الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

صبر بولندا ينفد.. مناورة ألمانيا الحدودية تهدد قواعد اللجوء في أوروبا

  • مشاركة :
post-title
الشرطة الألمانية تغلق حدودها

القاهرة الإخبارية - أحمد أنور

وقع المستشار الألماني فريديش ميرز، في فخاخ الخلاف مع جارته الحدودية بولندا، في أثناء سعيه للحد من الهجرة غير الشرعية، إذ وضعته الأخيرة في دائرة الاتهامات بإعادة كتابة قواعد "شنجن" وإرجاع آلاف الأشخاص إليها.

مع تصاعد التوترات السياسية في وارسو، اضطرت الحكومة البولندية إلى فرض نقاط تفتيش مؤقتة على الحدود بدءًا من الاثنين الماضي، بالإضافة إلى إجراءات مماثلة على حدودها الشمالية الشرقية مع ليتوانيا، وأعلنت أنه سيجري إرسال 5 آلاف جندي لدعم حرس الحدود على طول الحدود مع البلدين، بحسب صحيفة "التايمز" البريطانية. 

وإلى جانب ذلك، يقف متطوعو حركة الدفاع عن الحدود على الطرق؛ للتحقق من المهاجرين في مناطق عدة.

وحركة "الدفاع عن الحدود" هي منظمة أهلية تقوم بتنظيم "دوريات المواطنين" على طول الحدود الألمانية؛ احتجاجًا على قرار برلين ببدء إعادة المهاجرين غير النظاميين إلى بولندا بشكل روتيني.

وفي قرية لوبيزين، بجوار الأعمدة المخططة بالأحمر والأبيض التي تمثل الجانب البولندي من الحدود مع ألمانيا، يقف متطوعون يرتدون سترات عاكسة السيارات المارة ويتحققون من المهاجرين.

الهجرة غير الشرعية بين ألمانيا وبولندا

على بعد نحو 160 ميلًا إلى الجنوب، على جسر البابا يوحنا بولس الثاني عبر نهر نايسه حيث تلتقي مدينة زجورزيليك البولندية بمدينة جورليتز الألمانية الصغيرة، تقف مجموعة من النساء يرتدين سترات صفراء في خيمة تحمل الكلمات: "أوقفوا الهجرة"، بحسب تقرير الصحيفة. 

وتشير الأرقام المؤقتة الصادرة عن وزارة الداخلية الألمانية إلى أنه تم رفض 28 فقط من طالبي اللجوء على الحدود البولندية بموجب آلية "الطوارئ الوطنية" خلال الأسبوعين الأولين بعد دخولها حيز التنفيذ.

تم إعادة ما يقرب من 1350 شخصًا على الحدود البولندية الألمانية منذ 8 مايو، ولكن 128 منهم فقط تم إعادتهم بموجب القاعدة الجديدة.

وفي جميع أنحاء حدود ألمانيا، كان عدد المهاجرين الذين مُنعوا من الدخول الشهر الماضي في الواقع عند أدنى مستوى له في أي شهر يونيو منذ عام 2021، ربما لأن تدفقات الهجرة إلى أوروبا ككل تراجعت على مدى السنوات القليلة الماضية.

ووفق "التايمز" تظهر الإحصاءات البولندية أيضًا أنه منذ بداية شهر مايو، أعادت قوات حرس الحدود الألمانية ما معدله 724 مهاجرًا إلى بولندا كل شهر، مقارنة بـ782 مهاجرًا شهريًا خلال نفس الفترة في عام 2024.

الهجرة غير الشرعية بين ألمانيا وبولندا

قال آدم سزلابكا، وزير الشؤون الأوروبية البولندي: "الوضع غير متكافئ، ألمانيا تُسبب حوادث بإعادة المهاجرين إلى بولندا دون التأكد من أن حرس الحدود البولنديين سيلتقطونهم، ولديهم إحصاءاتهم الخاصة، أما نحن فلا".

علّقت ألمانيا حقوق معظم اللاجئين في جلب أقاربهم إلى ألمانيا، كما اقترحت التفاوض مع طالبان بشأن اتفاق لإعادة المجرمين الأفغان إلى بلدهم الأصلي.

وباستثناء المجموعات "الضعيفة" مثل النساء الحوامل أو الأطفال غير المصحوبين بذويهم، يُطلب من المهاجرين الذين لا يستطيعون إثبات أن لديهم الحق في دخول البلاد أن يعودوا أدراجهم.

وتلزم قواعد الاتحاد الأوروبي طالبي اللجوء بتقديم طلب إلى أول دولة عضو تطأها أقدامهم، وبما أن ألمانيا محاطة بدول أخرى في الاتحاد الأوروبي، فهذا يعني أنه ينبغي نظريًا معالجة طلبات جميع طالبي اللجوء القادمين إلى البلاد في مكان آخر.

كما يتم تصوير المهاجرين وأخذ بصمات أصابعهم وتسجيلها في قاعدة بيانات وطنية، بحيث إذا عبروا الحدود وتقدموا بطلب اللجوء في وقت لاحق يمكن رفض طلبهم تلقائيًا، وأثار هذا الإجراء -الذي تم تقديمه بعد يومين من تولي ميرز منصبه- جدلًا واسعًا داخل ألمانيا نفسها.

الهجرة غير الشرعية بين ألمانيا وبولندا

دأب القضاة على تقويض الأساس القانوني لهذه الإجراءات، ففي الشهر الماضي، قضت المحكمة الإدارية في برلين بأن رفض ثلاثة طالبي لجوء صوماليين عند معبر فرانكفورت "أن دير أودر" الحدودي مع بولندا يُعدّ انتهاكًا لقانون الاتحاد الأوروبي، وأنه لا يوجد دليل على وجود حالة طوارئ وطنية تُبرر تعليق الإجراءات الاعتيادية.

وفي حين تصر وزارة الداخلية على أن الأحكام تنطبق فقط على الحالات الفردية المعنية، اقترح رئيس المحكمة الإدارية الفيدرالية، وهو في الواقع القاضي الأعلى في نظام اللجوء الألماني "أن السياسة برمتها قد تكون غير قانونية"، وفق "التايمز". 

وقال أندرياس روسكوبف، رئيس قسم شرطة الحدود في نقابة الشرطة الألمانية، إنه يشعر بالقلق من إمكانية محاكمة الضباط بسبب تنفيذهم أوامر غير قانونية من رؤسائهم على الحدود.

وتعرضت هذه السياسة لانتقادات شديدة من جانب أنجيلا ميركل، سلف ميرز في منصب المستشار، ومن شريكه في الائتلاف الحاكم الحزب الديمقراطي الاجتماعي.

ومع ذلك، فإن الانتقادات في ألمانيا معتدلة مقارنةً بالضجة في بولندا، إذ اتهم نواب من حزب القانون والعدالة اليميني المعارض الألمان بإلقاء آلاف "المهاجرين غير الشرعيين" على الأراضي البولندية يوميًا.

 قال دونالد توسك، رئيس الوزراء البولندي من يمين الوسط، إن صبره مع برلين "أصبح مستنفدًا"، وأن الوقت قد حان للتعامل مع "التدفقات غير المنضبطة للمهاجرين عبر الحدود البولندية الألمانية".