الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

احتجاجات لوس أنجلوس.. نقابات العمال تنتفض ضد سياسات ترامب بشأن الهجرة

  • مشاركة :
post-title
ديفيد هويرتا رئيس الاتحاد الدولي لموظفي الخدمات في كاليفورنيا

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

أدت الاحتجاجات المستمرة في لوس أنجلوس ضد حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على الهجرة، إلى إعادة النقابات لدائرة الضوء السياسية مرة أخرى، بعد اعتقال أحد قادتها البارزين، وفق صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية. 

وألقت السلطات الفيدرالية القبض على ديفيد هويرتا، الرئيس المعروف لأكبر نقابة في القطاع العام بكاليفورنيا، في أثناء تظاهره خارج موقع عمل نفذته إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية، في لوس أنجلوس، الجمعة الماضي.

وأسهم اعتقال هويرتا في تأجيج الاحتجاجات العنيفة المستمرة بلوس أنجلوس، منذ الجمعة الماضي، إذ تزايدت الدعوات لإطلاق سراحه بين النقابات والمتظاهرين، كما ألهمت مظاهرات أصغر حجمًا في مدن مختلفة بجميع أنحاء البلاد، نظمت العديد منها النقابة التي ينتمي إليها هويرتا، الاتحاد الدولي لموظفي الخدمات.

وطالب اتحاد عمال السيارات واتحاد العمال الأمريكي، مؤتمر المنظمات الصناعية - أكبر اتحاد نقابات عمالية في البلاد - بالإفراج عن هويرتا إلى جانب اتحاد عمال الخدمات الدولي.

وترى "واشنطن بوست" أن الاحتجاجات في لوس أنجلوس تُسلط الضوء على كيف أصبحت النقابات حصنًا منيعًا في وجه أجندة ترامب المتعلقة بالهجرة، متحدية بذلك أساليب إدارته في إنفاذ القانون.

وعزت الصحيفة هذا التحول إلى انضمام المهاجرين للنقابات بأعداد متزايدة، منذ تسعينيات القرن الماضي، فضلًا عن اعتراض النقابات العمالية على سياسات ترامب الأوسع نطاقًا التي تؤثر على النقابات.

وفي بيان صدر بعد إطلاق سراح هويرتا، أمس الأول الاثنين، قالت رئيسة اتحاد العمل الأمريكي ليز شولر، إن المجموعات التي طالبت بالإفراج عنه أظهرت قوة النقابة، وكتبت في منشور على منصة "إكس": "إذا أتيت من أجل واحد منا، فأنت تأتي من أجلنا جميعًا".

وألقي القبض على هويرتا بعد أن قاوم الضباط الذين كانوا ينفذون مداهمة لدائرة الهجرة في مستودع قرب وسط مدينة لوس أنجلوس، إذ زعم المسؤولون أنه حشد محتجين خارج بوابة المستودع لمنع الضباط من الدخول.

ووجهت إلى هويرتا تهمة التآمر لعرقلة جهود الهجرة الفيدرالية، وأفرج عنه بكفالة، وقال بيل إسايلي، المدعي العام الأمريكي بلوس أنجلوس، في منشور على "إكس"، بعد وقت قصير من الاعتقال: "اسمحوا لي أن أكون واضحًا: لا يهمني من أنت - إذا أعاقت عمل العملاء الفيدراليين، فسيتم القبض عليك ومحاكمتك".

وفي بيان صدر الاثنين الماضي، أشادت أبريل فيريت، رئيسة الاتحاد الدولي لعمال الخدمات، بإطلاق سراح هويرتا، لكنها أضافت: "هذا النضال يتعلق بأكثر من مجرد رجل واحد". وقالت فيريت: "لا يزال آلاف العمال محتجزين ظلمًا ومنفصلين عن عائلاتهم".

