الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

قصرا وتحت تهديد السلاح.. الهند تواجه اتهامات بسبب سياسة الترحيل

  • مشاركة :
post-title
جانب من حملات الترحيل الجماعي في الهند

القاهرة الإخبارية - مصطفى لبيب

على مدى الشهرين الماضيين، صعّدت الحكومة الهندية من حملات الاعتقال للآلاف من المواطنين، بزعم أنهم مهاجرين غير شرعيين، إذ يتم ترحيلهم قصرًا عبر الحدود في جوف الليل، دون إجراءات قانونية وتحت تهديد السلاح، وتركهم للموت في الغابات وقاع الأنهار.

وتأتي الحملة المتصاعدة ضد ما يُسمى بـ"البنجلاديشيين غير الشرعيين" من قبل حكومة حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي الحاكم، في أعقاب هجوم شنه مسلحون في منطقة كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، أبريل 2025، الذي أسفر عن مقتل 25 سائحًا هندوسيًا ومرشدًا سياحيًا، وتعهدت الحكومة بطرد من وصفتهم بـ"الغرباء".

اعتقالات متزايدة

وتزايدت الاعتقالات الجماعية مع إطلاق عملية سندهور، مايو الماضي، عندما شنت الهند ضربات على باكستان المجاورة، التي ألقت عليها اللوم في الهجوم المسلح في كشمير وتعهدت بالقضاء على الجماعات الإرهابية، التي تستهدف الهند، ورحل مئات الأشخاص، معظمهم مسلمون، من العاصمة دلهي، ومن ولايات جوجارات وراجستان وماهاراشترا، بحسب الجارديان البريطانية.

وزعمت الشرطة الهندية في مدينة في جوجارات، أنها اعتقلت أكثر من 6500 شخص يُشتبه في كونهم "مواطنين بنجلاديشيين"، وتم اقتياد الآلاف في الشوارع، لكن جماعات حقوق الإنسان اتهمت الحكومة الهندية بترحيل مواطنين هنود أيضًا، ويرجع ذلك إلى عدم السماح لهم باتخاذ الإجراءات القانونية ليثبتوا جنسيتهم، ما يدفع بنجلاديش لإعادتهم مرة أخرى.

عدد من المواطنين تم اعتقالهم تمهيدا لترحيلهم
عمليات الطرد

وشهدت ولاية آسام، شمال شرق الهند، أوسع عمليات الاستهداف والترحيل، خلال الأسابيع الأخيرة، ووصف ناشطون عمليات الطرد بأنها تصعيد مقلق لعملية طويلة الأمد، إذ يتم استدعاء من وصفوهم بـ المتسللين إلى محاكم الأجانب، لإثبات أنهم ولدوا في الهند أو وصلوا قبل عام 1971، وبسبب ذلك تم وضع الآلاف منهم في مراكز الاحتجاز.

في تلك الولاية يتعين على المسلمين فقط إثبات جنسيتهم بعد أن أعفت حكومة الولاية الهندوس والسيخ وأصحاب الديانات الأخرى من هذا الإجراء، وصرّح رئيس وزراء الولاية هيمانتا سارما، بأن طرد الأجانب غير الشرعيين أصبح سياسة تتبعها الولاية تلقائيًا، مشددًا على أن هذا الإجراء سيتم تكثيفه وتسريعه الفترة المقبلة.

تهديد السلاح

وانتقد محامون وجماعات حقوق الإنسان، بحسب الـ "بي بي سي"، تلك الإجراءات الهندية، متهمين الهند بأنها بدلًا من اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، يتم إجبار المواطنين وبينهم هنود، على مغادرة بلادهم إلى بنجلاديش دون موافقة مسبقة، إذ تتعارض تلك الإجراءات مع القانونين الدولي والوطني الهندي.

ومنذ ذلك الحين، أعاد حرس الحدود البنجلاديشيون نحو 200 شخص إلى الهند بعد أن تبين أنهم مواطنون هنود، تعرضوا للتهديد بالسلاح من قبل قوات أمن الحدود الهندية، واضطر بعضهم إلى السير لأميال عبر تضاريس خطيرة للعودة إلى ديارهم، وهو ما دفع الخارجية في بنجلاديش للتدخل.

هزيرة خاتون إحدى المرحلين
معاملة غير آدمية

وأرسلت الحكومة في بنجلاديش إلى نظيرتها الهندية عدة رسائل للسلطات الهندية، تحثها على التوقف عن إرسال أشخاص عبر الحدود دون التشاور معهم والتدقيق في بيانات الأشخاص المرحلين، لكن في المقابل امتنعت الحكومة الهندية عن الرد.

كان من بين المرحلين هزيرة خاتون، البالغة من العمر 62 عامًا، التي ألقت الشرطة الهندية القبض عليها، 25 مايو، وفي اليوم التالي تم وضعها في شاحنة مع 14 شخصًا مسلمًا آخرين، وتم اقتيادهم إلى الحدود ليلًا ومن هناك أجبروها على عبور الخدود، مشيرة إلى أنهم عاملوهم كالحيوانات.

انحراف انساني

وتعاني "خاتون" إعاقة جسدية، وبحسب الصحيفة تمتلك وثائق تثبت أن جيلين من عائلتها ولدوا في الهند، لكن الحكومة الهندية والقوات رفضوا الإعتراف بذلك وهددوها بإطلاق النار عليها إذا لم تعبر الحدود، وهناك احتجزها الحرس البنجلاديشي في مخيم ولم يسمح لهم بالبقاء في البلاد كونهم مواطنون هنود.

واضطرت السيدة المسنة ورفقاؤها للسير عبر الغابات والأنهار، وعادت في النهاية إلى قريتها، 31 مايو، ووفقًا لعائلتها، كانت مغطاة بالكدمات ومصابة بصدمة نفسية عميقة، لكن ليس جميع المواطنين الهنود تمكنوا من العودة إلى ديارهم في الهند، ويرجع ذلك إلى الإعاقات الجسدية والضائقة المالية والخوف من القتل.

ويُعتقد أن نحو 100 شخص ممن اعتُقلوا مؤخرًا ما زالوا في عداد المفقودين، وفقًا لناشطين حقوقيين، وأدان المدير العام لحرس الحدود في بنجلاديش، تلك السياسة الهندية، ووصفها بأنها انحراف عن الحكم الإنساني، إذ يتم التخلي عن المواطنين في الغابات وإجبار النساء والأطفال على النزول في الأنهار.