الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

على حافة الهاوية.. سجون إيطاليا لا تتحمل سجناء ميلوني

  • مشاركة :
post-title
تسعى رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني لتحقيق ما أسمته بـ"السلامة العامة"

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

بينما تسعى رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني لتحقيق ما أسمته بـ"السلامة العامة" بحزم غير مسبوق في إطار حملتها الرامية إلى فرض القانون والنظام في البلاد التي شهدت نشأة أشهر عصابات الجريمة المنظمة "المافيا"، بدا أنها تعتزم إرسال الكثيرين إلى السجن.

لكن في الوقت نفسه، سجون البلاد ليست في حالة مناسبة لاستقبال المزيد من السجناء؛ حيث تعاني من الاكتظاظ ونقص الرعاية النفسية.. "ولكن بدلًا من تقديم الإغاثة، أو حتى العفو والصفح كما فعل أسلافها، تُكثّف ميلوني الضغط"، كما أشارت النسخة الأوروبية من صحيفة "بوليتيكو".

تشهد السجون الإيطالية ما وصفه الرئيس سيرجيو ماتاريلا بـ"حالة طوارئ اجتماعية حقيقية"، بعد أن اكتشف حراس سجن "كالياري" بسردينيا، في التاسع من يونيو، أن سجينًا يبلغ من العمر 56 عامًا قد شنق نفسه في زنزانته، وهي حالة الانتحار الثالثة والثلاثين في سجن إيطالي هذا العام.

وهذا الأسبوع، حثّ ماتاريلا حكومة ميلوني على الاستجابة لـ"العدد المثير من حالات الانتحار خلف القضبان". وذلك في الوقت الذي شدّدت حكومة ميلوني العقوبات، واستبعدت صراحةً استخدام أدوات مثل تخفيف الأحكام أو العفو الجماعي.

انهيار السجون

في عام 2013، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكمًا أدان إيطاليا لانتهاكاتها المنهجية لحظر المعاملة اللاإنسانية والمهينة بشأن سبعة سجناء محتجزين في زنازين تقل مساحتها عن ثلاثة أمتار مربعة للشخص الواحد، وهو حد تعتبره المحكمة غير إنساني.

وأجبر هذا الحكم إيطاليا على تحسين الظروف والحد من الاكتظاظ من خلال توسيع نطاق بدائل السجن. ولفترة من الوقت، ترسخت الإصلاحات، وانخفض عدد نزلاء السجون، وطبقت إيطاليا أنظمة الزنازين المفتوحة، ما سمح للسجناء بالتنقل بحرية أكبر.

لكن حتى أبريل الماضي، كانت سجون إيطاليا تحتجز أكثر من 62 ألف سجين في منشآت مخصصة لـ 51 ألف سجين فقط، وفقًا لتقرير صادر عن منظمة "أنتيجون"، وهي منظمة غير حكومية تراقب أوضاع السجون.

ووفقًا للتقرير نفسه، تشهد حالات الانتحار ارتفاعًا حادًا، حيث تجاوزت 33 حالة في النصف الأول من عام 2025. ومع معدل اكتظاظ يبلغ 119% في عام 2023، وهو من أعلى المعدلات في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى نقص مزمن في الموظفين، وبنية تحتية غير ملائمة، وخدمات غير ممولة، يبدو نظام السجون الإيطالي في طريقه إلى الانهيار.

قانون ميلوني

في أوائل يونيو المنقضي، أقرت الحكومة اليمينية في إيطاليا مرسومًا أمنيًا شاملًا يطيل فترات السجن، ويضيف 14 جريمة جديدة، ويقيد بدائل السجن، الأمر الذي أدى إلى إرسال المزيد إلى نظام عقابي يعاني بالفعل من أزمة.

لكن "الأمر الأكثر إثارة للجدل" -وفق "بوليتيكو"- هو أن القانون يستهدف أيضًا تكتيكات الاحتجاج، ما يؤدي إلى تشديد قبضة الدولة على المعارضة. في المقابل، وصفت ميلوني القانون الجديد بأنه "خطوة نحو السلامة العامة من شأنها حماية الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع".

وقالت: "نعمل بحزم ضد الإشغالات غير القانونية، ونُسرّع عمليات الإخلاء، ونحمي العائلات وكبار السن وأصحاب العقارات الشرفاء".

لكن المنتقدين ينظرون إلى هذه الخطوة باعتبارها حملة سياسية ذات عواقب وخيمة. ينقل التقرير عن فيتوريو مانيس، أستاذ القانون الجنائي بجامعة بولونيا إن "الاعتقاد بأن المزيد من العقوبة والمزيد من الوقت في السجن يؤدي إلى المزيد من الأمن هو وهم خطير".

في المقابل، رفض سيرجيو راستريللي، عضو مجلس الشيوخ عن حزب ميلوني "إخوة إيطاليا"، المخاوف من أن القانون الجديد سيُرسل المزيد من الأشخاص إلى السجن.

وقال: "ليس صحيحًا أن أنواعًا جديدة من الجرائم تزيد من عدد نزلاء السجون؛ بل على العكس، فهو يضع حدودًا واضحة ليدرك من يعتزم انتهاك القانون أنه سيُحاسب".

أيضًا، وبينما يُدرج قانون ميلوني الأمني أعمال الشغب في السجون كجريمة جنائية جديدة، وفي اليوم نفسه الذي وافق فيه مجلس الشيوخ على النسخة النهائية من القانون، ثار ما يصل إلى 200 سجين في سجن "ماراسي" بجنوة ردًا على اعتداء مزعوم على سجين، واقتحم السجناء أجزاءً من السجن، وتسلقوا الأسوار والأسطح، وألحقوا أضرارًا بالعديد من الزنازين وأصيب ضابطان. ولم تُخمد الاضطرابات إلا بعد تدخل شرطة مكافحة الشغب.