أوقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشكل مفاجئ يوم الجمعة جميع المحادثات التجارية مع كندا، احتجاجًا على خطط أوتاوا لتحصيل ضرائب جديدة على الخدمات الرقمية من عمالقة التكنولوجيا الأمريكية، في تطور يهدد العلاقات مع أقرب حلفاء واشنطن، ويعكس انحياز إدارة ترامب لمصالح شركات التكنولوجيا.
شريك صعب
وصف ترامب الضرائب الكندية الجديدة المقرر تطبيقها يوم الاثنين بأنها "هجوم مباشر وصارخ على بلدنا" في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، واصفًا كندا بأنها شريك "صعب"، وفقًا لما ذكرته صحيفة واشنطن بوست.
وأضاف ترامب في مؤتمر صحفي منفصل: "لقد كانوا حمقى للقيام بذلك، لذا قلت إننا سنوقف جميع المفاوضات مع كندا الآن حتى يصححوا تصرفهم".
تستهدف الضرائب الكندية الشركات التي تحقق أكثر من 20 مليون دولار كندي من الخدمات الرقمية، وتطبق على الإيرادات المحققة من الأسواق الإلكترونية وخدمات وسائل التواصل الاجتماعي ومبيعات البيانات التي تشمل المستخدمين الكنديين، مما يؤثر على شركات ميتا وجوجل وأمازون وغيرها من الشركات الأمريكية.
يمثل هذا الموقف الحاد انقلابًا في نبرة ترامب مع رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، الذي استضافه في قمة مجموعة السبع للقادة العالميين الأسبوع الماضي.
وكان الثنائي قد سعيا هناك إلى إصلاح الخلاف الذي أثاره ترامب بدعواته المتكررة لضم كندا كولاية أمريكية رقم 51.
وأعلن كارني الأسبوع الماضي أن البلدين يسرّعان الجهود لتحقيق علاقة أمنية وتجارية جديدة، آملاً في إنجازها خلال 30 يومًا، إلا أنه عاد وأكد الجمعة، أنه لم يتحدث مع ترامب حول منشور تروث سوشيال بشأن الضرائب، وقال للصحفيين في أوتاوا: "سنواصل إجراء هذه المفاوضات المعقدة لصالح الكنديين" وفقا لما نقلته واشنطن بوست.
ضغوط شركات التكنولوجيا
مارست الشركات الأمريكية ضغوطًا قوية ضد الضرائب الكندية، إذ دعت مجموعة تجارية تمثل أمازون وآبل وميتا وجوجل في وقت سابق من هذا الأسبوع الممثل التجاري الأمريكي لفتح تحقيق في الضرائب الكندية، مقدرة أنها ستكلف الشركات الأمريكية مجتمعة بين 900 مليون و2.3 مليار دولار سنويًا، بحسب واشنطن بوست.
وأوضح مات شروررز، رئيس ومدير جمعية صناعة الكمبيوتر والاتصالات التي نشرت التحليل: "كندا شريك تجاري مهم، ولهذا السبب تشكل ضريبة الخدمات الرقمية التمييزية تهديدًا خطيرًا للتجارة الرقمية العابرة للحدود"، ومن المتوقع أن تكون الدفعات الأولى يوم الاثنين أعلى، حيث ستُفرض الرسوم بأثر رجعي على الإيرادات منذ عام 2022.
سياسة ترامب التجارية
استخدم ترامب السياسة التجارية الأمريكية كأداة لانتزاع التنازلات من البلدان الأخرى منذ توليه المنصب في يناير، معلنًا النصر غالبًا حتى وهو يتراجع عن بعض إجراءاته الأكثر عدوانية.
وقال إن هدفه محو الاختلالات المستمرة في التجارة العالمية، رغم تحذيرات الاقتصاديين والشركات من أن زيادة التعريفات ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار للمستهلكين.
وبرز قادة التكنولوجيا، الذين كانت لهم علاقة متوترة مع ترامب سابقًا، كأبرز مؤيديه وحلفائه خلال فترته الثانية، إذ ضخت شركات أمازون وجوجل وميتا ملايين الدولارات في صندوق تنصيبه، وجلس جيف بيزوس وتيم كوك ومارك زوكربيرج وسوندار بيتشاي بالقرب من عائلته أثناء حفل التنصيب، وفقًا لواشنطن بوست.
تأتي هذه التطورات في وقت أشارت فيه الإدارة إلى استعدادها لتمديد المفاوضات التجارية مع البلدان التي كان لديها حتى أوائل يوليو للتوصل إلى صفقة تجنبها التعريفات المخططة.
وكان ترامب قد تعهد بفرض تعريفة شاملة بنسبة 10% على جميع الواردات، مع زيادة حادة في التعريفات على الصين.
وأشار إرني تيديسكي، الذي عمل اقتصاديًا في إدارة بايدن، إلى أن معدل التعريفة الجمركية على الواردات قفز منذ تولي ترامب المنصب من 2.5 إلى 15.8%، وهو الأعلى منذ قرن تقريبًا.
رغم ذلك، سلط دانيال كيشي من مجموعة البوصلة الأمريكية الضوء على أن التضخم يواصل الانخفاض وأن مؤشر S&P 500 وصل مؤخرًا إلى أعلى مستوى جديد، رغم مخاوف الاقتصاديين من التعريفات.