ونقلت "واشنطن بوست" عن بول أورتيز، أستاذ تاريخ العمل في جامعة كورنيل، إن اعتقال هويرتا والتداعيات المترتبة عليه تسلط الضوء على المقاومة المتزايدة من جانب النقابات العمالية لتطبيق ترامب لقوانين الهجرة، خاصة مع اتخاذه إجراءات أخرى ضد العمال، مثل محاولة تقليص القوى العاملة الفيدرالية، مضيفًا: "هذا كله هجوم واحد، ويهدف إلى نفس الهدف، وهو الاستيلاء على السلطة".

وفي الأشهر التي تلت تولي ترامب منصبه، كانت النقابات العمالية في قلب بعض إجراءاته التنفيذية، وأطلقت النقابات تحديات ضد هذه الإجراءات بدورها.

في يناير، وبعد نحو أسبوع من تنصيبه، تحرك ترامب لطرد الأعضاء الديمقراطيين في لجنة تكافؤ فرص العمل ومجلس العلاقات العمالية الوطني، وهي المجموعات التي تشرف على أعداد كبيرة من العمال وأصحاب العمل والنقابات في الولايات المتحدة.

ومارس 2025، حاول ترامب إلغاء الحقوق النقابية للعاملين في أكثر من 20 وكالة ومكتبًا فيدراليًا، ومع قيام إدارته بتقليص القوى العاملة الفيدرالية، رفعت النقابات العمالية دعاوى قضائية لمنع هذه التخفيضات.

وفي كل من تلك الحالات وفي كاليفورنيا، خرجت الحركة العمالية معارضة لترامب لأنها "تختلف بشكل أساسي" مع السياسات التي تقف وراء أفعاله، كما قال سيث هاريس، الذي شغل سابقًا منصب كبير مستشاري العمل للرئيس جو بايدن.

وقال أورتيز، إن الحركة العمالية بُنيت على يد المهاجرين في أوائل القرن التاسع عشر، لكن لسنوات، عارضت النقابات الأمريكية، بما فيها اتحاد العمل الأمريكي ومؤتمر المنظمات الصناعية، العمال المهاجرين، خشية أن يتنافسوا على الوظائف المحدودة أصلًا ويقبلوا بأجور منخفضة.

وعام 2000، تراجع اتحاد العمل الأمريكي ومؤتمر المنظمات الصناعية عن مساره، ودعا الاتحاد إلى العفو عن 6 ملايين مهاجر غير شرعي، وإلغاء برنامج يعاقب أصحاب العمل الذين يوظفونهم، الذي ساعد في سنّه قبل أكثر من عقد.

وذكرت "واشنطن بوست" آنذاك أن هذا التغيير مثل "تحولًا ملحوظًا للحركة العمالية الأمريكية"، مضيفة أن النقابات في ذلك الوقت أدركت أن المهاجرين يمثلون "أفضل فرصة" لزيادة عدد أعضائها.

وصرّح هاريس بأن رؤية النقابات في طليعة جهود حقوق المهاجرين ليست مفاجئة تمامًا، لأنها تعارض أي جهد لتقسيم الطبقة العاملة، بما في ذلك الترحيل الجماعي للعمال ومداهمات أماكن عملهم. 

وأضاف: "الحركة العمالية ملتزمة تمامًا بتنظيم العمال المهاجرين بدلًا من محاولة إبعادهم عن البلاد".

وقال "أورتيز"، إن لوس أنجلوس كانت "نقطة الصفر" للتركيبة السكانية المتغيرة للنقابات العمالية، إذ أصبحت تتكون بشكل متزايد من المهاجرين. منذ ذلك الحين، دعمت النقابات تغييرات في السياسات من شأنها أن تمنح العمال المهاجرين مسارًا عمليًا للحصول على الجنسية، لكن في غياب هذا الخيار، من المرجح أن تُقابل المداهمات المستمرة والتنفيذ الصارم للقانون بردود فعل أكثر حزمًا من النقابات العمالية في جميع أنحاء البلاد.