رفضت المحكمة العليا الأمريكية، يوم الجمعة، الأوامر القضائية الفيدرالية التي كانت تمنع تطبيق الأمر التنفيذي للرئيس ترامب الذي يهدف إلى إنهاء حق المواطنة بالولادة، ويفتح هذا القرار الباب أمام تطبيقه في 28 ولاية أمريكية خلال 30 يومًا، بينما يشكل تهديدًا لمبدأ دستوري راسخ منذ أكثر من 160 عامًا، يمنح الجنسية الأمريكية لجميع الأطفال المولودين على الأراضي الأمريكية.
الخريطة القانونية
وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، تواجه الولايات المتحدة وضعًا قانونيًا متشظيًا، إذ تختلف قوانين الجنسية من ولاية لأخرى. بينما تواصل 22 ولاية بقيادة ديمقراطية مثل أريزونا وكاليفورنيا وماريلاند ونيويورك وواشنطن وكارولاينا الشمالية تحدي الأمر التنفيذي قضائيًا، ستشهد 28 ولاية أخرى مثل أركنساس وميسيسيبي وداكوتا الشمالية وتكساس تطبيقه بعد انتهاء فترة التأجيل البالغة 30 يومًا التي فرضتها المحكمة العليا.
وأصدرت ثلاث محاكم فيدرالية أحكامًا بإلغاء سياسة ترامب على مستوى الولايات المتحدية، لكن المحكمة العليا رفضت قدرة قاضٍ فيدرالي واحد على منع تنفيذ أمر رئاسي في كافة أنحاء البلاد. ومع ذلك، فتحت مسارات قانونية أخرى للطعن في الأمر التنفيذي، مما يعني أن المعركة القانونية لا تزال مستمرة.
سباق مع الزمن
يواجه المدافعون عن حقوق المهاجرين سباقًا مع الزمن لإعادة تنظيم استراتيجيتهم القانونية، واقترحت المحكمة العليا إمكانية رفع دعاوى جماعية كبديل قانوني، إذ يمكن لمجموعة من المدعين تمثيل فئة كبيرة من الأشخاص المتأثرين بالقرار.
وكما أوضح ستيفن يايل–لوهر، الباحث في قانون الهجرة بكلية الحقوق في جامعة كورنيل، لصحيفة نيويورك تايمز: "قرار المحكمة يعني أنه ما لم توافق محكمة على دعوى جماعية خلال الثلاثين يومًا القادمة، فيمكن لإدارة ترامب أن تبدأ في تنفيذ إلغاء حق المواطنة بالولادة."
وتحركت منظمات الحقوق المدنية بسرعة؛ حيث طلبت مجموعات من المدافعين عن المهاجرين من قاضٍ فيدرالي بميريلاند إصدار أمر طارئ لوقف تنفيذ القرار. كما أعادوا تقديم طلب للحصول على شهادة دعوى جماعية تشمل النساء الحوامل وكل طفل مولود لعائلة تفتقر للوضع القانوني الدائم، بغض النظر عن مكان إقامتهم.
ورفع الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية (ACLU)، إلى جانب مجموعات أخرى، دعوى جديدة تطالب بحصول الدعوى على صفة جماعية.
وأكّدت تيانا مايز، المديرة القانونية لصندوق مدافعي الديمقراطية: "الدستور يضمن حق المواطنة بالولادة، ولن يوقفنا أي قرار إجرائي عن القتال لدعم هذا الحق".
أطفال بلا جنسية
يثير الوضع الجديد مخاوف جدية حول ولادة أطفال عديمي الجنسية في الولايات المتحدة لأول مرة منذ عقود، إذ إن الأطفال المولودين لمهاجرين غير موثقين في الولايات الـ28 التي ستُطبق الأمر التنفيذي قد يُحرمون من الجنسية الأمريكية، مما يجعلهم عرضة للترحيل.
وبحسب الصحيفة، قد يحصل بعض هؤلاء الأطفال على جنسية أجنبية لوالديهم، إذا كانت بلادهم الأصلية تسمح بذلك. ومن بين الدول التي تسمح بالجنسية المشتقة من خلال الوالدين: المكسيك والبرازيل وبولندا. لكن إذا وُلد الطفل لوالدين من دول لا تعترف بالجنسية المشتقة، فقد ينتهي به المطاف عديم الجنسية.
وإذا وُلد طفل في ولاية تدعم قرار ترامب ضد حق المواطنة بالولادة، مثل تكساس، فلن يكون مؤهلاً للحصول على جواز سفر أمريكي أو المزايا الصحية والاجتماعية المتاحة للمواطنين فقط.
لا يقتصر تأثير الأمر التنفيذي على أطفال المهاجرين غير الموثقين فحسب، بل يشمل أيضًا أطفال الحاملين لتأشيرات مؤقتة مثل H‑1B. فمثلاً، الأطفال المولودون لوالد يحمل تأشيرة عمل مؤقتة قد يُحرمون من الجنسية الأمريكية.
ورغم أن هؤلاء الأطفال قد يرثون وضع والديهم كمهاجرين قانونيين مؤقتين، سيظل الحصول على المزايا صعبًا أو مستحيلاً، لكنهم لن يكونوا معرضين للترحيل.