهم حالات حرجة، بحسب تحقيق أولي للجيش الإسرائيلي.

وذكرت كتائب القسام، في بيان لها، أن العملية جرت في منطقة "ظنّ الاحتلال أنها آمنة"، مؤكدة أنها جزء من "معركة استنزاف" تهدف إلى أسر المزيد من الجنود الإسرائيليين أو القضاء عليهم.

غزة تحت النار مجددًا

بعد نحو 21 شهرًا من القتال المتواصل، تجد إسرائيل نفسها مجبرة على العودة مرارًا إلى مناطق كانت أعلنت تطهيرها، مثل خان يونس وبيت حانون، ما يكشف حدود السيطرة الإسرائيلية على القطاع، وفق "سي إن إن" الأمريكية.

وقالت حماس إنها تسعى من خلال هذه الهجمات إلى "فرض ثمن مميت كل أسبوع"، مستغلة ما تبقى من قدراتها الدفاعية، والعبوات الناسفة محلية الصنع، وحتى الذخائر الإسرائيلية غير المنفجرة، في معركة غير تقليدية.

وفي إحدى الهجمات، نشرت حماس مقطع فيديو يُظهِر استهداف مركبة هندسية إسرائيلية في خان يونس، عبر قذيفة صاروخية واشتباك مباشر، ما أدى إلى مقتل جندي، حاول المسلحون اختطافه، بحسب الجيش الإسرائيلي.

حماس تجدد نفسها

يوم وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، تعرضت مركبة مدرعة جنوب غزة لهجوم بقنبلة حارقة ألقيت داخلها، أسفرت عن مقتل سبعة جنود إسرائيليين دفعة واحدة، في واحدة من أعنف الهجمات منذ شهور.

ورغم إعلان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، هرتسي هاليفي، في يناير الماضي أن إسرائيل قتلت 20 ألف مقاتل من حماس منذ بدء الحرب، إلا أن حماس نجحت في تجنيد مقاتلين جدد.

وأكدت تقارير لقناة "كان نيوز" الإسرائيلية في مارس الماضي أن الحركة جنّدت "المئات" من المقاتلين حديثًا، لتعويض خسائرها.

خلايا لا مركزية

وفقًا للجنرال الإسرائيلي المتقاعد إسرائيل زيف، فإن حماس تحوّلت إلى منظمة "لا مركزية"، تعمل في خلايا صغيرة، وتُجيد استغلال الثغرات في صفوف الجيش الإسرائيلي.

وقال زيف وفق شبكة CNN: "هذه حرب عبوات ناسفة"، مضيفًا أن حماس تُنشئ كمائن دقيقة وتستفيد من أسلحة الجيش الإسرائيلي نفسه.

ويتابع "زيف": "هم لا يدافعون عن أرض، بل يبحثون عن أهداف، وأن الضغط المتواصل على القوات الإسرائيلية ساهم في تقوية يد حماس، رغم أنها فقدت هيكلها القيادي المركزي".

أشباح وسط الركام

معظم ترسانة حماس الصاروخية قد استُنفدت، ولم تعد قادرة على إطلاق سوى صواريخ متفرقة "ذات تأثير شبه معدوم"، بحسب تقرير CNN، لكن قدرة حماس على التنقل بين الأنقاض، باستخدام الشبكات الأرضية والمخابئ، منحتها مرونة تكتيكية واضحة، تجعلها قادرة على إلحاق خسائر مدروسة بالجيش الإسرائيلي.

ويصف مسؤول عسكري إسرائيلي في تصريح للشبكة الوضع قائلًا: "أصبح من الصعب الآن تحقيق الأهداف التكتيكية، فلم نعد نتعامل مع جيش موحد، بل مع أشباح في ركام غزة".

على الرغم من استمرار المفاوضات لا يزال التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار شامل بعيد المنال، إذ شدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارته الأخيرة لواشنطن على ضرورة تخلي حماس عن أسلحتها وقدراتها العسكرية والحكومية كشرط أساسي لوقف القتال.

لكن، وفقًا لمصادر شبكة "سي إن إن"، لم تُظهر حماس حتى الآن أي استعداد لتقديم تنازلات، بل إن هجماتها المتكررة تُظهر أنها لا تزال تملك من القوة ما يكفي لإفشال الحلول الجزئية.