الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الأردن: جماعة الإخوان المحظورة كانت تدير شبكة مالية ضخمة ومعقدة

  • مشاركة :
post-title
صادرت قوات الأمن الأردنية مكاتب جماعة الإخوان المحظورة

القاهرة الإخبارية - هبة وهدان

كشفت التحقيقات التي تجريها السُلطات الأردنية المختصة عن وجود نشاط مالي غير قانوني ضلعت به جماعة الإخوان المحظورة طوال الأعوام الماضية داخليًا وخارجيًا، تزايدت وتيرته في آخر 8 سنوات.

وحسب وكالة الأنباء الأردنية "بترا"، "أدارت الجماعة شبكة مالية ضخمة ومعقدة كانت تتأتى مواردها من مصادر عدة، أبرزها: جمع التبرعات التي كانت تقوم بها جمعيات تنشط في هذا المجال بشكل غير قانوني، ومن عوائد استثمارات أُقيمت بشكل مباشر وبالباطن داخل المملكة وخارجها، بالإضافة إلى الاشتراكات الشهرية من داخل الأردن وخارجه".

وأثبتت التحقيقات والمضبوطات، وفقًا لما اطّلعت عليه "بترا"، أن الجماعة التي يُفترض أنها منحلة وعملها غير قانوني، وهو ما أكده قرار محكمة التمييز الصادر عام 2020، حازت وتحت عناوين مختلفة على عشرات الملايين من الدنانير، استُثمر جزء منها في شراء شقق خارج الأردن، كما استُخدمت الأموال لأغراض غير مشروعة قانونًا، ومنها ما سُجّل بأسماء أفراد ينتمون للجماعة عن طريق ملكيات مباشرة أو أسهم في بعض الشركات.

وذكرت الوكالة أنه "وقد أظهرت التحقيقات – حتى الآن – جمع ما يزيد على 30 مليون دينار في السنوات الأخيرة، إذ كانت الجماعة المحظورة ترسل المبالغ التي تقوم بجمعها إلى دول عربية وإقليمية ودول خارج الإقليم، بينما استُخدم جزء من تلك الأموال في حملات سياسية داخلية عام 2024، فضلًا عن تمويل الجماعة لأنشطة وخلايا تم ضبطها وأُحيلت للقضاء".

وضبطت الأجهزة المختصة نحو 4 ملايين دينار في يوم إعلان الحكومة عن المخطط الذي كان يستهدف الأمن الوطني، منتصف أبريل الماضي، بعد أن حاول أشخاص إخفاءها داخل منازل ومستودع شمالي العاصمة عمّان، بطلب من سائق يعمل لدى قيادي بالجماعة المحظورة.

وأوقفت السلطات المختصة، على إثر التحقيقات والبيّنات والأدلة، 11 شخصًا، واستدعت آخرين ممن لهم صلة بملف القضية، ورُبط عدم توقيفهم بكفالة مالية.

استغلال أزمة غزة

واستغلت الجماعة المحظورة الأحداث في غزة لجمع التبرعات بطرق مخالفة للقانون، وسط غياب لآلية معلنة وشفافة لعملية جمع الأموال التي لم يُعرف ولم يُعلَن عن مصيرها، ومن دون الإفصاح عن مصادر تلك الأموال وحجمها وكيفية إيصالها للأهالي في القطاع، ومن دون الإعلان عن أي تنسيق مع أي منظمة دولية أو إغاثية لنقل تلك الأموال إلى أهالي غزة.

