شهد نشاط التجارة الإلكترونية عبر الإنترنت في الولايات المتحدة، أكبر انكماش له منذ أكثر من عقد من الزمان، وأرجع الخبراء ذلك إلى ما وصفوه بسياسة الرسوم الجمركية العدوانية التي انتهجتها إدارة الرئيس الأمريكي ترامب مع بداية ولايته ضد عشرات الدول كان من أبرزهم الصين.
ومن المقرر أن تنتهي فترة التوقف المؤقت للرسوم الجمركية الجديدة لمدة 90 يومًا في 9 يوليو، حيث أشارت إدارة ترامب إلى أن الدول التي لم تُبرم اتفاقيات تجارية ثنائية بحلول هذا التاريخ ستواجه العودة إلى معدلات رسوم جمركية أعلى، قد تصل في بعضها إلى 50%.
المنتجات الرئيسية
وأثرت الرسوم الجمركية بشكل مباشر على عادات الشراء لدى المستهلكين واستراتيجيات تجار التجزئة، بحسب مجلة نيوزويك، وأظهر أحدث استطلاع، أن جميع قطاعات المنتجات الرئيسية تقريبًا شهدت انخفاضًا مزدوجًا في عمليات الشراء عبر الإنترنت على أساس سنوي.
وأكد أغلبية المستهلكين، الذين شملهم الاستطلاع، أنهم سيؤجلون عمليات الشراء أو حتى يحولون مشترياتهم إلى الموردين المحليين إذا استمرت أسعار الواردات في الارتفاع، حيث أفاد 66% من المشاركين أنهم سيبحثون عن خيارات محلية إذا ارتفعت الأسعار الخارجية بنسبة 10%.
عدم اليقين
وفي الوقت ذاته، كشف 34% منهم أنهم سيؤجلون عمليات الشراء عبر الإنترنت، بسبب عدم اليقين بشأن الأسعار، فيما قال 28% إنهم دفعوا ثمن المشتريات مبكرًا لتجنب تكاليف الاستيراد الإضافية، وأعرب 20 بالمائة فقط من المشاركين عن رغبتهم أو حاجتهم إلى شراء المنتجات الأمريكية عبر الإنترنت.
وأمام ذلك، أثبتت مبيعات البقالة فقط صمودها عبر الإنترنت، في مواجهة الرسوم الجمركية الجديدة، ولكن ليس من المتوقع معرفة إلى متى سيظل ذلك، في وقت سجل فيه الدولار الأمريكي أضعف بداية سنوية له منذ عام 1973، حيث انخفض بنسبة 10% حتى الآن في عام 2025.
ضغوط التضخم
وشهدت المشتريات عبر الإنترنت انخفاضات ملحوظة على أساس سنوي في عدة فئات رئيسية، وانخفضت السلع الرياضية بنسبة 12 نقطة مئوية، بينما انخفضت كل من مستحضرات التجميل والأثاث والإلكترونيات الكبيرة بنسبة 10 نقاط مئوية، وهو ما يمثل أول تراجع واسع النطاق في نمو فئة التسوق عبر الإنترنت منذ أكثر من عقد.
ويرى الخبراء، أن تلك الانخفاضات في المبيعات والشراء عبر الإنترنت، تعكس تحول واسع في سلوك المستهلكين، مدفوعاً بضغوط التضخم، وتطور أولويات الإنفاق، والعودة إلى التسوق داخل المتاجر، وخاصةً للسلع الهامة أو عالية الجودة، مشيرين إلى أن التعريفات الجمركية أحدثت تغييرًا فوريًا في سلوك المستهلكين.
وأشار خبراء الاقتصاد، لشبكة سي إن بي سي تعليقًا على الاستطلاع، إلى أن التعريفات الجمركية أصبحت مصدر لعدم اليقين الاقتصادي للمستهلكين بصورة كبيرة، حيث لا يجد المحللون قدرة على التنبؤ بالسياسة التجارية وأسباب العجز المالي المتزايد، مع تردد الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة.