الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تيليجرام وعملات مشفرة.. تفاصيل تجنيد المخابرات الإيرانية عملاء في إسرائيل

  • مشاركة :
post-title
صورة تعبيرية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

كشفت صحيفة "معاريف" العبرية عن تفاصيل مثيرة حول نجاح المخابرات الإيرانية في بناء شبكة تجسس داخل إسرائيل، إذ تم اتهام أكثر من 30 إسرائيليًا بالتعاون مع طهران منذ الهجوم الصاروخي الإيراني الأول في أبريل 2024. 

وبحسب ما كشفته وثائق المحاكم الإسرائيلية، فإن هذه الشبكة تمكنت من تجنيد عملاء محليين لتنفيذ مهام تراوحت بين جمع المعلومات والتصوير، وصولًا إلى محاولات الاغتيال.

استراتيجية التجنيد

تختلف الطريقة الإيرانية في التجسس جذريًا عن الأساليب التقليدية، فبينما تعتمد أجهزة الاستخبارات عادة على إرسال عملاء مدرّبين، اتبعت المخابرات الإيرانية نهجًا يقوم على اختبار مدى استعداد المجندين المحليين للمضي قدمًا في مهامهم.

تبدأ عملية التجنيد برسائل نصية مجهولة تعرض أموالًا مقابل معلومات أو مهام بسيطة، وفقًا لوثائق المحاكم الإسرائيلية التي اطلعت عليها "معاريف".

إحدى هذه الرسائل تساءلت: "هل لديك معلومات عن الحرب؟ نحن مستعدون لشرائها"، بينما رسالة أخرى أرسلتها جهة تسمي نفسها "طهران-القدس" إلى مواطن فلسطيني داخل إسرائيل، قالت: "القدس الحرة توحّد المسلمين. أرسل لنا معلومات عن الحرب".

تتضمن هذه الرسائل روابط لتطبيق "تيليجرام" حيث يبدأ الحوار مع أشخاص يستخدمون أسماء إسرائيلية أحيانًا، مع عرض أموال مقابل ترتيبات بسيطة ظاهريًا. وإذا أبدى المتلقي اهتمامًا، تنصحه جهات الاتصال الغامضة بإنشاء حساب "PayPal" وتطبيق لاستقبال الأموال بالعملات المشفرة.

التدرج في المهام

تكشف وثائق المحاكم الإسرائيلية، حسب "معاريف"، أن المهام تبدأ بسيطة ثم تتطور تدريجيًا. وفي إحدى الحالات، كانت المهمة الأولى لمشتبه به اعتُقل في 29 سبتمبر 2024، هي الذهاب إلى حديقة والتحقق من وجود كيس أسود مدفون في مكان معين، مقابل دفع حوالي 1000 دولار. ولم يكن هناك كيس، وأرسل المجند فيديو لإثبات ذلك.

بعد ذلك، تطورت المهام لتشمل توزيع منشورات، وتعليق لافتات، ورش كتابات على الجدران، معظمها بشعارات تنتقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مثل: "كلنا معًا ضد بيبي"، و"بيبي جلب حزب الله إلى هنا"، و"بيبي = هتلر". وتهدف هذه المرحلة إلى بناء الثقة مع المجندين واختبار استعدادهم للمضي قدمًا.

عمليات التصوير والاستطلاع

المرحلة التالية، وفقًا للصحيفة العبرية، تضمنت التصوير والاستطلاع، إذ تم تجنيد إسرائيلي من أصل أذري لتصوير منشآت حساسة في جميع أنحاء البلاد، وحوّل الأمر إلى عمل عائلي بإحضار أقاربه لتصوير منشآت ميناء حيفا "التي تعرضت لاحقًا لضربات صاروخية إيرانية"، وقاعدة "نافاتيم" الجوية في النقب "التي هوجمت في أكتوبر"، وبطاريات القبة الحديدية، ومقر الاستخبارات العسكرية في "جليلوت".

طُلب من المجند الذي بحث عن الكيس الأسود، تصوير منزل عالم نووي يعمل في معهد وايزمان.

وهاجمت إيران معهد وايزمان بصواريخ باليستية في الحملة الأخيرة، ومن المرجح أن الصور التي التقطها عملاؤها ساعدت في توجيه الضربة.

محاولات الاغتيال

بعد تنفيذ مهام بسيطة مثل تعليق اللافتات والتصوير، طُلب من المجندين تنفيذ مهام أكثر خطورة مقابل أموال أكبر. فبعد تصوير منزل عالم معهد وايزمان، عُرض على أحد المجندين 60 ألف دولار لقتل العالم وعائلته وحرق منزلهم.

وفقًا للائحة الاتهام التي اطلعت عليها "معاريف"، وافق العميل وبدأ في توظيف أربعة محليين، جميعهم فلسطينيون من مواطني إسرائيل.

في ليلة 15 سبتمبر، ظهرت خلية الاغتيال عند بوابات معهد وايزمان، لكنهم لم يتمكنوا من تجاوز الحراس وغادروا المكان.

في اليوم التالي، طلب المشغّلون الإيرانيون من المجند العودة إلى المعهد وتصوير المزيد من الصور، وتمكن من تجاوز الحراس وصوّر سيارة العالم، وحصل على 709 دولارات، ثم سُئل عمّا إذا كان مستعدًا لتركيب جهاز GPS على السيارة، لكنه رفض.

قضية موتي مامان

تمثّل قضية موتي مامان، البالغ من العمر 72 عامًا، نموذجًا للتجنيد الإيراني المعقد، إذ كان الأخير متزوجًا حديثًا من امرأة شابة من بيلاروسيا، وكان بحاجة إلى أموال بعد فشل عدة مشاريع تجارية.

في أبريل الماضي، تواصل مع شقيقين من رجال الأعمال كان يعرفهما للبحث عن فرص كسب المال.

أخبره الشقيقان أن لديهما شراكة تجارية مربحة مع أحد الأصدقاء الإيرانيين يُدعى "إيدي"، يستورد الفواكه المجففة والتوابل.

في مايو، تم تهريب مامان إلى إيران في شاحنة، حيث التقى بـ"إيدي" ومسؤول إيراني آخر في فندق فاخر، عرضا عليه آلاف الدولارات لثلاث مهام، وهي: إيداع أموال أو أسلحة في أماكن مخصصة داخل إسرائيل، وتصوير أماكن مزدحمة، ونقل تهديدات لعملاء آخرين.

في أغسطس، عاد مامان إلى إيران مرة أخرى، وهذه المرة كانت المهام أكثر جرأة، إذ عرض الإيرانيون 150 ألف دولار لقتل رئيس الشاباك السابق رونين بار، أو وزير الدفاع السابق يوآف جالانت.

وفقًا لما كشفته "معاريف"، قال مامان إن لديه علاقات في عالم الجريمة قد تتمكن من تنفيذ العمل، لكنه طلب مليون دولار، فيما اعتبر الإيرانيون المبلغ مرتفعًا جدًا، وعرضوا مبلغًا أقل لاغتيال رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، مقابل 400 ألف دولار.