واعتمدت الجماعة على وسيلتين في جمع التبرعات؛ إحداهما سرية، وتتمثل في جمع التبرعات عن طريق بعض الجمعيات وشُعب الإخوان المحظورة (وعددها 44 شعبة)، والتي كانت تنشط بصورة غير مشروعة، مستغلةً مقرات تابعة لحزب سياسي، والوسيلة الثانية علنية، إذ كانت تُرسل للهيئة الأردنية الخيرية الهاشمية ما تجمعه من مواد عينية عبر أذرعها وبعض الجمعيات التي تُدار من قبل أشخاص منتمين لها، إذ بلغ مجموع الأموال التي أُرسلت إلى الهيئة من خلال هذه القنوات نحو 413 ألف دينار فقط (أي نحو 1% فقط من مجموع التبرعات التي كشفت عنها التحقيقات والتي لا تزال مستمرة).

وأحاطت جماعة الإخوان المحظورة عملية جمع الأموال المُتبرَّع بها وإرسالها للخارج بسرية بالغة، وفق آلية وُزّعت فيها الأدوار على مسؤولين داخل الجماعة، وفرد يقيم في عمّان مرتبط بتنظيم خارجي، وقد نشأت نتيجة هذا النشاط دورة مالية غير قانونية ذات مكتومية عالية، اعتمدت على أساليب مالية مشبوهة، إذ لم يُعلَن عن مجموع التبرعات التي كانت تُنقل وتُسلَّم باليد وتُخبَّأ في البيوت والمستودعات.

وبيّنت التحقيقات أن الأموال كانت تُحوّل من الدينار إلى الدولار قبل إيداعها بمحل صرافة في العاصمة الأردنية عمّان، والذي اتُّخذت بحقه الإجراءات القانونية، إذ كان يُحوّل الأموال بطرق غير قانونية إلى محل صرافة بالخارج. وفي بعض الأحيان، كانت الأموال تُنقل عن طريق رزمها من محل الصرافة بعمّان وشحنها جوًا إلى الخارج، وأحيانًا كان يتم تهريب الأموال إلى الخارج عن طريق أحد أفراد الجماعة المحظورة الذي كان يتردد إلى إحدى الدول.

غطاء الحماية المجتمعية

وكانت الجماعة المحظورة تستخدم أحد أكثر الأحياء في عمّان اكتظاظًا بالسكان لجمع التبرعات، لإحاطة عملها بحماية مجتمعية ولتشكيل غطاء للتستر على نشاطها، وقد كان لافتًا حجم المبالغ التي كانت تخرج من ذلك الحي، ليتبيّن أنه لم يكن المصدر الرئيس لجمع الأموال، بل كان مقصدًا للراغبين بالتبرع بشكل خفي.

وأظهرت التحقيقات – حتى اللحظة – مصادر التمويل الثابتة لدى الجماعة، والتي كانت ترد من الاشتراكات الشهرية للأعضاء (في الداخل والخارج)، ومن الاستثمار في الشقق بدولة إقليمية، وفق الاعترافات. ويصل مجموع الأموال المتأتية من هذه المصادر سنويًا نحو 1.9 مليون دينار، وفق التقديرات الأولية الناجمة عن التحقيقات.

وكانت الأموال التي يتم جمعها وصرفها بشكل غير قانوني تُستخدم لغايات سياسية وخيرية ذات مآرب سياسية، فقد كانت تُصرف على أحد الأحزاب، وعلى الأدوات والأذرع والحملات الإعلامية، وعلى الفعاليات والاحتجاجات، والتدخل في الانتخابات النقابية والطلابية، وصرف مرتبات شهرية لبعض السياسيين التابعين للجماعة وعلى حملاتهم الدعائية.

حظر الجماعة في الأردن

وفي 23 إبريل من العام الجاري، أعلن وزير الداخلية الأردني حظر جميع نشاطات جماعة الإخوان، ومصادرة مكاتبها، وإغلاق مقارها، ومصادرة ممتلكاتها.

وقال وزير الداخلية الأردني، مازن الفراية، في هذا الشأن، إنه "ثبت قيام عناصر من جماعة الإخوان بنشاطات مزعزعة للاستقرار"، مؤكدًا أن ما تم كشفه من متفجرات وصواريخ في الأردن أمر لا يمكن لأي دولة أن تقبل به.