يواجه الأطفال المهاجرون غير المصحوبين بذويهم بمجرد وصولهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، مصيرًا قاتمًا، إذ كشفت مصادر مطلعة عن عمليات اغتصاب وإساءة معاملة واستغلال.
عقب كشف مسؤول الهجرة وأمن الحدود الداخلية توم هومان، مؤخرًا في بودكاست "بود فورس وان"، عن الاتجار بالأطفال في جميع أنحاء الولايات المتحدة، كشف المُبلغون عن المخالفات عن كيفية عمل هذه الخطة المُرعبة، وفقًا لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
كشفت التحقيقات في عمالة الأطفال المهاجرين عن أطفال يعملون في المسالخ، ويخيطون العلامات التجارية على القمصان، ويقومون بالأعمال الخشبية، ويعملون في الحقول لمنتجات مُخصصة للبيع من قِبل أشهر العلامات التجارية في الولايات المتحدة.
ويضطر العديد من الأطفال غير المصحوبين بذويهم إلى إرسال الأموال إلى عائلاتهم في أوطانهم أو لدفع الأموال لمن يُهرّبهم إلى البلاد، واستخدام بطاقات هوية مزورة للحصول على عمل.
ووفقًا لأرقام وزارة الأمن الداخلي، فقد استقبلت الوزارة 448 ألف قاصر غير مصحوب بذويهم بين عامي 2019 و2023، ونُقلوا بعد ذلك إلى الولايات المتحدة.
ويصل العديد من الأطفال، وأحيانًا دون سن الخامسة، وهم لا يحملون سوى أرقام هواتف مكتوبة على أذرعهم أو ملابسهم.
كان جزء كبير منها عملية احتيال، دبرتها عصابات خلال فترة ولاية الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن والتي شهدت 8 ملايين محاولة عبور إلى الولايات المتحدة، وفقًا للأرقام الرسمية.
وقال مورجان ليريت، المتعاقد السابق مع بلاك ووتر-شركة أمنية وعسكرية خاصة أمريكية- وضابط استخبارات الجيش الأمريكي، لصحيفة "واشنطن بوست" إنه كان المهربون يتركون الأطفال على الحدود، ولا تستطيع الجمارك وحماية الحدود فعل أي شيء معهم، بل يتعين عليهم إيصالهم إلى مكتب إعادة توطين اللاجئين في غضون 72 ساعة.
وذكر: "بمجرد وصولهم إلى هناك، ينظر المتعاقدون غير الحكوميين وهم شركات خاصة إلى الأوراق ويقولون إن هذا هو كفيلهم، وهذا هو المكان الذي سيُسلمون إليه، دون التأكد من هوية الشخص أو العائلة أو حتى صحة العناوين والتي كانت بعضها عبارة عن وحدات تخزين أو نوادي تعري.
وأضاف: "كان الضباط حرفيًا يسلمون الأطفال مباشرة إلى الطرف الآخر من حلقات التهريب في الولايات المتحدة".
تم الكشف عن مخطط تهريب ملتوٍ في عام 2024، عندما ضبطت تحقيقات الأمن الداخلي (HSI) عصابةً كانت تُهرِّب أطفالًا دون سن الخامسة، بعضهم مُخدَّر بحلوى الميلاتونين، عبر الحدود.
وحاول المهربون تهريب الأطفال من نويفو لاريدو، المكسيك، إلى لاريدو، تكساس، باستخدام شهادات ميلاد أطفال مواطنين أمريكيين، وفقًا لبيان صادر عن إدارة الهجرة والجمارك (ICE)، ثم أوصلوا الأطفال إلى مخابئ سرية، والتي نقلتهم إلى مناطق أبعد داخل الولايات المتحدة.
وأكدت مصادر لصحيفة "ذا بوست" شيوع هذه المخططات على طول الحدود الجنوبية للولايات المتحدة.
وذكر ليريت: "إنه اتجار بالأطفال، واستغلال للعائلات"، مضيفًا: "دافعو الضرائب الأمريكيون هم من يدفعون الثمن، مشيرًا إلى أن الأمر كله يتعلق باستخدام شركات عسكرية خاصة ومنظمات غير ربحية لتحويل المساءلة. لكن وزارة الأمن الداخلي تملك سلسلة التوريد بأكملها، من خلال العقود فقط".
وأضاف: أنه بمجرد خروجهم من نطاق الرقابة الفيدرالية، تتمتع وزارة الأمن الداخلي بـ "مسوغ معقول للإنكار" لأي شيء يحدث لهم لاحقًا.
عدد القاصرين الذين فُقدوا من بين أيدي السلطات الامريكية مثير للقلق. وصرّح مسؤول المفتش العام بوزارة الأمن الداخلي في مارس، أن 233 ألف طفل لم تُصدر لهم دائرة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) أوراقًا ثبوتية، ويتعين الآن تحديد أماكنهم.
كما أشار التقرير إلى أن 31 ألف قاصر آخر غير مصحوب بذويهم لديهم عنوان خاطئ أو تجاري أو لا عنوان لهم على الإطلاق لكفلائهم، وأن 43 ألف قاصر آخر لم يحضروا جلسات المحكمة المقررة.
تُقدّر وزارة الصحة والخدمات الإنسانية عدد الأطفال المهاجرين الذين لم تتمكن من الوصول إليهم بـ 85 ألف طفل، وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز".