تسببت معارضة عدد من النواب الجمهوريين في مجلس النواب الأمريكي، في تأخر إقرار مشروع الموازنة الذي يصفه مؤيدو الرئيس دونالد ترامب بأنه "إنجاز تشريعي كبير يأمل في تحقيقه منذ عودته إلى البيت الأبيض"، لساعات، إلى أن استطاع قادة الحزب السيطرة على الموقف.
وكان مجلس الشيوخ، الذي يهيمن عليه الجمهوريون، أقرّ مشروع القانون أول أمس الثلاثاء عبر ترجيح صوت نائب الرئيس جيه دي فانس الذي كسر تعادل الأصوات؛ ليُحال "مشروع القانون الواحد الكبير والجميل"، الذي يتضمّن تخفيضات ضريبية ضخمة واقتطاعات شاملة في الرعاية الصحية، إلى مجلس النواب تمهيدًا للتصويت.
وحسب وكالة الأنباء الفرنسية، طلب رئيس مجلس النواب مايك جونسون من الأعضاء العودة إلى مكاتبهم، وأبقى عمليات التصويت الإجرائي التي تتطلّبها المصادقة النهائية مفتوحة لأكثر من ثلاث ساعات، دون أي مؤشر يدل على كسر الجمود، بينما عقد مساعدوه في الكواليس اجتماعات سادها التوتر مع معارضين لمشروع القانون.
ونقلت صحيفة "بوليتيكو"، عن جونسون قوله للصحفيين في مبنى الكابيتول: "سنتوصل إلى ذلك الليلة.. نحن نعمل على ذلك ونحن متفائلون بتحقيق تقدم".
زيادة العجز
ينص مشروع القانون الذي يتحمس له ترامب بشدة على تمديد الإعفاءات الضريبية الضخمة التي تم إقرارها خلال ولاية ترامب الأولى (2017-2021)، وإلغاء ضريبة الإكراميات، وتوفير مليارات الدولارات الإضافية لقطاع الدفاع ومكافحة الهجرة، لكنّ خبراء وسياسيين يحذرون من زيادة ضخمة متوقعة في العجز الفيدرالي.
وتشير تقديرات مكتب الموازنة في الكونجرس -المسؤول عن تقييم تأثير مشروعات القوانين على المالية العامة- إلى أن مشروع القانون من شأنه أن يزيد الدين العام بأكثر من ثلاثة تريليونات دولار بحلول عام 2034.
وسيكلف توسيع ترامب الإعفاءات الضريبية 4.5 تريليون دولار، وللتعويض جزئيًا عن ذلك يخطط الجمهوريون لخفض برنامج التأمين الصحي العام "ميدك إيد"، الذي يعتمد عليه ملايين الأمريكيين من ذوي الدخل المحدود.
كما ينص مشروع الموازنة على تقليص كبير في برنامج "سناب" للمساعدات الغذائية الرئيسي في البلاد، وإلغاء العديد من الحوافز الضريبية للطاقة المتجددة التي أقرت في عهد الرئيس السابق جو بايدن.
مشروع ترامب الكبير
بعد مداولات لنحو يومين والعديد من التعديلات، تجاوز أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون خلافاتهم وأقروا مشروع القانون مساء الثلاثاء.
وعقب تمرير المشروع في مجلس الشيوخ، كتب ترامب عبر منصته "تروث سوشال"، ليل الثلاثاء: "سيكون الشعب الأمريكي الرابح الأكبر، وسيحصل على ضرائب أقل بشكل دائم، ورواتب أعلى، وحدود آمنة، وقوات مسلحة أقوى".
وقال: "يمكننا أن نحصل على كل ذلك من الآن، لكن فقط في حال توحَّد الجمهوريون في مجلس النواب وتجاهلوا المتباهين، وقاموا بالأمر الصائب، وهو رفع مشروع القانون إلى مكتبي".
ووجه رسالة إلى الجمهوريين في مجلس النواب دعاهم خلالها إلى توحيد صفوفهم لإقرار الموازنة، قائلًا : "ابقوا متحدين.. استمتعوا، وصوّتوا بـنعم".
وفي بيان حازم، قال جونسون إنّ "مشروع القانون هذا هو أجندة الرئيس ترامب، ونحن سنحوّله إلى قانون"، مبديًا ثقته بأن الجمهوريين "باتوا جاهزين لإتمام المهمة".
وبات الأمر في عهدة مجلس النواب، فيما تبدو مهمة إقراره شائكة في ظل تأكيد نواب جمهوريين رفضهم النسخة المعدّلة الواردة من مجلس الشيوخ؛ وفق الإعلام الأمريكي.
معارضة ديمقراطية
يواجه المشروع معارضة ديمقراطية موحّدة في مجلس النواب، ويسعى الديمقراطيون إلى تأخير التصويت النهائي قدر الإمكان، وكذلك عددًا من الأعضاء الجمهوريين الرافضين للموافقة على اقتطاعات كبيرة في الرعاية الصحية.
ويحضّ ترامب المشرّعين على إقرار الموازنة قبل عيد الاستقلال في الرابع من يوليو، وهو التاريخ الذي حدّده موعدًا رمزيًا لإصدار الموازنة، لكن المحافظين في مجلس النواب أبدوا علنًا تردّدهم في الموافقة على بعض التعديلات التي أجراها أعضاء مجلس الشيوخ على نسختهم الأصلية.
وينتقد الديمقراطيون ما ينص عليه المشروع من خفض للضرائب على الأثرياء على حساب الطبقتين المتوسطة والعاملة اللتين ترزحان أصلًا تحت وطأة التضخّم.
والثلاثاء، قال زعيم الديمقراطيون في مجلس النواب حكيم جيفريز، بعد إقرار مشروع القانون في مجلس الشيوخ إن "هذه الموازنة الكبيرة البشعة تؤذي الأمريكيين العاديين لتكافئ أصحاب المليارات"، معتبرًا أنه "ورقة تشريعية مثيرة للاشمئزاز".
وأضاف: "سنقوم بكل ما في وسعنا لوقفه".